فضيحة أوكرانيا: مايك بومبيو في عين العاصفة

فضيحة أوكرانيا: مايك بومبيو في عين العاصفة

04 أكتوبر 2019
بومبيو فرض نفسه كمركز القوة بعد إقالة بولتون (Getty)
+ الخط -
في وقت يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحقيقاً يقوده الديمقراطيون في مجلس النواب، تمهيداً لمساءلته وعزله، ذكرت وكالة "فرانس برس" في تقرير أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فرض نفسه في منتصف سبتمبر/أيلول كمركز القوة في سياسة ترامب الخارجية، بعد إقالة خصمه مسؤول الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون. وبعد أسبوعين، بات وزير الخارجية الذي لا يزال يُعتبر من ركائز الإدارة الأميركية، في موقع دفاعي وقد أضعفته قضية أوكرانيا.

وفيما باشر الديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي تحقيقاً في آلية إقالة بحق الرئيس الأميركي، تُسلَّط الأضواء الآن على دور وزير خارجيته، إلى حد أن كبار شخصيات المعارضة تندد بـ"تضارب مصالح"، ويطالب بعضها بأن "يعلن رفع يده" عن كل ما يمت إلى صلة بأوكرانيا.

وكان بومبيو حاضراً خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى في 25 يوليو/تموز بين الملياردير الجمهوري والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وبات في صلب إجراءات العزل، وهو أمر روتيني بالنسبة لوزير خارجية. لكنّ ما يطرح مشكلة، وفق الوكالة الفرنسية، هو أول رد فعل صدر عن بومبيو في 22 سبتمبر/أيلول رداً على أسئلة شبكة "إيه بي سي"، عما يعرفه عن تلك المكالمة موضع الجدل؛ فقد تجنب الإجابة ملمحاً إلى أنه لا يعرف ما دار من حديث خلالها. وقد تبين أن ترامب ضغط على نظيره الأوكراني بشأن إمدادات الأسلحة لبلاده، طالباً منه التحقيق بشأن خصمه السياسي نائب الرئيس السابق جون بايدن.

وفي نهاية المطاف، أقرّ بومبيو الأربعاء، خلال زيارة إلى روما طغت عليها كما كل نشاطاته حالياً قضية التحقيق في الكونغرس: "كنت حاضراً في الاتصال".

ملف جولياني

ويسعى النواب الديمقراطيون للتثبت مما إذا كان دونالد ترامب ضغط على كييف للحصول على معلومات تدين جو بايدن الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه في أفضل موقع لهزم الرئيس في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. من أجل ذلك، باشروا جلسات استماع لمسؤولين في وزارة الخارجية، وأصدروا أمراً لبومبيو يلزمه بتقديم مستندات أساسية في القضية، والمطلوب معرفة إلى أي حد كان الدبلوماسيون مشاركين في الخطوات التي اتخذها محامي ترامب الشخصي رودي جولياني، الذي لم يخفِ أنه مارس ضغوطاً على أوكرانيا، وإن كانوا يعرفون ما إذا كان ترامب مضى إلى حد تعليق المساعدات ولا سيما العسكرية منها لأوكرانيا، للضغط على زيلينسكي ودفعه إلى الاستجابة لطلباته. وقال جولياني إنه سلّم بومبيو "مباشرة" في مارس/آذار ملفاً أعده بنفسه، يدين أنشطة جو بايدن وابنه هانتر في أوكرانيا، وإنه حصل على تأكيد بأن الدبلوماسية الأميركية ستجري تحقيقاتها الخاصة بهذا الصدد.

وقام المفتش العام في وزارة الخارجية بتسليم قسم من هذه الوثائق إلى الكونغرس الأربعاء. ووصف الديمقراطيون هذه المستندات التي جمعها جولياني بأنها "كومة معلومات مضلّلة ونظريات مؤامرة تم دحضها، ومزاعم لا أساس لها".

وكتبت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحية أن "بومبيو لم يقم بأي شيء لمنع جولياني من الارتباط ببعض الأشخاص الأكثر فساداً في أوكرانيا من أجل نقل أخبار كاذبة عن بايدن"، متهمة وزير الخارجية بشكل صريح بأنه "سمح بتدمير الدبلوماسية الأميركية".

وقد تأتي الأجوبة الأولية على كل هذه التساؤلات من كورت فولكر، الموفد الأميركي السابق لأوكرانيا الذي استقال الأسبوع الماضي من منصبه، وتم الاستماع إليه في مجلس النواب الخميس في جلسة مغلقة.

حجج من الماضي

بحسب تقرير المبلّغ الذي كشف المسألة، فإنّ فولكر قدم نصائح إلى السلطات الأوكرانية "حول طريقة "التعامل" مع طلبات الرئيس"، وأكد بعض زملائه لوسائل الإعلام الأميركية أنه حاول، على الرغم من تدخلات ترامب والمحيطين به، الدفاع عن السياسة الأميركية التقليدية القائمة على التشدد حيال روسيا ومكافحة الفساد. ويعتزم الكونغرس الاستماع أيضاً إلى مسؤولين آخرين في وزارة الخارجية، منهم توماس أولريش بريشبول، المستشار المقرب من مايك بومبيو، وصديقه منذ زمن طويل. غير أنّ بومبيو ما زال حتى الآن متمسكاً بدفاعه المطلق عن ترامب، ما يغذي شكوك المعارضة تجاهه.

وندّد في رسالة وجهها إلى النواب الديمقراطيين بـ"محاولة لتخويف ومضايقة وإساءة معاملة المهنيين المميزين في وزارة الخارجية"، مشيراً إلى "عيوب إجرائية وجوهرية كبرى"، سعياً لإبطاء التحقيق قدر المستطاع وتأخير الاستجابة لطلبات النواب.

ومن سخرية القدر أن ما أخرج بومبيو من الظل إلى الأضواء كان موقفه المتشدد في تحقيق برلماني، حين كان نائباً عن كنساس. وقد تزعم المعركة ضد معالجة وزارة الخارجية التي كانت تترأسها في ذلك الحين الديمقراطية هيلاري كلينتون، لاعتداء بنغازي الذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي في ليبيا عام 2012. ويواجهه منتقدوه اليوم بالحجج ذاتها التي استخدمها في الماضي ضد كلينتون، ولا سيما اتهامه للخارجية آنذاك بـ"الاختباء خلف (صلاحيات) غامضة" من أجل "رفض الوصول إلى الوثائق والشهود"، أو حين كان يردّد أنه يريد "التقدم بسرعة أكبر" غير أنه "يصطدم بالعوائق" التي تضعها الإدارة.

المساهمون