الانتخابات التشريعية في تونس تجهز على 10 أحزاب برلمانية

الانتخابات التشريعية في تونس تجهز على أكثر من 10 أحزاب برلمانية

08 أكتوبر 2019
سجلت الانتخابات نهاية صادمة للأحزاب البرلمانية الصغيرة (Getty)
+ الخط -

سجلت الانتخابات التشريعية في تونس نهاية صادمة لأكثر من 10 أحزاب برلمانية، كان لأصوات نوابها صدى قوي تحت قبة البرلمان السابق، لتجد نفسها خارج قصر باردو، فيما عرفت 4 أحزاب أخرى انتكاسة غير مسبوقة، لتعود إلى المشهد البرلماني في تمثيلية رمزية بمقعد أو مقعدين.

وبدت أولى ارتدادات انتكاسة الأحزاب البرلمانية وتداعيات سقوطها المدوي، بإعلان الوزير السابق ياسين إبراهيم، رئيس حزب "آفاق تونس"، استقالته من الحزب بعد الخسارة التي مني بها، ليجد الحزب نفسه خارج المشهد البرلماني دون تمثيل، أو في أفضل السيناريوهات بمقعد وحيد بعد أن كان حزباً برلمانياً حاكماً بعد 2014 بـ8 مقاعد.

ويعد حزب "الاتحاد الوطني الحر" الذي يتزعمه رجل الأعمال الملاحق قضائياً، سليم الرياحي، من أبرز الأحزاب البرلمانية التي اضمحلت وأجهزت عليها الانتخابات، بعد أن كان أبرز أضلع الحكم بعد 2014 بكتلة وازنة تضم 16 نائباً.

وأنهت صناديق الاقتراع وجود أحزاب برلمانية كثيرة غادرت المشهد النيابي نحو مصير سياسي مجهول، على غرار حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" الممثل سابقاً بـ4 مقاعد، والذي تحول إلى حزب "حراك الإرادة" بقيادة الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، وكذلك حزب "المبادرة" الذي يتزعمه الوزير كمال مرجان بـ3 نواب، والذي اختار الانصهار في حزب "تحيا تونس" على الاندثار.

وإلى جانب ذلك أيضاً، حزب "تيار المحبة"، الذي أسسه الهاشمي الحامدي، إلى جانب أحزاب أخرى انتهى تمثيلها البرلماني، كانت تمتلك مقعداً وحيداً يضمن لها التواجد في المشهد الحزبي البرلماني، على غرار "الحزب الجمهوري" و"التحالف الديمقراطي" و"حركة الديمقراطيين الاشتراكيين".

ويمثل السقوط المدوي لأحزاب اليسار البرلمانية، واضمحلال تمثيلية ائتلاف "الجبهة الشعبية" في البرلمان، مفاجأة غير سارة للعائلة اليسارية في تونس ولجمهور مناصري اليسار، بعد أن خسرت تمثيلية وازنة وقوية تتكون من 15 برلمانياً، كانت صوت المعارضة الذي لا يمكن إسكاته تحت قبة البرلمان، ليختار الناخبون إسكاته ووضع حد له طيلة السنوات الخمس المقبلة.

وأظهرت النتائج الأولية خروج أحزاب ائتلاف "الجبهة الشعبية" من البرلمان، إلا من كرسي محتمل لمرشح الرئاسية وقيادي حزب "الوطد" منجي الرحوي، في محافظة جندوبة، في وقت أقصت صناديق الاقتراع حزب "العمال" الذي يتزعمه حمة الهمامي، وكان يضم قيادات شرسة، إلى جانب حزب "الطليعة العربي" الذي يتزعمه النائب السابق أحمد الصديق.

