تواجد جديد لـ"حزب الله" بالسويداء وتوسع في جنوب سورية

تواجد جديد لـ"حزب الله" بالسويداء وتوسع في جنوب سورية

28 يناير 2019
استقدمت عناصر من "حزب الله" إلى ريف السويداء الجنوبي(Getty)
+ الخط -

يحاول "حزب الله" والمجموعات الإيرانية، على ما يبدو، إعادة الانتشار في الجنوب السوري، أولاً بهدف الحفاظ على تواجدهم بالقرب من منطقة الجولان السوري المحتل، وثانياً لتجنب خطر الضربات الإسرائيلية النوعية، خاصةً في محافظة السويداء ومحيطها، ذات الغالبية من أبناء الطائفة الدرزية.

وتأتي تحركات هذه المليشيات في جنوب سورية، من السويداء إلى درعا والقنيطرة، بالرغم من كل ما تمّ الحديث عنه حول وجود توافق دولي وروسي - إسرائيلي، يقضي بإخلاء المنطقة الموازية لمنطقة الجولان السوري المحتل، بعمق ما بين 80 و100 كيلومتر، من أي تواجد إيراني أو لـ"حزب الله" اللبناني.

وقالت مصادر مطلعة في السويداء، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسبابٍ أمنية، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك معلومات تفيد بأن مجموعات من حزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية، تم استقدامها خلال الأيام القليلة الماضية من منطقة المطلة بالقرب من الكسوة في ريف دمشق، والتي تعرضت في ما سبق للقصف من قبل الاحتلال أكثر من مرة، إلى منطقة بالقرب من بلدة حوط في ريف السويداء الجنوبي".

وتحدثت المصادر عن "معلومات أيضاً تتعلق بتواجد لعناصر حزب الله، في بعض النقاط العسكرية المنتشرة في المحافظة، وخاصة في منطقة مطار الثعلة، وبالقرب من منطقة اللجاة، التي أعلنت منطقة عسكرية، بعدما سيطرت عليها القوات النظامية والمليشيات الرديفة العام الماضي".

ولفتت المصادر إلى أن "الإيرانيين وحزب الله حاولوا في السابق مرات عدة خلق بيئة حاضنة لهم في السويداء، إلا أنهم فشلوا في ذلك، بالرغم من كل الإغراءات التي قدموها، فقد استمالوا بضع شخصيات من أبناء المحافظة عبر المال والسلطة، لافتتاح مكاتب تجنيد لشباب المحافظة لصالحهم خلال السنوات الأخيرة، إلا أن جذبهم بقي محدوداً جداً، واقتصر على عشرات الشباب، الذين التحقوا بتلك المليشيات لفترات محدودة ومتقطعة، تحت ضغط العوز المالي".

وتابعت المصادر أنه "حتى في عامي 2014-2015، ظهرت في المحافظة بعض السيارات التابعة لهم، تضع أغاني ولطميات بصوت مرتفع وتتجول في المدينة، فحذرت بعض القوى المدنية من إيجاد مثل هذه الظواهر في المحافظة، مهددين باستهداف أي سيارة تضع مثل هذه الأغاني، ما أدى إلى اختفائها من الشوارع".

وأضافت "تحت ضغط قوى المحافظة، قام الأمن العسكري بإغلاق معسكر لمليشيا النجباء، بالقرب من سد العين في ريف السويداء، قبل أكثر من ثلاث سنوات، ولكن بالرغم من ذلك لا تزال تلك الجهات تحاول التقرب من بعض المرجعيات والقيادات المحلية، لكن دون أن ينعكس ذلك إيجابياً على المجتمع".

كما ذكرت المصادر المطلعة أنه في "العام الماضي زار وفد من علماء إيرانيين بعض المرجعيات والوجهاء، محاولين تسويق وجود مقامات دينية شيعية في المحافظة، الأمر الذي جوبه بالرفض من قبل مختلف القيادات المحلية والمجتمع، حيث لا يوجد تاريخيا أي مقامات دينية شيعية في المحافظة".

