تونس: منظومة العدالة الانتقالية في مهب التعديلات والتوافقات

تونس: منظومة العدالة الانتقالية في مهب التعديلات والتوافقات

15 يناير 2019
الغنوشي دعا إلى عفو عام(ريكاردو دولوكا/الأناضول)
+ الخط -
تتسارع في تونس خطوات تعديل مسار "العدالة الانتقالية" وتنقيح القانون المحدث للمنظومة. ومثلت هذه النقطة أهم المسائل المطروحة على طاولات الأحزاب السياسية للحسم فيها قبل المواعيد الانتخابية، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتترقب الساحة الحقوقية مبادرة حزب "النهضة" المتعلقة بالمصالحة الشاملة، التي سبق أن أعلن عنها رئيسها راشد الغنوشي منذ أسابيع.

ولم يعد يفصل تونس عن إنهاء المرحلة الانتقالية إلا أشهر معدودة، مع موعد الاستحقاقين التشريعي والرئاسي، لذلك تسعى مكونات الساحة السياسية إلى استكمال ما تبقى من ملفات عالقة منذ الثورة قبل الموعد الانتخابي. ولعل ملف العدالة الانتقالية يُعد أبرز القضايا التي رافقها جدل كبير واتفق الفرقاء جميعاً على أن مسارها متعثر.



ويبدو أن اتفاقاً قد حصل بين الأحزاب السياسية الحاكمة على ضرورة تعديل المسار واستكماله سريعاً، لا سيما أن هيئة "الحقيقة والكرامة" قد انتهت مدة عملها ولم تسعفها محاولات مجلسها للإبقاء عليها خلال الفترة المقبلة في شكل هيئة تصفية.

وفي السياق، قال رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي خلال محاضرة ألقاها قبل يومين، على هامش ندوة لمركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية، إنّ حصيلة العدالة الانتقالية أقل بكثير من التوقعات لاعتبارات عدة، بيد أنها خففت من الاحتقان وأعطت للضحايا فرصة للتعبير عن ألمهم".

وأكد الغنوشي التزامه "بهذا المسار مستقبلاً بما يضمن الكشف عن الحقيقة واعتذار المذنب وجبر ضرر الضحايا ومن ثم إعلان المصالحة الشاملة"، مذكرا باقتراحه الذي عرضه خلال الندوة السنوية للحزب والمتمثل في مقترح قانون للعفو الشامل يتضمن الاعتراف والاعتذار وجبر الضرر.

ويواصل الغنوشي التشاور بشأن هذا المقترح. ورغم تواتر تسريبات حول هذه المشاورات من بينها مقترح حل الدوائر القضائية المختصة في "العدالة الانتقالية" بما فيها قضايا الفساد المالي والإثراء على حساب المال العام وإرجاع الملفات التي بحوزتها إلى النيابة العمومية التي تتولى عرض الصلح بالوساطة على الطرفين، إضافة إلى تخلي القضاء العسكري عن النظر في قضايا شهداء وجرحى الثورة.

وأورد المقترح أيضاً أن يتم الصلح بعد إقرار القائم بالانتهاك بالحقيقة وقبوله المحاسبة والاعتذار للضحية مقابل الحصول على حكم مخفف أو عفو، وفي حال رفضه تنطلق الأعمال القضائية الجزائية ضده.

في المقابل، دعت حركة "مانيش مسامح" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للتحرك ضد أي مبادرة تسقط جانب المحاسبة من منظومة العدالة الانتقالية.

من جهته، اعتبر القيادي بحركة "النهضة" ووزير العدالة الانتقالية السابق، سمير ديلو، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، أن أي مقترح يسقط مبدأ المحاسبة من المنظومة ضرب من العبث.

ورأى ديلو أن مبادرة الغنوشي لم تتبلور بعد ولا تزال محل نقاش حول مقتضياتها، لافتاً إلى أن "الغنوشي لم يقدم بعد مقترحاً رسمياً.

وشدد في الوقت نفسه على أن "المقترحات التي تهدف إلى تعديل المنظومة عبر إيقاف مسارات جارية على غرار الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية، تعد نوعاً من العبث المرفوض".

المساهمون