دوريات روسية-تركية على الحدود... واستعداد كردي للاندماج بجيش الأسد

دوريات روسية-تركية على الحدود... واستعداد كردي للاندماج بجيش الأسد

01 نوفمبر 2019
لم ترفع الدوريات المشتركة الأعلام الروسية والتركية(إلياس كينجين/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت روسيا وتركيا تسيير دوريات مشتركة على الحدود السورية التركية، تنفيذاً للاتفاق بينهما، والقاضي بانسحاب "وحدات حماية الشعب" الكردية بعمق 30 كيلومتراً من الحدود، في وقت قال رئيس النظام السوري بشار الأسد إن نظامه يعطي حالياً الفرصة للجهود السياسية من أجل استعادة السيطرة على شرقي البلاد، ملوحاً باستخدام القوة في حال لم تثمر هذه الجهود عن نتيجة. في هذا الوقت، تواصل الولايات المتحدة إعادة نشر قواتها في مناطق شمالي شرقي سورية بعد الانسحاب منها في وقت سابق، بحجة منع تنظيم "داعش" من الوصول إلى منابع النفط وحماية البنية التحتية. وبحث رئيس هيئة الأركان العامة التركية يشار غولر في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فاليري غيراسيموف، أمس الجمعة، المستجدات في سورية. وذكرت القوات المسلحة التركية، في تغريدة، أن "غولر وغيراسيموف تبادلا وجهات النظر حول المستجدات اليومية في سورية".

وأعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس الجمعة، أنه تم تسيير أول دورية مشتركة مع روسيا في إطار الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشيرة، على حسابها على "تويتر"، أن الدورية نفّذت بمشاركة طائرات دون طيار في منطقة الدرباسية شرق الفرات. وأعلنت روسيا أنها نشرت 300 عنصر من الشرطة العسكرية و20 سيارة مصفحة في شمال سورية، بهدف المشاركة في دوريات مع العسكريين الأتراك، التي من المقرر، بحسب وزارة الدفاع الروسية، أن تكون يومية، وتشمل 9 مناطق سكنية على الأقل. وحسب وسائل إعلام روسية فإن الدوريات الروسية والتركية ستلتقي في نقاط يتم الاتفاق عليها مسبقاً، قبل بدء أعمال المناوبة المشتركة، حيث ستقطع الدوريات نحو 150 كيلومتراً خلال 5 ساعات، وذلك بدءًا من أمس الجمعة.

وقالت مصادر محلية إن آليات عسكرية تابعة للقوات الروسية، ترافقها آليات عسكرية تركية، انطلقت من قرية شيريك التابعة للدرباسية، وجابت مناطق عند الشريط الحدودي، بينها القامشلي وعامودا عند الشريط الحدودي مع تركيا وصولاً إلى الدرباسية. ولم ترفع الدوريات المشتركة الأعلام الروسية والتركية على مركباتها المدرعة. وتأتي الدوريات المشتركة بعد أيام على انطلاق دوريات روسية أحادية على طول الحدود السورية، وتعزيز القوات الروسية من تواجدها في منطقة شرق الفرات. وقضى الاتفاق بين الجانبين التركي والروسي بتسيير دوريات مشتركة بعمق عشرة كيلومترات على طول الحدود، باستثناء القامشلي، مع الإبقاء على الوضع ما بين مدينتي تل أبيض ورأس العين، حيث تسيطر القوات التركية و"الجيش الوطني" السوري.
في غضون ذلك، تجددت الاشتباكات بين قوات "الجيش الوطني"، المدعوم من تركيا، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، المدعومة من قوات النظام السوري، على محاور تل محمد وعنيق الهوى في منطقة أبو راسين، بالتزامن مع قصف مدفعي تركي يستهدف المنطقة. كما امتدت الاشتباكات إلى محاور في ريف تل أبيض الغربي، حيث تحاول قوات "الجيش الوطني" قطع الطريق من الجهة الغربية لبلدة عين عيسى. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن "قسد" تمكنت من صد هجوم "الجيش الوطني"، فيما أصيب 3 مدنيين، بالإضافة إلى صحافي من جنسية أجنبية، جراء القصف والاشتباكات التي شهدتها المنطقة، في حين ساد هدوء حذر بقية المناطق في شرق الفرات مع بدء تسيير الدوريات الروسية التركية.