كذلك أقصت صناديق الاقتراع حزب "رابطة اليسار" العمالي الذي يتزعمه نزار عمامي، وحزب "التيار الشعبي" الذي أسسه الشهيد محمد البراهمي، وحزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد"، الذي كان يتزعمه الشهيد شكري بلعيدو، ونهاية حزب "الجبهة الشعبية الجديد" الذي كونه النواب المنشقون عن "الجبهة الشعبية"، إلى جانب خسارة "حركة تونس إلى الأمام" التي أسسها الوزير السابق عبيد البريكي.

وقال البريكي في مداخلة على القناة الوطنية الأولى "إن الشعب التونسي أدّب اليسار في الانتخابات الأخيرة"، مشيرا إلى أن اليسار "أخطأ في حق الشعب التونسي ويجب عليه أن يقوم بمراجعات ويكون أكثر التصاقا بهموم الشعب".

بدورها، اعتبرت النائبة السابقة مباركة أرملة البراهمي، مرشحة "الجبهة" عن التيار التابع لحمة الهمامي الذي لم يتحصل على أي مقعد،"أن الهزيمة ليست في ألا تكون ممثلاً في البرلمان، بل أن تكابر وتستسلم".

واتسعت رقعة الأحزاب البرلمانية المغادرة لقصر باردو والتي عادت بتثميلية رمزية، لتشمل الأحزاب الوليدة والمنسلخة عن حزب "نداء تونس"، الذي كان في 2014 يضم 86 نائباً، ليعود "النداء" بنائبين اليوم في أفضل تقدير، في وقت منيت الأحزاب المنشقة عنه بخسارة هامة على غرار "مشروع تونس"، الذي كان يضم أكثر من 15 نائباً وسيعود بنائبين أو أكثر.

وكشفت النتائج الأولية عدم حصول حزب الأمل، الذي تتزعمه الوزيرة السابقة سلمى اللومي، على أي مقعد، في وقت خاضت الانتخابات بنحو 6 نواب كرؤساء قائمات، كما لم يجد حزب "بني وطني"، الذي يتزعمه الوزير السابق سعيد العايدي، موطئ قدم في المجلس الجديد.

"جرحى الانتخابات"

واعتبر المحلل عبد المنعم المؤدب لـ"العربي الجديد" أن "خروج أحزاب اليسار ونداء تونس والمنشقين عنه من البرلمان، سيكون له تأثيرات على هذه الأحزاب في استمراريتها ومدى صمودها خارج اللعبة لخمس سنوات".

وأشار إلى أن "الأنظمة البرلمانية تجعل من الأحزاب البرلمانية الفاعل الرئيسي في المشهد، سواء في الحكم أو المعارضة، والأحزاب غير الممثلة في البرلمان لا صوت لها ولا مستقبل، بل إنها أحزاب مهددة بالاضمحلال والانقراض، إذا لم تكن لديها أرضية صلبة وقواعد قوية متجمعة حول أيديولوجيا ومشروع يجمع مناصريه؛ وأما الأحزاب التي ولدت ولادة غير طبيعية لملء الفراغات أو لفترة صلاحية محددة، فإنها تنتهي بنهاية مدة صلاحيتها أو بمغادرة مؤسسيها".

ورجح أن تحافظ أحزاب اليسار التقليدي على وجودها، نظرا للأيديولوجيا والمرجعية التي تجمع مناصريها رغم إخفاق زعمائها، "ولكن وجودها سيكون ضعيفا خارج المشهد المؤسساتي وبعيداً عن المعارضة المؤسساتية الفاعلة، بما يجعلها صوتاً غير مسموع في منظومة الحكم".

واعتبر المؤدب أن الأحزاب الخاسرة، أو ما يسمى بـ"جرحى الانتخابات"، عليها أن تضمد جراحها سريعا وأن تلملم شظاياها قريبا، وأن تقيم أدائها وتستعد للفترة المقبلة، أفضل من التردد على المنابر الإعلامية والاحتجاجات في الشارع أملاً في إعادة الانتخابات وحل البرلمان الذي لم ينطلق بعد.

المساهمون