الجزائر… ما بعد 26 في المائة

الجزائر… ما بعد 26 في المائة

29 يناير 2019
يزداد عدد المقاطعين مع كل استحقاق انتخابي جديد(العربي الجديد)
+ الخط -
في انتخابات الرئاسة في الجزائر، ثمة دائماً فارق في الهواجس بين مرشح السلطة والعسكر، والمرشح المعارض في الجزائر. وفي ظل المعطيات المتحكمة بالعملية الانتخابية في الجزائر، حيث السلطة هي الخصم والحكم على قول المتنبي، فإن مسألة فوز مرشح معارض تبقى احتمالاً ضعيفاً من الناحية الواقعية، إذ لم تنضج الدولة ومؤسساتها لتقبل فوز مرشح معارض، كما أن المجتمع الناخب في حد ذاته لا يزال متصلاً، بالترهيب أو الترغيب، بمنظومة الدولة.
لكن مع ذلك، ثمة متغيرات يجب الانتباه إليها عند قراءة مؤشرات التصويت في الاستحقاقات الانتخابية منذ الانتخابات الرئاسية عام 2014.
سيكون من السهل ملاحظة الارتفاع الكبير للكتلة الصامتة التي لا تعبر عن موقفها الانتخابي، في آخر انتخابات رئاسية في أبريل/نيسان 2014، رفض 12 مليون ناخب التصويت (51.07 في المائة كانت نسبة التصويت)، وفي الانتخابات النيابية في مايو/أيار 2017 زاد عدد المقاطعين ورفض 17 مليون ناخب التعبير عن أصواتهم وحسم خمسة ملايين ناخب فقط النتائج الانتخابية، (37.09 في المائة كانت نسبة التصويت).
السلطة عاجزة، بأدواتها وأجهزتها السياسية والضغوط التي تمارسها على الناخبين، عن إقناع الكتلة الصامتة بالتوجه الى صناديق الاقتراع، بل إن الشخصيات التي تتقدم لمخاطبة الناخبين باسم السلطة هي نفسها المنتج الرئيس للعزوف الانتخابي بسبب الخطاب السياسي البالي، إلى درجة أن السلطة نفسها اقتنعت أن مستويات الإحباط الاجتماعي تفوق بكثير جهودها. ومع مزيد من الانكشاف قلبت السلطة المعادلة لتكون أكبر مستفيد من العزوف الانتخابي، وفي حالة الانتخابات الرئاسية، فإن العزوف يفتح لرجالات المال والسلطة التنافس لشراء مدد من الأصوات بالزيت والسكر وإظهار ولائهم للرئيس.
تظهر الأرقام تلك أن هناك مساحات كبيرة يتعين على القوى التي تستهدف التغيير السياسي زراعتها والاشتغال فيها. يفترض أن يكون تَغيُر الجيل الناخب، وأغلبه من الشباب، في صالح المعارضة التي تحمل هواجسه وتعبّر عن طموحاته وتتفهم تطلعاته، أكثر مما هو في صالح السلطة التي تتحمل بإخفاقاتها المتعددة وزر الظروف التي أوجدت فيها هذا الجيل الجديد. هناك سباق بين السلطة والمعارضة باتجاه الجيل الجديد من الشباب والناخبين، وليس على المعارضة أن تخسر هذه المعركة.
حتى الآن يحوز المرشح الرئاسي الراحل محفوظ نحناح أعلى نسبة فاز بها مرشح منافس لمرشح السلطة في انتخابات الرئاسة، حين حصل على 26 في المائة. وبغض النظر عن الظروف التي جرت فيها تلك الانتخابات فإن رهانات مرشحي التغيير، يجب أن تستهدف تجاوز هذا السقف والاقتراب أكثر إلى حدود تمكّن من إحداث اختراق في الكتلة الناخبة والتوازن مع مرشح السلطة، أخذاً بعين الاعتبار ما تسمح به الحالة الانتخابية في الجزائر راهناً، وبما يمكن من البناء عليها مستقبلاً.

دلالات

المساهمون