لجان المقاومة في السودان: محاولات الاستقطاب والاستقطاب المضاد

لجان المقاومة في السودان: محاولات الاستقطاب والاستقطاب المضاد

13 نوفمبر 2019
قامت لجان المقاومة بتنظيم الحراك الشعبي في السودان (Getty)
+ الخط -
يدور جدل كثيف في السودان، هذه الأيام، حول مستقبل لجان المقاومة التي تتعرض لمحاولات استقطاب حادة، شاركت فيها أحزاب كثيرة؛ بما في ذلك حزب "المؤتمر الوطني" الذي ينتمي إليه الرئيس المعزول عمر البشير.

ولجان المقاومة هي تنظيمات قاعدية تأسست، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتم الاعتماد عليها كلياً في تحريك الأحياء في الخرطوم العاصمة، وغيرها من المناطق خلال الثورة التي هدفت لإسقاط نظام البشير، وجرى تشبيكها بشكل نهائي، في السادس من إبريل/نيسان الماضي، وهو اليوم الذي بدأ فيه الاعتصام بمحيط قيادة الجيش السوداني.


وبعد سقوط النظام، في إبريل/نيسان، بدأت أحزاب عدة في محاولات الهيمنة والاستحواز على تلك اللجان، نظراً لقدرتها على تحريك الشارع والضغط على الحكومة، عدا عن دورها بتقديم الخدمات داخل الأحياء، خاصة بعد أن حلت مكان اللجان الشعبية التي كانت تشرف على الخدمات، كما أنّ هناك رهانا كبيرا عليها خلال الانتخابات المقبلة.

وشملت محاولات استقطاب لجان المقاومة، أغلب الأحزاب السياسية، بما في ذلك حزب البشير الذي تم رصد وجود أنصاره في بعض اللجان، لكن يظل "الحزب الشيوعي"، بحسب تقديرات الكثيرين، هو صاحب القدر الأكبر من محاولات الهيمنة على لجان المقاومة.

غير أنّ الأمر الذي أثار قلقاً أكبر بشأن تلك اللجان، هو ما تسرب من أنباء عن اجتماعات عقدها عضو مجلس السيادة وقائد قوات "الدعم السريع"، الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، مع عدد من رموز لجان المقاومة، بحضور مدير جهاز المخابرات الفريق أبوبكر دمبلاب، إذ أثارت تلك الاجتماعات مخاوف من شق صف لجان المقاومة بواسطة المكون العسكري لتحقيق طموحات مكتومة من جانب العسكر.

كل ذلك دفع بـ"تجمع المهنيين السودانيين" لعقد مؤتمر صحافي، أمس الثلاثاء، تحدث فيه القيادي الأبرز بالتجمع محمد ناجي الأصم، واتهم فيه حميدتي ودمبلاب صراحة بالقيام بـ"محاولات استدراج واستمالة لجان المقاومة".

وأضاف الأصم أنّ التجمع يرفض "الهجمة الشرسة التي تتعرض لها لجان المقاومة ومحاولات تفكيكها"، مشيراً إلى أن "التجمع يقف في خندق واحد مع لجان المقاومة حتى استكمال كافة أهداف الثورة"، مبيناً أن "قوة لجان المقاومة تكمن في استقلاليتها وفي كونها تمثل إرادة القواعد في الأحياء والمناطق المختلفة".

وأعلن الأصم "إدانته لكافة محاولات الاستقطاب والاستقطاب المضاد من بعض الجهات الحزبية التي تتعرض لها لجان المقاومة"، مشيراً إلى أنّ تلك الجهات "عملت على خلق صراعات تؤثر في وحدة وتماسك اللجان".


وأضاف أنّ "كافة قوى الثورة، وخلال مراحل الثورة المختلفة، عملت بإرادة سودانية بحتة وتمويل ودعم سوداني خالص، وأي محاولة للتمويل الخارجي للجان المقاومة، أو لأي مكون من مكونات الثورة الأخرى، شيء مرفوض، مع الإيمان المطلق بأنّ مسار التغيير في السودان يجب أن يستكمل بالإرادة السودانية الخالصة".


وكان وزير الحكم المحلي والاتحادي، قد قرر إتاحة الفرصة للمواطنين في الأحياء لتشكيل لجان باسم "لجان التغيير والخدمات" تحت إشراف لجان المقاومة، ومع المحافظة على استقلالية اللجان.


ويقول زهير الدالي وهو أحد قادة لجان المقاومة بمنطقة شرق النيل في الخرطوم، إنّ "لجان المقاومة ستظل تتمسك بالاستقلالية التامة ما يجعلها عصية على الاستغلال والاستمالة"، ويتابع أنّ "تلك اللجان هي خط الدفاع الأول عن مبادئ الثورة والقصاص لدماء الشهداء".

وأضاف الدالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "لجان المقاومة تدعم الحكومة في حدود تحقيق مطالب الثورة، لكنها لن تصير جزءاً منها ولا جزءاً من أي تنظيم سياسي آخر"، مؤكداً فشل كل محاولات استقطابها، مشيراً إلى أنّ "كل الأحزاب حاولت اختراق لجان المقاومة بما في ذلك حزب البشير الذي ولج بواجهات مختلفة وبطريقة غير مباشرة.

وأوضح أنّ "اجتماع حميدتي ودمبلاب والذي قيل إنّه بمشاركة قادة من لجان المقاومة فيه، ليس صحيحاً لأنّ تلك اللجان التي شاركت هي لجان مصنوعة"، مبدياً استنكاره للاجتماع مع قيادات قد تكون متورطة في مجزرة فض اعتصام الخرطوم، في يونيو/حزيران الماضي.


ويبدي الصحافي محمد مختار استغرابه "الضجة التي أثيرت حول اجتماع لجان مقاومة مع عضو مجلس السيادة ومدير المخابرات"، قائلاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاجتماع جاء في سياق الشراكة القائمة بين الحرية والتغيير والعسكريين"، وإنّ "أي انتقادات لذلك تعني تخريب تلك الشراكة والعلاقة بين المدنيين والعسكر".


وأضاف مختار أنّ "ما يحدث داخل لجان المقاومة هو صراع سياسي بين مكونات الحرية والتغيير التي عليها تلافيه بأسرع ما يكون"، مشيراً إلى أنّ محاولات "التكويش" على لجان المقاومة "بدأت منذ اليوم الأول لاعتصام محيط قيادة الجيش، فيما حاولت كل الأحزاب تحريكها لتحقيق أجنداتها"، محذراً من أنّ "استمرار ذلك الصراع سيكون له تأثيره السلبي على كل الفترة الانتقالية".