نواب طرابلس يرفضون دعوات مصر للاجتماع: ليست طرفاً محايداً

نواب طرابلس الليبية يرفضون دعوات مصر لعقد اجتماع: ليست طرفاً محايداً

17 أكتوبر 2019
إغراءات مصرية وإماراتية للنواب من أجل المشاركة(محمد تركية/فرانس برس)
+ الخط -
أعلن مجلس النواب الليبي، المنعقد في طرابلس، رفضه المشاركة في اجتماع دعت إليه مصر، كونها "لم تكن طرفاً محايداً في الحرب على المناطق الرافضة للهيمنة العسكرية داخل ليبيا وعلى رأسها طرابلس".

موقف مجلس النواب من اجتماع مصر، الذي وصفه بـ"مجهول الأهداف والأجندات"، كشف عن حقيقة المساعي المصرية لجمع أكبر عدد من النواب في القاهرة خلال المدة القريبة، رغم عدم الإعلان الرسمي عن ذلك في القاهرة ولا في طبرق.


ووصف مجلس النواب بطرابلس مصر بأن "سلوكها يفقدها الأهلية لتبني أي مبادرة لحل الأزمة الليبية"، مشترطاً تراجعها عن مواقفها السابقة، وإدانة الاعتداءات الصارخة على طرابلس، ووقف العدوان عليها، للقبول بوساطتها في الأزمة الليبية.

وتساءل المجلس في بيانه، الذي نشر على صفحته الرسمية ليل البارحة الأربعاء، عن دواعي وأسباب إقامة اللقاء قبل مؤتمر برلين المرتقب، معتبرا أنه "لا دواعي تستوجبه".

وتداولت تقارير إعلامية، في الآونة الأخيرة، أنباء سعي اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا للإعداد لاجتماع لأعضاء مجلس النواب بالقاهرة، بعد اللقاء السابق الذي دعت له منتصف يوليو/تموز الماضي لـ"بحث سبل تفعيل مجلس النواب في طبرق"، الذي يعاني من شلل كامل منذ أكثر من سنتين على خلفية انقسام حاد بين نوابه بشأن اتفاق الصخيرات، الذي يصر تيار نيابي، برئاسة رئيس المجلس عقيلة صالح، على رفضه، بينما يدعو طيف نيابي آخر إلى ضرورة إقراره وتضمينه في الإعلان الدستوري، قبل أن يشرعن حلفاء حفتر بمجلس النواب هجومه العسكري الأخير على طرابلس، ما حدا بمعارضي الهجوم إلى الانفصال عن المجلس وعقد جلسات موازية في طرابلس منذ مطلع إبريل/نيسان الماضي، انتهت إلى الإعلان عن رئيس مواز للمجلس ولجان نيابية جديدة.
ويرى الناشط السياسي الليبي، ماهر عبد القادر، أن المسعى المصري "مات قبل أن يولد"، وأن نتائجه، حتى وإن عقد، لن تغيّر شيئًا كما يرغب أنصار حفتر، مشيرا إلى أن قرار مجلس النواب بطرابلس "قطع الطريق أمام صدور أي نتائج من شأنها أن تخدم مصالح حلفاء الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا".

وقال عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك معلومات مسربة بشأن تقديم أبوظبي إغراءات مادية كبيرة لبعض النواب المقاطعين لجلسات طبرق من أجل المشاركة في لقاء القاهرة، لكن بيان النواب بطرابلس سيكون له شديد الأثر على سلبية نتائج أي اجتماع كان وبأي عدد".

وعن أهداف القاهرة من دعوة النواب للقاء، قال "التسريبات والتكهنات عديدة، لكن كلها تصب في صالح إنقاذ موقف حفتر العسكري واستباقا لأي نتائج قد تؤثر على وضعه من خلال لقاء برلين" مشيرا الى ان ألمانيا متشددة في ضرورة تخفيف تأثير أنصار طرفي القتال في ليبيا على نتائج اللقاء الذي تعمل على استضافته قريبا.

