الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ15 لاستشهاد عرفات: مواجهات وفعاليات شعبية

الفلسطينيون يحيون الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد عرفات: مواجهات وفعاليات شعبية

11 نوفمبر 2019
عروض كشفية وشبابية في ذكرى استشهاد عرفات(العربي الجديد)
+ الخط -
أحيا آلاف الفلسطينيين، اليوم الاثنين، الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بمسيرات جماهيرية حاشدة وبمواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، فيما أصيب عدد من الفلسطينيين واستشهد آخر خلال مواجهات شهدتها عدة مناطق من محافظة الخليل.
وأصيب عشرات الفلسطينيين في محافظة الخليل، اليوم، بالاختناق والرصاص، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال، عقب خروج مسيرات طلابية وشعبية في مناطق متفرقة من محافظة الخليل، إحياءً لذكرى استشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات التي تُصادف اليوم.
واستشهد خلال تلك المواجهات الأسير المحرر عمر هيثم البدوي (22 عاما) من مخيم العروب في الخليل، بعد إصابته بجروح خطرة برصاص الاحتلال الحي في البطن، ونقل إلى المستشفى، لكنه استشهد بعد وقت قصير على وصوله، فيما أصيب عشرات الطلبة والأهالي بالاختناق بالغاز المسيل للدموع.
وتؤكد مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن البدوي حاول إطفاء عمود كهرباء بجانب منزلهم في مخيم العروب اشتعل على إثر المواجهات المتواصلة بين طلاب مدارس مخيم العروب وجيش الاحتلال، لكن أحد الجنود أطلق عليه الرصاص الحي، وتركه ينزف لفترة طويلة، ومنع إسعافه من قبل طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، مما اضطر الأهالي لسلك طرق داخلية وفرعية في المخيم لنقله بمركباتهم الخاصة إلى المشفى.
وطالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، الأمم المتحدة بتأمين الحماية الدولية العاجلة لأبناء الشعب الفلسطيني. ودعا عريقات، في بيان له، مساء اليوم، المدعية العامة للجنائية الدولية إلى "مشاهدة جريمة الإعدام الميداني البشعة والمتعمدة للشهيد الأعزل عمر البدوي من مخيم العروب، والتحرك فوراً نحو فتح تحقيق جنائي في جرائم الحرب الممنهجة والمتواصلة التي ترتكبها سلطة الاحتلال بحق المدنيين العزّل".

وفي مخيم الفوار، جنوب الخليل، أصيب فتى بالرصاص الحي في فخذه، وهو طالب في الثانوية العامة، حيث قال محمد الجعبري من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في الخليل لـ"العربي الجديد": "إنه جرى نقل الفتى المصاب نتيجة المواجهات التي اندلعت عند مدخل مخيم الفوار مع الاحتلال، من قبل طواقم الهلال الأحمر إلى مشفى الخليل الحكومي لتلقي العلاج".
إلى ذلك، أصيب فتى فلسطيني في بلدة بيت أمر شمال الخليل برصاص مطاطي في القدم خلال مواجهات اندلعت مع الاحتلال في منطقة الظهر بالقرب من مستوطنة "كرمي تسور" المقامة على أراضي بيت أمر.
وقال الناشط الإعلامي في بيت أمر، محمد عوض لـ"العربي الجديد"، "إن فتى أُصيب بالرصاص المطاطي في القدم، وتم نقله من قبل الشبان إلى أحد المشافي، كما أصيب المواطنون بالاختناق عقب إطلاق جنود الاحتلال قنابل الغاز صوبهم".
وفي بلدة سعير شمال شرق مدينة الخليل، خرج مواطنون عقب مشاركتهم في فعالية مركزية لإقليم حركة فتح شمال الخليل لإحياء ذكرى استشهاد الرئيس أبو عمار، إلى نقاط التماس مع الاحتلال في البلدة، ما أدى لاندلاع مواجهات مع الاحتلال عند مفترق "بيت عانون" وهو المدخل الجنوبي لسعير، وفي منطقة الدوارة القريبة، بالإضافة إلى منطقة واد خميس بمحاذاة الطريق الالتفافي المسمى بخط (60) غرب سعير.

وفي البيرة، أصيب عشرات الفلسطينيين، اليوم الاثنين، خلال مواجهات شهدها محيط حاجز "بيت إيل" العسكري المقام عند المدخل الشمالي للمدينة، وسط الضفة الغربية المحتلة، خلال فعاليات إحياء الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد عرفات.

وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان مقتضب، "تعاملت طواقمنا خلال مواجهات حاجز (بيت إيل) المقام على مدخل مدينة البيرة الشمالي، مع 48 إصابة بينها 35 إصابة بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، و9 إصابات بجروح بالرصاص المطاطي، و3 إصابات بالحروق، وإصابة بجروح بالرصاص الحي في منطقة القدم".

كما ذكرت مصادر صحافية أنّ عدداً من طلبة مدرسة الأوائل في حي المصايف بمدينة رام الله أصيبوا بالاختناق، نتيجة انتشار الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال خلال مواجهات البيرة.

إلى ذلك، قالت مصادر صحافية لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوات الاحتلال اعتقلت، عصر اليوم الاثنين، فتاة فلسطينية (لم تعرف هويتها) خلال مواجهات اندلعت على المدخل الشمالي لمدينة البيرة.

في هذه الأثناء، شهدت عدة مناطق من الضفة الغربية فعاليات جماهيرية ومسيرات إحياء للذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد عرفات، حيث نظمت حركة "فتح" فعالية مركزية بهذه المناسبة في مدينة رام الله وسط الضفة بمسيرة شارك فيها الآلاف، وتقدمها شبان وشابات الشبيبة الفتحاوية حاملين صور عرفات.



