وزير الداخلية الليبي يتهم روسيا بتأجيج الصراع في بلاده

وزير الداخلية الليبي يتهم روسيا بتأجيج الصراع في بلاده

10 نوفمبر 2019
باشاغا يتهم موسكو بإعادة نظام القذافي(ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -
اتّهم وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا، روسيا بتأجيج حرب مستمرة منذ أشهر في بلاده، داعياً في الوقت نفسه، الولايات المتحدة إلى تعزيز جهودها لتسوية الصراع الدائر هناك.

وقال باشاغا، لوكالة "بلومبيرغ"، قبل وصوله بساعات إلى واشنطن في زيارة رسمية، أمس السبت، إنّ "التعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب مستمر بعد سلسلة من الغارات الجوية المدمرة على مواقع تنظيم داعش الشهر قبل الماضي"، مشيراً إلى أن "هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس قوض جهود الحكومة في هذا الاتجاه ووفر أرضية خصبة لإعادة تجمع التنظيمات الإرهابية".

واتّهم باشاغا موسكو بـ"تعميق الأزمة الليبية وتأجيج الصراع عبر نشر جيش الظل الروسي (فاغنر) في البلاد كما فعلت في سورية ووسط أفريقيا"، مشيراً إلى أن نتائج وجود هذا الجيش "الدمار أينما حل".

ولفت الوزير الليبي، إلى أنّ موسكو تسعى أيضاً إلى إعادة بقايا نظام العقيد الراحل معمر القذافي إلى السلطة في ليبيا، مشدداً في المقابل على ضرورة أن تتعاون واشطن مع الليبيين لاستعادة الأمن والاستقرار.


عُملات مالية مزورة قادمة من روسيا

وجاءت تصريحات الوزير تزامناً مع دعوة حكومة الوفاق للبنك المركزي في ليبيا إلى "التصدي للعملة المزورة ومنع طباعتها وإصدارها وتحذير المصارف التجارية من تداولها أو قبولها أو التعامل معها"، في إشارة للكميات النقدية التي طبعتها روسيا لصالح فرع البنك المركزي، شرق البلاد، الواقع تحت سيطرة حفتر.

وشددت الحكومة على ضرورة اتخاذ البنك المركزي "كافة الإجراءات القانونية اللازمة للمحافظة على استقرار العملة الوطنية ومواجهة خطر طباعة العملة خارج الأطر القانونية المعمول بها".

وجاء القرار بعد أيام من إعلان السلطات المالطية حجز كميات كبيرة من أوراق النقد الليبية المطبوعة قادمة من روسيا، كانت في طريقها إلى مقر البنك المركزي في البيضاء.

ودون أن يعتبره تدخلاً روسيا في ليبيا، أعلن رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، خلال لقاء أجرته معه قناة "فوكس نيوز" الأميركية على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، العثور على مقتنيات خاصة بمرتزقة روس يقاتلون في صفوف قوات حفتر في محيط طرابلس الجنوبي.

وبعد تزايد تقارير في الصحف الأميركية عن مشاركة "فاغنر" الروسية في القتال إلى جانب قوات حفتر، جنوب طرابلس، نفى نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، الخميس الماضي، صحة تلك الأنباء، واصفاً الأمر بـ"المزاعم العارية من الصحة".

لكن السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، عبر عن قلق بلاده، أثناء لقائه بوزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، الخميس الماضي، بشأن تصاعد تورط الجهات الخارجية والمرتزقة في ليبيا، ما اعتبره مراقبون إشارة أميركية لمرتزقة "فاغنر" الروسية.

تصعيد تجاه موسكو

يرى الباحث الليبي في الشؤون السياسية، مروان ذويب، أن مواقف الحكومة الجديدة من روسيا أخذت منحى التصعيد وبدأت تستخدم أوراق الضغط على موسكو من أجل تغيير موقفها المائل لدعم حفتر بشكل غير رسمي، لافتاً إلى أن الحكومة تدرك جيداً دوافع الموقف الروسي الذي يحمل في طياته أمرين أساسيين.

