دول الاتحاد الأوروبي توافق على تكثيف مباحثات "بريكست" السرية

دول الاتحاد الأوروبي توافق على تكثيف مباحثات "بريكست" السرية بعيداً عن الأضواء

11 أكتوبر 2019
لقاء زعيمي بريطانيا وأيرلندا أمس بعث روحاً إيجابية بالمفاوضات(Getty)
+ الخط -
أعطت دول الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، موافقتها على تكثيف مباحثات "بريكست" السرية، بعيداً عن الأضواء، بعد اجتماع سفرائها بكبير مفاوضي الاتحاد ميشيل بارنييه. وأطلع بارنييه السفراء على نتيجة مباحثاته مع وزير "بريكست" البريطاني ستيفن باركلي، ومباحثات رئيسَي وزراء بريطانيا وأيرلندا، والتي تعكس تفاؤلاً باحتمال التوصل لاتفاق في الأيام المقبلة، قبل انعقاد القمة الأوروبية يوم الخميس 17 أكتوبر/ تشرين الأول.
والتقى بارنييه وباركلي، صباح اليوم، لمناقشة مخرجات اجتماع زعيمَي بريطانيا وأيرلندا يوم أمس، والذي بعث روحاً إيجابية في مفاوضات "بريكست" المتعثرة.
ووصف بارنييه المحادثات بـ"البناءة"، مطالباً بـ"الصبر"، وذلك بعد الاجتماع الذي دام ساعتين ونصف الساعة. وقال: "كان لقاء بناء بستيف باركلي وفريقه البريطاني، وأنا في طريقي الآن لإطلاع سفراء الدول 27 ومجموعة "بريكست" في البرلمان (الأوروبي) عليه. لقد قلت سابقاً إن "بريكست" مثل تسلّق جبل: نحتاج للحيطة والعزيمة والصبر".


وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك قد رحب التطورات الأخيرة بين دبلن ولندن، وحثّ مفاوضي "بريكست" على عدم إضاعة أية فرصة للتوصل إلى اتفاق، ولكنه حذر في الوقت ذاته من نفاذ الوقت أمام المفاوضات.
وقال من نيقوسيا، خلال لقائه بالرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس: "لقد قلت لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قبل أسبوع، إنه في حال لم يكن هناك مقترح بديل بحلول اليوم، فإنني سأعلن نهاية فرص التوصل لاتفاق خلال المجلس الأوروبي المقبل. ولكن بعد لقاء رئيس الوزراء الأيرلندي بنظيره البريطاني يوم أمس، رأى كلاهما طريقاً للتوصل لاتفاق".
وأضاف: "تلقيت إشارات واعدة من رئيس الوزراء بإمكانية التوصل لاتفاق. تجري حالياً محادثات تقنية في بروكسل. وبالطبع لا ضمان لنجاحها، والوقت أمامها قارب على الانتهاء عملياً. ولكن يجب أن نستغل أية فرصة أمامنا".


وكان رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار قد قال إنه يرى "طريقاً لإمكانية اتفاق بريكست"، بعد جلسة تفاوضية مغلقة مع نظيره البريطاني بوريس جونسون امتدت لثلاث ساعات، جرت قرب مدينة ليفربول في الشمال الإنكليزي يوم الخميس.
وكانت نتيجة الاجتماع مفاجئة، وخصوصاً في ظل انهيار المحادثات الأسبوع الجاري. وعلى الرغم من عدم كشف أي من الزعيمين عن النقاط التي دفعت فارادكار إلى الحديث عن احتمال التوصل لاتفاق مع نهاية الشهر الحالي، لم ينكر فارادكار وجود تحديات جدية بحاجة لحلول عاجلة.
وتتمحور التكهنات حول تقديم جونسون تنازلات جديدة في ما يتعلق بالفيتو الأيرلندي الشمالي، والتسوية الجمركية، واللذين يشكلان محور الرفض الأوروبي. ويُعتقد أن جونسون قد يكون تخلى عن آلية موافقة برلمان أيرلندا الشمالية في ستورمونت، كل أربع سنوات، على تمديد العمل بقواعد الاتحاد الأوروبي، وهي الآلية التي تمنح الخصوم في بلفاست حق الفيتو عملياً على العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

وتخشى دبلن من أن يؤدي تشدد الحزب "الاتحادي الديمقراطي" المؤيد للتاج البريطاني، والمعادي لتوحيد الجزيرة الأيرلندية، إلى عرقلة أية ترتيبات جديدة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
أما من ناحية التسوية الجمركية، فقد يكون العرض الذي تقدم به جونسون يسمح لأيرلندا الشمالية بالالتزام بقواعد الاتحاد الجمركي الأوروبي بعد مغادرته، بينما تبقى في عضوية السوق المشتركة.
وتخشى بروكسل من أن بقاء أيرلندا الشمالية في عضوية السوق المشتركة، ولكن مع التزامها بالقواعد الجمركية البريطانية، والتي ستختلف بعد بريكست عن تلك الخاصة بالاتحاد الأوروبي، سيقوض من السوق الأوروبية المشتركة. ويكون الحلّ البريطاني بأن تخرج أيرلندا الشمالية من الاتحاد الجمركي، وهو الخط الأحمر البريطاني، ولكن تظلّ ملتزمة بقواعد الاتحاد الجمركية من خارجه.
ولم تعلّق رئاسة الورزاء البريطانية على احتمال تحول موقف جونسون، وهو الذي يحتاج إلى موافقة متشددي بريكست في حزبه، إضافة إلى أصوات "الاتحادي الديمقراطي"، لتمرير الصفقة المعدلة في البرلمان البريطاني.

واكتفت لندن بالمشاركة في بيان رسمي مشترك مع دبلن، جاء فيه: "يظل الطرفان مؤمنين بأن الاتفاق في مصلحة الجميع. واتفقا على أنهما يريان طريقاً لاتفاق ممكن"؛ و"ركزت المناقشات على التحديات الخاصة بآليات الموافقة والتسوية الجمركية. كما ناقشا إمكانية تعزيز العلاقات الثنائية، بما فيها ما يتعلق بأيرلندا الشمالية". ولكن البعض يعتقد بأن التفاؤل الأيرلندي في غير محله، حيث لا تزال المعضلات الرئيسة موجودة، بانتظار جلسات مطولة من المفاوضات، وتتبعها ضرورة موافقة الأغلبية البرلمانية البريطانية على أي اتفاق معدّل يأتي به جونسون من القمة الأوروبية. ودفع ذلك إلى الاعتقاد بأن التصريحات المتفائلة بإمكانية التوصل إلى اتفاق ما هي إلا مناورة لتجنب تحمّل اللوم عندما تفشل هذه المفاوضات رسمياً الأسبوع المقبل.
وقفز سعر صرف الجنيه الإسترليني في الأسواق العالمية بعيد الاجتماع، ما يعكس أجواء التفاؤل في أسواق المال البريطانية من احتمال الاتفاق. وصعد صرف الجنيه الإسترليني بنقطتين مئويتين مقابل الدولار واليورو في أعلى مستوياته هذا الأسبوع، وليقترب من 1.24 دولار و1.13 يورو. وعلى الرغم من ذلك، يظلّ الجنيه الإسترليني في مستويات منخفضة مقارنة ببداية العام الحالي، بانتظار اتفاق مع بروكسل.