أحزاب بوتفليقة تتحدّى الحراك الشعبي بمرشحين للرئاسة

أحزاب بوتفليقة تتحدّى الحراك الشعبي بمرشحين للرئاسة: مطالب شعبوية لن نسكت عنها

04 أكتوبر 2019
"التجمع الوطني" الجزائري أعلن ترشيح ميهوبي (فرانس برس)
+ الخط -
بعد أشهر من الغياب والصدمة السياسية نتيجة الحراك الشعبي والمتغيرات المتسارعة في البلاد، استفاقت أحزاب الموالاة التي كانت تدعم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وبدأت تعمل على العودة إلى الواجهة السياسية عبر ممر الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بعد إعلان قادتها الترشح وخوض غمار السباق الانتخابي.

المطالبات الشعبية بحل حزبي السلطة، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، ورفض الحراك عودة أحزاب موالية للرئيس السابق بوتفليقة، لم تمنع تلك القوى السياسية من العودة مجددا إلى الساحة، واستغلال الانتخابات الرئاسية لطرح مرشحين محتملين فيها، إذ صادق، اليوم الجمعة، المجلس الوطني للتجمع الوطني الديمقراطي، والذي يوجد أمينه العام أحمد أويحيى في السجن بتهم فساد، على ترشيح أمينه العام بالنيابة، وزير الثقافة السابق عز الدين ميهوبي.


ورفض ميهوبي، في تصريحات أعقبت إعلان ترشيحه، مطالب الشارع والحراك الشعبي بإقصاء حزبه من المشهد السياسي، ووصف هذه المطالب بـ"الشعبوية التي لا يمكن السكوت عنها"، معتبرا أن حزبه قرر المشاركة في الانتخابات الرئاسية للمساعدة على تجاوز الجزائر للأزمة الراهنة.

وأبدى ميهوبي تهربا من مسؤولية حزبه في الفشل السياسي والاقتصادي الذي آلت إليه الأوضاع في البلاد، بسبب سياسات الرئيس بوتفليقة، والحكومات التي كان يقودها، في أربع فترات، أمين حزبه أويحيى، واعتبر أن تلك الإخفاقات لا تخص الحزب ، قائلا "لسنا شماعة تعلق عليها إخفاقات الآخرين".

من جهته، أعلن حزب التحالف الجمهوري الذي كان يدعم ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، حتى إبريل/نيسان الماضي، ترشيح أمينه العام بلقاسم ساحلي، وبدء جمع التوقيعات لصالحه. وقال ساحلي في مؤتمر صحافي إن حزبه "ليس له أي تخوف من الشارع أو الشعب السيد، على خلفية مواقفه السابقة"، مضيفا أن ترشحه لانتخابات ديسمبر/كانون الأول المقبل هي استمرار لترشحه لانتخابات يوليو/تموز الماضي، التي ألغيت بسبب الرفض الشعبي.
ويقلل مراقبون من إمكانية حصول مرشحين باسم حزبين من أحزاب بوتفليقة، ميهوبي وساحلي، على التوقيعات اللازمة للترشح، والمقدرة بـ50 ألف توقيع، يتوجب جمعها قبل انتهاء الآجال القانونية في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، خاصة أن الشارع لا زال مستاء من هذه الأحزاب.


وفي السياق نفسه، يتجه الحزب المركزي للسلطة، جبهة التحرير الوطني، إلى إعلان دعمه لرئيس الحكومة السابق المقرب منه، عبد المجيد تبون. وأرجأ الحزب، الذي يوجد أمينه العام محمد جميعي رهن الحبس إضافة إلى أمينه العام السابق جمال ولد عباس، إعلان موقفه إلى يوم غد السبت، وذكر المتحدث باسم الحزب محمد العماري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحزب يدرس الخيارات المتاحة، وقرر أعضائه أخذ مزيد من الوقت قبل الإعلان عن الموقف هذا السبت"، لافتا إلى أن كل الخيارات ممكنة بالنسبة للحزب، بما فيها دعم مرشح محدد أو تحرير المبادرة الانتخابية بالنسبة لقواعده.

وهذه هي المرة الثانية في تاريخ الحزب المركزي للسلطة، التي يجد فيها الأخير نفسه دون مرشح محدد، بعد تجربة انتخابات عام 1995، والتي رفض فيها الحزب دعم مرشح الجيش والمخابرات حينها رئيس الدولة ليامين زروال.

وبخلاف الأحزاب الثلاثة، تجمد موقف حزبين من بين الأحزاب الخمسة البارزة التي كانت تشكل التحالف الرئاسي الداعم لبوتفليقة ورشحته لولاية خامسة، حيث لم يعلن حزب تجمع أمل الجزائر، الذي يوجد أمينه العام عمار غول في السجن بتهم فساد، عن أي موقف بشأن الانتخابات الرئاسية ، إضافة إلى صمت مطبق لحزب الحركة الشعبية الجزائرية، الذي يوجد أيضا أمينه العام عمارة بن يونس في السجن بتهم فساد، بشان الرئاسيات.

ويعتقد المحلل السياسي محمد حدير، أن أحزاب السلطة التي كانت توفر حزاما سياسيا لبوتفليقة  تحاول استغلال التراجع النسبي لتركيز الحراك عليها في الفترة الأخيرة، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، للانخراط مجددا في المشهد السياسي، وتجاوز الصدمة السياسية التي تعرضت لها، وخلفت لديها ارتباكا تنظيميا وهيكليا ونزيفا كبيرا.
وقال حدير لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن هذه الأحزاب، أو التي تجاوزت الصدمة على الأقل، تحاول إنهاء حالة القطيعة مع المشهد، من خلال التستر وراء دعم المواقف والخطوات السياسية التي اتخذها الجيش، وتعتبر أن المشاركة في الانتخابات ليس للفوز او المنافسة حتى، ولكن لاسترضاء الجيش".

وكان نفس المصدر يشير إلى فترة صدمة سياسية مرت بها هذه الأحزاب، بعد نجاح الحراك الشعبي في الإطاحة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة ودفعه إلى الاستقالة، وملاحقة عدد كبير من السياسيين وقادة الأحزاب الموالين للأخير، وكذا مطالبة الشارع المستمرة بحل حزبي السلطة، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.