من جهة أخرى، سلمت القوات التركية إلى النظام السوري 18 من عناصره كانوا أسروا أخيراً في المنطقة الحدودية، في عملية جرت برعاية روسية. وقالت مصادر محلية إن تسليم الأسرى جرى في معبر الدرباسية على الحدود مع تركيا، فيما نشر ناشطون شريط فيديو يوثق العملية. وكان لافتاً أن النظام السوري، ووسائل إعلامه، لم يشيروا إلى هؤلاء العناصر، لا حين أسروا ولا حين إطلاق سراحهم، وهو ما فسره ناشطون بأنه يأتي تجنباً للإحراج، حيث تنشر وسائل إعلام النظام يومياً عن "بطولات" قواته في التصدي لما تسميه "الاحتلال التركي ومرتزقته".

وتأتي هذه التطورات، بالتزامن مع تصريحات لرئيس النظام السوري بشار الأسد لوح فيها مجدداً باستخدام القوة لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها "قسد" شرق البلاد، في حال أخفقت الحلول السياسية في تحقيق ذلك. وشدد الأسد، في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي مساء أول من أمس الخميس، على ضرورة أن "تعود مؤسسات الدولة تدريجياً إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد بعد انتشار الجيش في نقاط عدة فيها". واعتبر أن الاتفاق بين روسيا وتركيا حول الوضع في شمال البلاد "مؤقت"، مشيراً إلى أنه "أمر إيجابي لا يُلغي سلبية الوجود التركي، ريثما يتم إخراج التركي بطريقة أو بأخرى". وقال "علينا أن نفرق بين الأهداف النهائية أو الاستراتيجية، وبين التكتيك. بالمدى المنظور هو اتفاق جيد". وفي حال لم تنجح القنوات السياسية في التوصل إلى حل، قال الأسد إنه سيلجأ للحل العسكري لاستعادة المناطق التي سيطرت تركيا عليها، كما حصل في محافظة إدلب حيث سيطرت قواته على منطقة واسعة فيها العام الحالي، برغم اتفاق روسي تركي لوقف إطلاق النار. واستدرك الأسد بالقول "نحن لا نعيد السلطة كما كانت سابقاً بشكل مباشر. هناك حقائق على الأرض، بحاجة لمعالجة تأخذ زمناً، وهناك حقائق شعبية استجدت خلال غياب الدولة، وهناك مجموعات مسلحة، لا يمكن أن ننتظر منها تسليم السلاح مباشرة، لن نطلب منهم هذا الشيء". واعتبر أن الرئيس التركي رجب طيب "أردوغان ومجموعته أعداء، لكن القوى السياسية في تركيا بمعظمها هي ضد سياسات أردوغان، فعلينا أن نكون حريصين على ألا نحول تركيا إلى عدو".

إلى ذلك، أعلنت رئيسة اللجنة التنفيذية لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) إلهام أحمد، لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن القوات الكردية في شمال شرق سورية على استعداد للانضمام إلى قوات النظام السوري، لكنهم يرغبون في إعادة هيكلتها أولاً. وقالت "نحن على استعداد للانضمام إلى الجيش السوري ولكن بعد إعادة هيكلته وتغييره. إذا اتفقنا مع الحكومة السورية بشأن إدارة المنطقة، فعندئذ نعم، سنكون مستعدين للانضمام إلى الجيش السوري". وشددت على أن ذلك "لن يحدث خلال ساعة من الزمن" حيث ينبغي عقد مفاوضات مع دمشق أولاً. وتابعت "لقد أصدرت وزارة الدفاع بياناً خاطبتنا فيه كالمجرمين. إذا كان لديكم مشكلة مع الجيش السوري فانضموا إلينا، وسنقوم بحلها من أجلكم، هذا ما حدث"، وأضافت "لذلك، فإن قوات قسد قالت لا. يجب أن نجلس معاً ونتفق على كيفية دمجنا مع بعضنا البعض، وليس على طريقة انضموا إلينا، كما لو كنا هاربين".

