عن مستقبل "النصرة"

عن مستقبل "النصرة"

19 يناير 2019
روسيا لم ترد على خرق "الهيئة" لاتفاق سوتشي(فرانس برس)
+ الخط -

أثار سكوت صانعي اتفاق سوتشي، تركيا وروسيا، الخاص بوقف إطلاق النار في شمال غرب سورية، على سيطرة "هيئة تحرير الشام" (الوجه الجديد لـ"جبهة النصرة") والمصنف من قبلهما كتنظيم إرهابي، على كل محافظة إدلب إدارياً من خلال ما يسمى "حكومة الإنقاذ"، التابعة عملياً إلى "الهيئة"، وكذلك قضاء "الهيئة" على فصيل "نور الدين الزنكي" بشكل نهائي، وتحييد "حركة أحرار الشام" في كل من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، ونشر "الهيئة" لعناصرها على طول المنطقة منزوعة السلاح في أرياف إدلب الغربي والجنوبي وحماة الشمالي وحلب الغربي، العديد من التساؤلات، حول سبب سكوت تركيا عن قضاء "الهيئة" على فصائل تدعمها، وحتى استيلائها على سلاحها. والأخطر من ذلك هو سيطرة "الهيئة" على مناطق مطلوب من أنقرة، بحسب اتفاق سوتشي، طرد التنظيمات الإرهابية منها، وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام". وفي المقابل، لم يلق هذا الخرق من قبل "الهيئة" لاتفاق سوتشي أي ردة فعل من الجانب الروسي.

إن هذا السكوت غير المبرر من قبل ضامني سوتشي على سلوك "هيئة تحرير الشام" يمكن تفسيره بأحد أمرين، إما أن يكون هناك توافق روسي تركي على السماح لها بخرق اتفاق سوتشي وتركها كي تتخلص من فصائل المعارضة، التي من الممكن أن تسبب إزعاجاً لتركيا في موضوع دمج فصائل المعارضة مستقبلاً ضمن فصيل واحد، وذلك بعد أن تم تجميع تلك الفصائل ضمن ما سمي "الجبهة الوطنية" التي لا تزال تجمعاً هشاً، الأمر الذي يفسر عدم تدخل شركاء فصيل "الزنكي" في "الجبهة الوطنية" بشكل فعلي في حربه ضد "الهيئة" وتركه لمصيره، وتالياً تصبح الذريعة جاهزة للتدخل الروسي وأخذ مناطق كانت موسكو تسعى لتمكين النظام منها في جنوب وغرب محافظة إدلب، وذلك كثمن مقابل دعم العملية التركية في شرق الفرات.

أما الاحتمال الآخر لهذا السكوت عن تمدد "النصرة" فقد يكون نابعاً من إدراك تركيا لعدم رغبة روسيا بإطالة أمد الحرب ودخولها بحرب استنزاف مع "جبهة النصرة"، وإدراكها أيضاً لعدم سماح الولايات المتحدة بسيطرة روسيا على محافظة إدلب، خصوصاً مع ترتيبات انسحابها من شرق الفرات، وتلويح واشنطن في كل مرة يتم فيها الحديث عن استهداف النظام لإدلب بفتح ملف الكيميائي، الأمر الذي ربما يدفع بتركيا لاستخدام ورقة "هيئة تحرير الشام" كورقة قوة في وجه الروس وليس العكس. إلا أن السيناريو الثاني يحمل في طياته مخاطر أن يتم العمل على إعادة تأهيل "الهيئة" وتشذيبها لتكون شريكاً في الحل السياسي، كونها تمتلك وتتحكم بكل المرافق الخدمية في المحافظة، وهو السيناريو الذي يشكل الخطر الأكبر على محافظة إدلب وعلى مستقبل سورية.

المساهمون