وكان برلماني ليبي قد كشف، في وقت سابق، لــ"العربي الجديد"، النقاب عن أهداف القاهرة من اللقاء، مشيرا إلى أنه يهدف لـ"التأثير على أي نتائج قد يخلص إليها لقاء برلين المرتقب بشأن ليبيا".

وأضاف أن الاجتماع سيعلن عن "تحديد مدينة ليبية تكون محلا يعقد فيه مجلس النواب جلسة للإعلان عن حكومة وحدة وطنية، على أن تعمل هذه الأخيرة مع المجلس على تحديد موعد لإجراء انتخابات عامة في البلاد"، مشيرا إلى أن تصريحات رئيس البرلمان عقيلة صالح الأخيرة، وظهوره المتزايد، يأتيان كتقدمة لرجوع المجلس إلى الواجهة.

ويضيف عبد القادر أيضا أن القاهرة تسعى جاهدة لإقرار واقع ما لصالحها وحلفائها في ليبيا، مستفيدة من غياب وضوح الرؤية الدولية حول ليبيا، وتحديدا في كواليس الإعداد للقاء برلين، كما أنها تستبق استقرار الأوضاع السياسية في تونس والجزائر، الدولتين اللتين تمتلكان رؤية بشأن ليبيا مغايرة للرؤية المصرية الجانحة نحو دعم حفتر.


لكن الباحث في الشؤون السياسية الليبية، سعيد الجواشي، يحذر من إمكانية نجاح القاهرة وأبوظبي في شراء ذمم ومواقف نواب يقفون على الحياد، ويعيشون حالة غياب كامل منذ فترة، مشيرا إلى البلدين "يسعيان إلى تكثير السواد من خلال شريحة واسعة من النواب لا تزال غائبة"، مؤكدا أن "من يشارك رئيس مجلس النواب في طبرق لا يزيد عددهم عن العشرين نائبا مقابل قرابة الأربعين ظهروا في أول اجتماع للمجلس في طرابلس، ثم غابوا عن الأنظار... إننا نتحدث عن قرابة 100 نائب غائب عن الأنظار، وأعتقد أنهم الهدف من خلال شراء مواقفهم لصالح اجتماع القاهرة".

ولفت الجواشي، في حديثه لــ"العربي الجديد"، إلى عامل آخر قد يؤدي لنجاح اجتماع القاهرة، "وهو سبب نجاح مساعي حلفاء حفتر في أي وقت ومكان: أداء حكومة الوفاق الضعيف والمخجل"، مضيفا "بالأمس كان (رئيس الحكومة) فائز السراج يستنكر حديث السيسي عن توزيع الثروة الليبية واعتبره تدخلا في الشأن الليبي الداخلي، ولكنه لم يتحدث عن أدلة الوجود المصري العسكري في صفوف حفتر، ويصمت الآن تماما عن التدخل المصري في شأن أعلى جهة تشريعية في البلاد"، متسائلا: "ورقة مثل ورقة خطف وتغييب نائبة بمجلس النواب كسهام سرقيوة يمكن أن تقلب موقف المجلس برمته ضد حفتر لكن مواقف وخطوات حكومة الوفاق باتت اليوم محل استهجان وربما محل شبهات وتهم".
ويذكر عبد القادر من جانبه أن تحول القاهرة من رعاية ما أسمته "مشروع توحيد المؤسسة العسكرية" إلى مشروع "توحيد المؤسسة التشريعية" في ليبيا، وراءه تحول مصري ما يتعلق بتغير الظروف السياسية الدولية الراهنة، مرجحا بأن يكون الأمر متعلقا بذهاب لقاء برلين الى تكليف مجلس النواب، باعتباره جسما منتخب من الشعب، بتشكيل لجان للحوار السياسي والمصالحة، مؤكدا أن "القاهرة متفائلة في هذا الشأن بشكل أكبر مما يجب، فمجلس النواب جسم ميت ولا يمكن إحياؤه".​

دلالات

المساهمون