وانطلقت المسيرة بعروض كشفية وأخرى شبابية لشبان ملثمين يحملون أعلام حركة فتح والأعلام الفلسطينية، وصولا إلى ضريح الراحل عرفات، حيث قرأ الفلسطينيون الفاتحة على قبره الواقع في مقر الرئاسة برام الله، ووسط العروض الكشفية هتف المشاركون بهتافات اشتهرت وقت حوصر أبو عمار في مقر الرئاسة في انتفاضة الأقصى مثل: "أبو عمار قالها فتح واحنا رجالها، أبو عمار صرح تصريح يا جبل ما يهزك ريح"، فيما هتف آخرون: "فليسقط غصن الزيتون ولتحيَ البندقية".
وقال القيادي الفتحاوي ورئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، لـ"العربي الجديد"، أثناء المسيرة، "إن ياسر عرفات رمز للحركة الوطنية الفلسطينية، ورمز للكفاح الوطني، ترك إرثا من القيم والمعاني التي قامت عليها الحركة الوطنية من مثل قيم التعاون والتعدد والحريات والديمقراطية والمقاومة؛ كأساس متين تقوم عليه الحركة الوطنية"، مؤكدا أن الفلسطينيين بحاجة أكثر لكل تلك القيم في ظل تصدع الكثير من القيم التي ناضل من أجلها عرفات.

المشاركون في المسيرة من أجيال مختلفة ومنهم من كان طفلا حين استشهاده، ومنهم من أصبح مسنا الآن، أكدوا افتقادهم عرفات، وأسلوب قيادته، وأن عرفات كان ليحدث فرقا لو كان ما زال في القيادة.

تيما رفاعي، طالبة جامعية، كانت بعمر ست سنوات حين اغتيل عرفات، تروي لـ"العربي الجديد" أنها تذكر مرة حين احتضنها أبو عمار، لم تكن تعرف الكثير حينها، لكنها اليوم تقول: "إن عرفات هو الأب المؤسس، لو كان موجودا فثمانين في المئة مما يحصل لنا الآن لما حصل، هناك فرق بين عقلية أبو عمار وما هو سائد الآن، لقد كان سياسيا ثوريا، والقضية الفلسطينية لا يمكن أن تحل إلا بطريقة واحدة هي الثورة".

ويقول إبراهيم العجوري، ناشط فتحاوي، لـ"العربي الجديد": "عرفات سيبقى يعني للفلسطينيين حتى بعد ألف عام، لأنه زرع الوحدة الوطنية والطريق للدولة الفلسطينية، لو كان موجودا لتغير الكثير، فالسياسة التي كان ينتهجها عرفات هي المواجهة مع الاحتلال، ولم يكن ليسمح بتأثر الوحدة الوطنية".

ومن الجيل الأقدم حضر الحاج عصام وشاح (73 عاما) من جبل المكبر في القدس، حيث يقول لـ"العربي الجديد": "عرفات ملخص القضية الفلسطينية، هو مؤسس حركة فتح، والمقاتل في لبنان والأردن، والذي حوصر في رام الله، كنا نتمنى من القوى أن تواصل بعده الوحدة الوطنية، عرفات والشيخ أحمد ياسين لم يسمحا بما حصل للوحدة الوطنية".

وإلى الشمال من الضفة الغربية، نظمت حركة فتح فعاليات مختلفة إحياءً لذكرى رحيل عرفات، حيث افتتح "دوار الشهيد ياسر عرفات" وسط مدينة قلقيلية، تخليدا لذكراه، كما جرى تنظيم مهرجان مركزي بهذه المناسبة وسط المدينة إحياء لهذه الذكرى.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، في كلمته، إن "الفلسطينيين ما زالوا على عهد عرفات، فهذه الذكرى توحد الشعب الفلسطيني، لمواجهة التحديات الجسام التي يتعرض لها".

بينما أكد الأحمد استعداد حركة فتح لإجراء الانتخابات، بوصفها الطريقة الأمثل لإنهاء الانقسام وطي صفحته، لما له من آثار سلبية على القضية الفلسطينية، مشددا على أن حياة عرفات كانت تتلخص في الحفاظ على الدم الفلسطيني، وأن مسيرته وخطاباته لم تخلُ يوما من الحديث عن الوحدة الوطنية.

أما في سلفيت، فقد نظم الفلسطينيون احتفالا مركزيا، ألقى فيه محافظ سلفيت اللواء عبد الله كميل، كلمة قال فيها: "علينا أن نستوحي من تاريخ عرفات وفكره المشرف، الإرادة والإيمان بحتمية الانتصار وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، أبو عمار صنع (ثورة المستحيل) في ظل ظروف صعبة مر فيها الشعب الفلسطيني في مخيمات الشتات واللجوء، ليؤسس أكبر حركة تحرر على مستوى العالم".

وفي طولكرم وجنين، وضعت شخصيات فلسطينية رسمية وحزبية إكليلا على النصب التذكاري لعرفات وسط المدينتين، إيذانا بإطلاق فعاليات إحياء ذكراه، واحتفالات بإعلان الاستقلال الذي يصادف الخامس عشر من الشهر الجاري.

وفي مدينة أريحا شرق الضفة الغربية، خرجت مسيرة جماهيرية حاشدة جابت شوارع المدينة إحياء لذكرى استشهاد أبو عمار، ورفعوا صور عرفات وأعلام فلسطين ورايات حركة فتح، فيما صدحت مكبرات الصوت بأغان تمجد عرفات وذكراه.

(شارك في التغطية من الخليل ورام الله: فاطمة مشعلة، جهاد بركات، سامر خويرة، محمود السعدي)