على وقع التظاهرات... مسؤولون عراقيون يتحصنون داخل المنطقة الخضراء

على وقع التظاهرات... مسؤولون وسياسيون عراقيون يتحصنون داخل المنطقة الخضراء

11 نوفمبر 2019
عادت المنطقة لما كانت عليه قبل سنوات(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
على خلفية التظاهرات العراقية في بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد والتي صاحبتها احتجاجات أمام منازل المسؤولين العراقيين وزعماء الأحزاب والنواب في البرلمان، عادت مجدداً المنطقة الخضراء إلى ما كانت عليه قبل سنوات، حيث تكتظ بمنازل المسؤولين وأسرهم ومكاتبهم، وتُعتبر اليوم المنطقة الأكثر تحصيناً في العاصمة، بعد إعادة السلطات العراقية إغلاقها مجدداً بالكتل الإسمنتية، عقب قرار بفتحها منتصف العام الجاري، واعتُبر كإنجاز لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

وكانت منازل المسؤولين العراقيين موزعة في مناطق الجادرية والمنصور والحارثية والكرادة، حيث انتقلوا إليها منذ سنوات إثر التحسن الأمني الكبير الذي فرضته هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي، بشكل سمح لهم باستئجار منازل فارهة أو شرائها داخل الأحياء السكنية الراقية بالعاصمة، وهو ما أثار مشاكل وشكاوى كثيرة لدى سكان تلك الأحياء بسبب تصرفات أفراد حماية المسؤولين، أو عسكرة المنطقة وإقلاق هدوئها، وهي تنفست منذ أسابيع الصعداء، فوفقاً لمسؤول بوزارة الداخلية العراقية أن نحو 100 مسؤول حكومي ونائب وزعيم سياسي عادوا للمنطقة الخضراء للاستقرار داخلها خلال الأسبوعين الماضيين، مبيناً أن المسؤولين لديهم خشية من تظاهرات المواطنين ضدهم أمام منازلهم، والأمر ذاته في الجنوب، فهناك من غادر وعاد للمنطقة الخضراء.

وعاد إلى المنطقة الخضراء أيضاً، التي تضم مقر السفارتين الأميركية والبريطانية ومركز عمليات التحالف الدولي ضد الإرهاب، فضلاً عن المقرات الرسمية المهمة في البلاد، رئيس الوزراء بعد أن نقل مكتبه خارجها عقب منحه الثقة رئيساً للحكومة في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2018، حيث نقل مكتبه ومقر اجتماعاته في منطقة العلاوي، لكنه قضى الاجتماعات الستة الأخيرة للحكومة داخل المنطقة الخضراء.


وتسببت العودة المفاجئة للمسؤولين بأزمة سكن جديدة داخل المنطقة الخضراء، التي تضم مئات الوحدات السكنية المملوكة لمواطنين عراقيين تدفع لهم الحكومة أجوراً رمزية منذ الاحتلال الأميركي للبلاد، بعد إغلاق المنطقة وإحاطتها بالأسوار الإسمنتية واعتبارها مقرا لجيش الاحتلال الأميركي ثم مقراً للحكومة المؤقتة.

ووفقا لمصادر داخل المنطقة الخضراء، فإن حركة ترميم وتعمير واسعة أيضاً تشهدها بعض المنازل والشقق السكنية فيها.

ويقول عضو التيار المدني محمد حقي الدراجي لـ"العربي الجديد"، إنهم عادوا إلى رحم الاحتلال الأول"، في إشارة إلى المنطقة الخضراء، ويضيف: "هذا دليل كافٍ على أنهم يعلمون حجم إجرامهم وفسادهم وهربوا حتى قبل أن تصل التظاهرات إلى مناطقهم، وتحصنوا في المنطقة التي أوجدها الأميركيون ومنها أسس العملية السياسية التي نعاني منها اليوم"، مستدركاً بالقول: "حتى عشائرهم لم تستقبلهم أو توفر الأمن لهم، لكن السؤال أين أعضاء أحزابهم؟".

وأشار الى أن "التحصن داخل الخضراء لم ينحصر بالمسؤولين الذين كانوا أساساً يسكنون فيها قبل التظاهرات، بل حتى المسؤولين الذين لم يسكنوا فيها، والذين يخشون غضب الشارع، خصوصاً المتورطين منهم بملفات فساد".

وأثار تنقل المسؤولين المتورطين بالفساد، وتغيير أماكنهم سخرية الشارع والسياسيين، وقال الناشط العراقي، علي الغزي، وهو أحد المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد لـ"العربي الجديد"، إن "المخاوف التي يعيشها المسؤولون المتورطون بالفساد جعلتهم يبحثون عن مكان آمن يتحصنون به من غضب الشعب، بعدما خسروا قواعدهم الشعبية وحتى عشائرهم"، مشيراً إلى أن "تنقلات هؤلاء والبحث عن مكان آمن وتشديد الحراسات حول أنفسهم، تثير السخرية، حيث إنهم يخشون غضب الشعب، في وقت كانوا يدعون أن الشعب هو الذي اختارهم".

وأكد أن "هؤلاء لن يجدوا لهم مأمناً بعد اليوم في العراق، بعدما تصاعدت نسبة الوعي الشعبي، الذي نبذ كل الفاسدين".

المساهمون