ولفتت إلى أن "هناك معلومات تفيد بأن حزب الله يعمل على استقطاب البدو المنتشرين على أطراف المحافظة، وتجنيدهم لحسابه، إذ توجد نسبة لا بأس بها منهم تتبع المذهب الشيعي، ومجموعات كبيرة منهم معروفون بتبدل ولاءاتهم، ففي بداية الأزمة كانوا يعملون لصالح الأمن العسكري التابع للنظام، ومن بعدها عملوا مع الفصائل المسلحة المعارضة ومن ثم تنظيم النصرة الإرهابي، وأخيرا مع تنظيم داعش الإرهابي، قبل أن يطرد من المنطقة باتجاه عمق البادية شرق السويداء، واليوم يبدو أنهم يميلون لولاء حزب الله والمليشيات الإيرانية".     

من جهته، قال الناشط أبو عبد الله الدرعاوي (اسم مستعار لأسباب أمنية)، مقيم في درعا، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "يوجد حضور لحزب الله والمليشيات الإيرانية، في درعا والقنيطرة، وإن كان لا يرصد بشكل علني كما دمشق مثلاً، حيث إنهم لا يرفعون راياتهم وشعاراتهم الطائفية، إلا أن لهم مكاتب لاستقطاب وتجنيد الشباب، خاصة في بلدة صيدا بالريف الشرقي لدرعا، ومدينة ازرع بالريف الشمالي الشرقي، وهي تعتبر المركز الرئيسي لتلك المليشيات، وقد يعود ذلك لوجود جزء من أهالي الصنمين هم من أتباع المذهب الشيعي، الموجود بنسب مختلفة في عدة بلدات ومدن بدرعا".

وبيّن الناشط أن "تلك المكاتب تعطي من يلتحق بها راتباً شهرياً يتراوح بين 300 و350 دولارا أميركيا (سعر صرف الدولار الواحد نحو 500 ليرة سورية)، وهذا أضعاف راتب الشاب الذي يخدم في القوات النظامية، وحتى أكثر من راتب المقاتل في الفيلق الخامس اقتحام، الموالي للروس، حيث يبلغ راتب المقاتل 200 دولار فقط".                    

ولفت إلى أن "هناك تجمعا للمليشيات العاملة لحسابهم، جانب اللواء 90 بالقنيطرة"، موضحاً أن "غالبية المليشيات والمقاتلين المستقطبين من قبل تلك المكاتب يتم ضمهم إلى تشكيل يسمى لواء العرين وقيادته في ازرع".  

وتشير تقارير إعلامية إلى وجود قوات لــ"حزب الله" في منطقة مثلث الموت، وهي المنطقة الممتدة بين أرياف درعا والقنيطرة وريف دمشق، إضافة إلى تواجد لها في مدينة درعا.

وأفادت معلومات متقاطعة، أن سبب عدم ملاحظة تواجد المليشيات الايرانية و"حزب الله" في جنوب سورية، هو التوجهات الشديدة لهم بإخفاء هوياتهم، حيث تم إلباسهم الألبسة العسكرية المتعارف عليها، كلباس رسمي للقوات النظامية، وتزويدهم حتى ببطاقات تعريف صادرة عن القوات النظامية، كما يحظر عليهم الاختلاط بالناس أو التحدث معهم، كي لا يكتشف أنهم غير سوريين.

وتعتبر المنطقة الجنوبية، من المناطق السورية المتنازع عليها إلى اليوم إقليمياً، ففي حين يعتبرها الاحتلال الإسرائيلي مسألة أمن قومي له، ما يجعل أي تواجد لـ"حزب الله" والايرانيين بشكل مباشر أو غير مباشر تهديدا له، تعتبرها إيران أحد أهم أوراقها في اللعبة السياسية الدولية، والتي قد تحقق من خلالها الكثير من المكاسب في ملفها النووي وملف المعتقلات، وهي المتغلغلة بشكل عميق في النظام السوري، لدرجة "وحدة المصير" إن صح التعبير، ما يجعل المنطقة قلقة وقابلة للانفجار بأي وقت.   

   

المساهمون