ترقب في واشنطن بانتظار نهاية الهدنة بسورية وقمة موسكو

ترقب في واشنطن بانتظار نهاية الهدنة شمالي سورية وقمة بوتين – أردوغان

22 أكتوبر 2019
الدور الأميركي في سورية انتهى (ديل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
لا تبدو مصادفة أن ينتهي الانسحاب الأميركي من سورية، عشية انعقاد قمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في موسكو، وقبل نهاية الهدنة التركية – الكردية، مساء اليوم الثلاثاء. الرسالة أنّ الدور الأميركي في سورية انتهى إلى غير رجعة رغم الاعتراضات الواسعة على قرار الرئيس دونالد ترامب. لا ترامب في وارد التراجع والعودة إلى التحالف مع الأكراد، ولا الواقع الجديد على الأرض يسمح بذلك.

وحسب معلومات البنتاغون، تكون القوات الأميركية قد دخلت العراق، قبل نهاية أمس الإثنين، مع أنّ ترامب كان قد وعد بعودتها إلى ثكناتها في الولايات المتحدة الأميركية. القوة الرمزية الباقية، مئة إلى مئتي جندي، تغادر "بعد أسابيع" حسب مصادر عسكرية، مهمتها "مطاردة تنظيم داعش وحماية آبار النفط"، كما قال الرئيس ترامب.

لكن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر وضع بقاءها في سياق "إعادة انتشار القوات في المنطقة". تضارب يعكس خلطة من الخلافات الداخلية والفوضى المقصودة لتشويش الصورة وتمرير الانسحاب على دفعات تنفتح بعدها صفحة جديدة في الأزمة السورية، بأدوار ومعادلات مختلفة قد تتبلور ملامحها بعد قمة بوتين - أردوغان.

المرجح، وفق التوقعات، أن يقوم بوتين بهندسة "صفقة بين الأكراد والنظام السوري"، وإقناع أنقرة بجدواها في ضوء الانسحاب الأميركي، وضرورة سد الفراغ لضبط الساحة وإعادة ترتيب الأولويات. مهمة تبدو طريقها سالكة. فالأكراد "لا خيار لهم" بعد الانصراف الأميركي. وأنقرة على "تفاهم وتنسيق كبيرين" مع موسكو. ودمشق لا تمانع في ترتيب روسي يعيد حضورها إلى شمال شرق البلاد.

هذا على الورق، أما على الأرض فالقصة أكثر تعقيداً. والخطة ربما تكون أبعد من هذا التبسيط لمعادلة ساهم انسحاب ترامب في تأسيسها "وقد تكون مساهمته فيها سياسة ناجحة" في النهاية، بحسب السناتور لينزي غراهام، الذي تراجع فجأة على ما يبدو عن اعتراضه القوي على الانسحاب من سورية. وكأنه في ذلك يلمّح إلى تغييرات محتملة في توازنات القوى على الساحة السورية ومنها الوجود الإيراني، بعد الدخول التركي وتبدلات الأدوار.

ويشار إلى أنّ بعض المراقبين استوقفه ابتعاد طهران عن سيرة التطورات الأخيرة، ما عدا ترحيبها بالانسحاب الأميركي. وكأنّ هناك تحفظا لديها، إن لم يكن أكثر، تجاه الانعطافة النوعية الأخيرة في الأزمة السورية، وتداعياتها المحتملة على التوازنات القائمة. وفي هذا الخصوص هناك تساؤل عمّا إذا كان من الممكن تعايش قوتين إقليميتين من العيار الثقيل على أرضها لكل منهما أجندته المختلفة، حتى بوجود الناظم الروسي للدورين؟ فالتحالفات متحركة في حالات من هذا النوع وأطرافها تمارس الانحياز داخل صفوفها. خاصة عندما تكون ظرفية أو وليدة تطورات متبدلة، كالتحالف الأميركي ــ الكردي. وبالأخص في غياب التطابق في المواقف، كما هي الحال بين موسكو وطهران في سورية، حسب ما يتردد.


المؤكد أنّ سورية دخلت مرحلة جديدة قيد التشكل. إدارة ترامب تراهن على ترتيب روسي ــ تركي يعفي من احتدام المواجهة الميدانية؛ وبالتالي من تصاعد موجة الاعتراض الأميركي الواسع على قرار الانسحاب الذي أثار أنصار الرئيس ترامب قبل خصومه ولا يزال. وهو لا يحتمل معارضة بهذا الحجم، يشارك فيها الجمهوريون في لحظة يشتد فيها الحصار حوله في تحقيقات قضية أوكرانيا التي تقترب من قرار التصويت في مجلس النواب على إدانته. ويوحي البيت الأبيض كما بدا من تصريحات ترامب، أنّه متفائل بما قد تتمخض عنه قمة موسكو التي يمسك طرفاها الروسي والتركي بمفتاح الأزمة.