تركيا تهدد "قسد"... وتشرع ببناء قواعد في شمال سورية

تركيا تهدد "قسد"... وتشرع ببناء قواعد بشمال سورية

22 أكتوبر 2019
مسلحون سوريون تابعون لتركيا في شانلي أورفة أمس (الأناضول)
+ الخط -

مع اقتراب انتهاء مهلة الأيام الخمسة التي منحها اتفاق تركي أميركي حول منطقة شرق الفرات السورية لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) للانسحاب بعمق 32 كيلومتراً لإنشاء "منطقة آمنة" تريدها تركيا، ظهرت مؤشرات على أن الاتفاق ربما يتعرض لعراقيل من شأنها توتير الأوضاع ما بين الجيش التركي وهذه القوات التي انسحبت من مدينة استراتيجية في شمال شرقي سورية.

وأخلت "قسد" المناطق التي كانت تسيطر عليها في مدينة رأس العين بشكل كامل، صباح أمس الإثنين. وقال المتحدث باسم "الجيش الوطني السوري" الرائد يوسف حمود، لـ"العربي الجديد"، إن "الجيش الوطني" تأكد من إخلاء "قسد" لمواقعها بشكل كامل في رأس العين بريف الحسكة، شمالي سورية. وأضاف أن الاتفاق التركي الأميركي حول انسحاب "قسد" ينص على عدم دخول "الجيش الوطني السوري" والجيش التركي إلى النقاط التي يتم الانسحاب منها قبل مضي مهلة الأيام الخمسة الممنوحة إلى "قسد" من أجل الانسحاب من "المنطقة الآمنة" التي تريد تركيا إنشاءها. وأوضح أنهم ملتزمون بالاتفاق بشكل تام، ولن يتم الدخول إلى تلك المناطق قبل انتهاء المهلة الممنوحة وفقاً للاتفاق الأميركي التركي. وكانت أنقرة وواشنطن قد أعلنتا، بعد محادثات الخميس الماضي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووفد أميركي برئاسة نائب الرئيس مايك بنس، عن اتفاق ينصّ على تعليق كل العمليات العسكرية في شرق الفرات لـ120 ساعة، وانسحاب القوات الكردية من منطقة بعمق 32 كيلومتراً، من دون أن يحدد طولها، تتحول في النهاية إلى "منطقة آمنة".

وقال المسؤول الكردي ريدور خليل، لوكالة "أسوشييتد برس"، أمس، إن "قسد" تمتثل لاتفاق وقف إطلاق النار بوساطة الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنها تستكمل الانسحاب من جزء طويل من الحدود المشتركة مع تركيا. واتهم تركيا بمواصلة انتهاك وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن "قواتها قامت بقصف قرية عند الفجر". وقال خليل إن "قوات سورية الديمقراطية تستعد لاستكمال الانسحاب من المنطقة الواقعة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض"، مضيفاً أن "الوسيط الأميركي لم يُجبر تركيا على الالتزام بالاتفاقية". ودعا إلى "آلية دولية لحماية السكان الأكراد الذين يريدون البقاء في مدنهم بعد مغادرة المقاتلين الأكراد".

في هذا الوقت، أفادت وزارة الدفاع التركية، أمس الإثنين، بأنه "تم تحييد 765 إرهابياً، وتحرير 111 منطقة سكنية، والسيطرة على 1500 كيلومتر مربع، في إطار العملية التركية في شمال شرقي سورية". وأكدت أنها تتابع عن كثب خروج الإرهابيين من المنطقة في غضون مهلة الـ120 ساعة، بموجب الاتفاق التركي الأميركي، والتي تنتهي اليوم الثلاثاء، مشيرة إلى أنه حتى الآن خرجت 125 عربة من "المنطقة الآمنة" بسورية. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، في تصريح أمس، إنه "بقيت 35 ساعة من المدة المحددة لانسحاب الإرهابيين بموجب الاتفاق التركي الأميركي"، مضيفاً، في كلمة ألقاها خلال افتتاح منتدى "تي آر تي وورلد" في إسطنبول: "في حال لم يتم انسحاب الإرهابيين من المنطقة الآمنة فإن العملية ستُستأنف".