وأوضح ذويب رأيه، لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر الأول يتعلق بإرسال رسائل ضمنية للمجتمع الدولي من خلال إرسال وحدات من مجموعة فاغنر إلى ليبيا للقول بأنها موجودة ولا يمكن استثناؤها من أي مشاورات حول ليبيا وبالتالي ضرورة إشراكها في تقاسم أي حل للأزمة الليبية".

وتابع "أما الأمر الثاني فهو للمحافظة على مصالحها الاقتصادية في ليبيا وأغلب مواقع هذه المصالح في الأراضي الواقعة تحت سيطرة حفتر"، مرجحاً أن "تكون قد خضعت لابتزاز الدول الداعمة لحفتر كالإمارات ومصر".

ويعتبر ذويب أنّ "الحكومة حتى الآن تستخدم وسائل دبلوماسية للضغط من ناحية، وفتح مجال للتواصل مع موسكو كما فعلت أثناء مشاركة رئيس الحكومة فائز السراج في قمة سوتشي الماضية، التي وقّع على هامشها عقوداً لاستيراد القمح الروسي وأخرى على علاقة بالطاقة".


توجه جديد لحكومة الوفاق

لكن أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، خليفة الحداد، يرى في تصريحات باشاغا، وهو في الطريق لتلبية دعوة لزيارة واشنطن "توجها جديدا للحكومة قد ينتهي بتصعيد أكثر حدة مع موسكو"، مشيراً إلى أن حديث الوزير وإعلان الحكومة كانا متزامنين.

ويوضح الحداد بالقول إن "الدعم الروسي لحفتر لم يتوقف عند حد إرسال مرتزقة فاغنر بل بدعمه بالمال وبطرق غير قانونية من خلال التعامل مع بنك موازِ غير معترف به دولياً"، مؤكداً رأيه بأن "الحكومة في طريق التصعيد أكثر مع موسكو ومحاولة استثمار الانزعاج الأميركي من محاولات التواجد الروسي في ليبيا."

ورغم الدعم العسكري والاقتصادي الروسي الواضح إلا أن ذويب يعود ليؤكد أن مسارات العمل السياسي الروسي تجاه ليبيا لا تشير إلى انحيازها لجانب حفتر، مضيفاً "من غير المعقول أن يرى كل العالم فشل حفتر عسكرياً ولا تراه روسيا"، موضحاً أن "كل ما تفعله روسيا في جانب حفتر هو لفت لأنظار المجتمع الدولي لضرورة إشراكها في أي تسويات سياسية تطبخ في برلين".

وأشار إلى أن "موسكو على علاقة متينة بألمانيا وتسعى للجلوس في مقعد مؤثر في طاولة الحل الدولي للأزمة الليبية التي تتشكل حالياً داخل مشاورات غير معلنة في برلين".

وقال إن "دقة حديث باشاغا، فهو يعلم جيداً أن روسيا لا تعول على حفتر بقدر ما تعول على طموحات سياسية أبعد من خلال دعمها لعودة النظام السابق للمشهد السياسي مجدداً".

أما عن إجراءات البنك المركزي المحتملة ضد ملايين الدينارات الليبية المطبوعة في روسيا لصالح فرع البنك المركزي شرق البلاد، فيتفق كل من الحداد وذويب على أنها إجراءات لتطويق مساعي حفتر للحصول على مصادر للتمويل.

وعما يمكن أن يتكهنه الحداد عن أجندات زيارة باشاغا إلى واشطن، قال "بكل تأكيد سوف يستثمر ملف مكافحة الإرهاب لتمتين علاقة حكومته بالجانب الأميركي كما يمكن أن يكون التأثير الخارجي على حالة الصراع في بلاده فبعد تراجع الدعم المصري والفرنسي لحفتر تبدو الإمارات وحدها مصرة على دعم اللواء المتقاعد ما يقوض رغبة واشنطن وعواصم أخرى في وقف القتال لا سيما مع التحضيرات الجارية لعقد قمة برلين".

ورجح أن "تكون رغبة برلين في مشاركة الإمارات بالقمة لتوجيه إنذار دولي مباشر لها لوقف تدخلها في ليبيا".

المساهمون