في السياق ذاته، حث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الجمعة، على ألا تزيد أزمة الأكراد في سورية من التوتر في المنطقة. وقال لافروف، في حوار مع قناة "روسيا 24"، إن "الأكراد يعيشون في إيران والعراق، وجزء كبير منهم يعيش في تركيا، ولا أحد يرغب في أن تنفجر هذه المنطقة بسبب التوتر حول المسألة الكردية، ولا أحد يرغب في أن يحس الأكراد أنهم أناس من الدرجة الثانية"، معتبراً أن "مشكلة الأكراد لا يمكن تجاهلها، هي مشكلة تتجاوز الأزمة السورية".

في غضون ذلك، واصلت القوات الأميركية إعادة نشر جنودها إلى جانب "قوات سورية الديمقراطية" في ريف دير الزور. ونشرت مواقع وشبكات إخبارية محلية صوراً لجنود وآليات عسكرية أميركية في دير الزور والرقة. وكانت قوات أميركية عادت الأربعاء الماضي، إلى قاعدة صرين في منبج شمال شرق حلب، والتي سبق أن انسحبت منها عقب توقيع اتفاق مع تركيا، حيث يقوم الأميركيون، وفق ناشطين على الأرض، بإعادة تأهيل القاعدة في صرين وقاموا بتشغيل مجبل بئر حسو لإعادة تعبيد ما تضرر من أرض القاعدة بعد أن قصفوها عقب خروجهم. وقال الجيش الأميركي إنه يعزز وضعه في سورية بحجة الحيلولة دون انتزاع السيطرة على حقول النفط من قبل فلول تنظيم "داعش"، أو أي طرف آخر، في إشارة إلى قوات النظام السوري.

وفي ملف آخر، غير منفصل عما يجري في شرقي البلاد، واصلت قوات النظام السوري قصف مناطق في ريف إدلب وحماة، فيما شنت الفصائل المقاتلة هجوماً على قوات النظام في ريف اللاذقية الشمالي. وقالت مصادر محلية إن قوات النظام قصفت بالمدفعية الثقيلة والصواريخ قرية ميدان غزال في ريف حماة الغربي، فيما ردت فصائل المعارضة بقصف مواقع لقوات النظام بالمدفعية الثقيلة في مناطق الكركات والحويز بريف حماة. كما أعلنت الفصائل المقاتلة في ريف اللاذقية، أمس الجمعة، تشكيل غرفة عمليات مشتركة، للتصدي لمحاولات النظام المستمرة للتقدم على جبهة كبينة. وضمت غرفة العمليات كلاً من "غرفة عمليات وحرض المؤمنين، وهيئة تحرير الشام، والحزب الإسلامي التركستاني، وأنصار الإسلام والتوحيد"، بالإضافة إلى بعض الفصائل المحلية الأخرى. وبدأت الغرفة أولى عملياتها بشن هجوم معاكس على مواقع النظام بريف اللاذقية الشمالي، حيث سيطرت على عدة نقاط وتلال استراتيجية. وقالت معرفات مقربة من "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) إن التلال التي سقطت بقبضة الفصائل كانت مقراً لانطلاق هجمات النظام باتجاه كبينة. وقالت مصادر محلية إن "الفصائل المقاتلة أسرت 20 عنصراً لقوات النظام خلال الهجوم، وقتلت آخرين". وتشن قوات النظام، بدعم روسي وإيراني، منذ نحو أسبوع هجمات متكررة على تلال كبينة لتحقيق تقدم في المنطقة، ما كبدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

المساهمون