وفيما يتوقع أن يحسم الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، في سوتشي اليوم، مصير مدينة منبج، نظراً لما تشكله المدينة من أهمية قصوى للطرفين، قالت مصادر أهلية إن معظم المحلات التجارية في المدينة أغلقت تنفيذاً لدعوة من أجل الإضراب تحت عنوان "يوم الغضب المنبجي" رفضاً لعودة النظام إلى المدينة، خشية قيام قواته وأجهزته بحملات انتقام واسعة النطاق. وتصر فصائل المعارضة السورية على استعادة المدينة، في الوقت الذي دخلها الجانب الروسي وبدأ تسيير دوريات داخلها بالتزامن مع إضراب كامل. ومن المرجح أن يتفاهم الأتراك والروس على ملفي تل رفعت ومنبج بحيث تجري عملية مقايضة بين الطرفين.

ومن الواضح أن الجيش التركي لم ينتظر طويلاً، وشرع على الفور في إنشاء قواعد له في شمال شرقي سورية في المناطق التي سيطر عليها خلال العملية العسكرية التي بدأها في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي ضد "قوات سورية الديمقراطية" المسيطرة على منطقة شرقي الفرات. وسيطر الجيش التركي على مساحة تقدر بـ1500 كيلومتر مربع ما بين مدينتي تل أبيض في ريف الرقة الشمالي ورأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي، وبعمق يكاد يصل إلى نحو 30 كيلومتراً على طول نحو 100 كيلومتر من الحدود السورية التركية السورية في شرق الفرات، والبالغة نحو 444 كيلومتراً. وقالت مصادر تركية "حين تنقضي الساعات الـ120، إن بقي هناك إرهابيون، فسوف نشل حركتهم".

وأكدت مصادر من "الجيش الوطني السوري"، لـ"العربي الجديد"، أن القوات التركية أقامت قاعدتين عسكريتين في ريف الرقة الشمالي خلال الساعات الماضية. وقالت إن القاعدتين تم إنشاؤهما بالقرب من قريتي شابداغ وهشكة، في ناحية سلوك بريف الرقة الشمالي، وذلك بعد السيطرة على المنطقة وتمشيطها. من جانبه، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "تعزيزات عسكرية تابعة للفصائل الموالية لتركيا دخلت، فجر الاثنين، عبر الأراضي التركية إلى قريتي الشكرية وجان تمر الواقعة عند الحدود، شرق مدينة رأس العين، حيث توجهت مجموعات من هذه الفصائل برفقة 4 دبابات ومدفعية وآلية حفر إلى منطقة باب الخير التابعة لأبو رأسين (زركان)، في ريف مدينة رأس العين الشرقي". ونقل المرصد عن مصادر محلية قولها إن الفصائل بدأت عملية حفر في المنطقة وسط تحشيد لها هناك، وذلك بعد 3 أيام من هجومها على قرى تابعة لمنطقة أبو رأسين، وهي باب الخير وأم عشبة ومضبعة. ومن الواضح أن الجيش التركي يضع في خططه إقامة قاعدة في ريف رأس العين الشرقي. وكان أردوغان قد أعلن، الجمعة الماضي، أن بلاده تهدف إلى إقامة 12 موقع مراقبة في "المنطقة الآمنة"، شمال سورية، مؤكداً أنه "سيرد إذا ارتكبت الحكومة السورية أي خطأ في المنطقة".

وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي عن رفض طهران إنشاء أنقرة مواقع عسكرية تابعة لها داخل الأراضي السورية. وقال موسوي، في مؤتمر صحافي، أمس الإثنين: "نحن ضد إنشاء أنقرة مراكز عسكرية في سورية. يجب حل القضايا بالوسائل الدبلوماسية. يجب احترام سلامة أراضي سورية". إلى ذلك، حذر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو من أن "العملية التركية في شمال سورية تركت 12 سجناً، يحتجز فيها متشددون أجانب، وثمانية مخيمات للنازحين دون حراسة". وقال، في منتدى شيانغشان للأمن في بكين: "نتيجة الأعمال العسكرية للجيش التركي في سورية، بقيت ثمانية مخيمات للاجئين و12 سجناً للمقاتلين الأجانب دون حراسة، والذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة حدة ما يسمى بالهجرة المعاكسة للإرهابيين إلى وطنهم التاريخي". وأضاف "هناك ضرورة لتوحيد جهود المجتمع العالمي بأسره لمواجهة تحديات الإرهابيين وأيديولوجيتهم ودعايتهم". وتابع أن "وزارة الدفاع الروسية اكتسبت خبرة واسعة في هذا المجال، ونحن على استعداد لمشاركتها مع شركائنا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".