النظام السوري يستغل العملية التركية للتصعيد في إدلب

النظام السوري يستغل العملية التركية للتصعيد في إدلب

15 أكتوبر 2019
عاد التصعيد في الأيام الأخيرة(عز الدين إدلبي/الأناضول)
+ الخط -

بالتزامن مع عمليات "الجيش الوطني السوري" والجيش التركي في منطقة شرق الفرات ضد "قوات سورية الديمقراطية"، التي تشكّل مليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية عمودها الفقري، باشر النظام وحلفاؤه معركة جديدة ضد ريف إدلب الجنوبي. التصعيد الأخير جاء بعد فترة هدوء نسبي دامت نحو الشهر، فاسحاً المجال أمام سيل التكهّنات حول نية النظام ومن خلفه روسيا بما يخصّ جنوب إدلب. الأمر الذي أثار مخاوف لدى المدنيين في المنطقة من استغلال النظام والروس الانشغال بالعملية التركية في شرق الفرات، للقيام بتصعيد في جنوب إدلب قد يخلّف المزيد من الضحايا المدنيين والتدمير، بهدف إحراز تقدم يمكّن قوات النظام من السيطرة على طريقي حلب ـ دمشق وحلب ـ اللاذقية الدوليين. في السياق، استهدفت قوات النظام والطيران الحربي الروسي، أمس الاثنين، قرى وبلدات الشيخ مصطفى والدير الغربي والبارة، ما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وجرح أربعة آخرين على الأقل.

وأدى التصعيد الروسي يومي السبت والأحد الماضيين، إلى مقتل مدني وإصابة 12 آخرين، بينهم أربعة أطفال وامرأة، حسبما أفادت مصادر من الدفاع المدني السوري لـ"العربي الجديد". وأضافت المصادر أن أربعة مدنيين، بينهم امرأة، أُصيبوا بجراح متفاوتة جراء قصف مدفعي من قوات النظام على بلدة جبالا في ريف إدلب، وأُصيب ثلاثة مدنيين جراء قصف صاروخي من قوات النظام على قرية الكندية في ريف إدلب الغربي، كما أصيب مدني جراء قصف مماثل على بلدة بداما يوم الأحد.

ويوم السبت، أسفر قصف قوات النظام على ريف إدلب عن مقتل طفل في كفرومة، بينما أُصيب أربعة أطفال على الأقل في بلدة البارة. وشنّت الطائرات الروسية 13 غارة على الأقلّ، تزامناً مع قصف قوات النظام عشرات القذائف المدفعية والصاروخية. وشمل القصف الجوي وفق المصادر منطقة جبل الأربعين ومنطقة بزابور وبلدة معرشورين، فيما شمل القصف المدفعي والصاروخي بلدتي معرة حرمة وكفرسجنة وقرى معرزيتا وجبالا، بالإضافة إلى الهلبة وأم جلال بريف إدلب الشرقي، وبداما والكندة وطريق عين الباردة بريف إدلب الغربي.

لم يقتصر التصعيد على ريف إدلب فحسب بل طاول منطقة الكبينة في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي الشرقي، بعد قصف النظام للمنطقة بعشرات البراميل المتفجرة. وسبق ذلك التصعيد هدوء نسبي استمر نحو شهر ونصف الشهر منذ إعلان روسيا عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد، في 31 أغسطس/آب الماضي، وإعلان النظام الالتزام به لاحقاً. وشهدت منطقة جنوب إدلب خلال هذه الفترة عودة آلاف النازحين إلى القرى والبلدات نظراً للهدوء النسبي وتوقف عملية التقدم البري للنظام عند حدود مدينة خان شيخون بعد عملية عسكرية استمرت قرابة أربعة أشهر.



وكشفت مصادر محلية أن التصعيد أثار مخاوف جديدة لدى الأهالي، خصوصاً النازحين العائدين منهم إلى المنطقة، من عملية عسكرية جديدة قد تقوم بها قوات النظام بدعم روسي للتقدم مجدداً وقضم مناطق في ريف إدلب. فذكر الناشط محمد الإدلبي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن التصعيد يثير مخاوف لدى المدنيين، لأن الروس والنظام لم يفوا بوعودهم سابقاً أو بأي اتفاق في وقت سابق، وربما يستغلون عملية شرق الفرات للضغط على تركيا والتقدم في إدلب.

وبحسب الناشط، إن ما يبرر هذه المخاوف، هو عدم التزام النظام المدعوم من روسيا سابقاً باتفاقات خفض التوتر واتفاق المنطقة العازلة، كما أن عدم وضوح تلك الاتفاقات بشكل جلي أمام الناس، يجعلهم دائما يتوقعون الأسوأ بناء على ما حصل سابقاً، حين تقدم النظام في المنطقة بعد أيام من إعلانه عن هدنة وسيطر على خان شيخون مهجّراً نحو مليون مدني.

ويشير مراقبون إلى احتمالية وجود تفاهمات بين روسيا وتركيا حول إدلب مقابل تقدم العملية التركية شرق الفرات، قد تقضي بتقدم جديد للنظام في إدلب وحصوله على الطرق الدولية الواصلة بين دمشق وحلب واللاذقية، فضلاً عن أن "الجبهة الوطنية للتحرير" قد اندمجت ضمن الجيش الوطني، وقد يستدعي ذلك نقل تعزيزات إلى منطقة شرق الفرات وترك جبهات إدلب. ومع التكهنات حول مصير جنوب إدلب في ظل تقدم قوات "الجيش الوطني السوري" في شرق الفرات، يأتي إعلان النظام عن إرسال قواته إلى مناطق "قسد" من أجل صدّ ما أسماه بـ"العدوان التركي"، وذلك يفتح تساؤلات عن قدرة النظام على تغطية تلك المناطق من دون سحب قواته من جبهات أخرى ومن بينها جبهات إدلب.