مباحثات تهدئة غزة تعود إلى نقطة البداية

مباحثات تهدئة غزة تعود إلى نقطة البداية

09 سبتمبر 2018
عادت أعداد المتظاهرين للارتفاع على حدود غزة أخيراً (Getty)
+ الخط -

عادت مباحثات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، برعاية المخابرات المصرية، إلى نقطة الصفر، بعد تغيير موقف مصر أخيراً واشتراطها إنجاز المصالحة الفلسطينية قبل الذهاب إلى اتفاق تهدئة مع إسرائيل، وهو المطلب الذي نقلته السلطة الفلسطينية إلى القاهرة ونجحت في تحصيله. غير أنّ إنجاز المصالحة بالظروف والشروط الموضوعة من السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" مستحيلة، في ظل ارتفاع نبرة التهديد بينهما، والتهديدات الأخرى المحيطة بالفلسطينيين، إلى جانب نجاح كل الأطراف المؤثرة في إشغال الفلسطينيين عن القضايا الكبرى والمعاناة اليومية للمواطنين بقضايا أقل أهمية. وكانت "العربي الجديد" قد انفردت، قبل أيام، بكشف تعرّض مباحثات التهدئة لانتكاسة عقب هذا التغير، لكن المعلومات الجديدة التي حصلت عليها "العربي الجديد" تشير إلى أنّ مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام، نيكولاي ملادينوف، مستمر في جهوده.

ويتعزز هذا الأمر مع تأكيد نائب رئيس حركة "حماس" في غزة، خليل الحية، خلال مشاركته في مسيرة العودة شرق غزة، أول من أمس، أنّ الجهود المتعددة، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، لرفع الحصار عن غزة مستمرة. ولوحظ أنّ الحية تجاهل ذكر مصر لأول مرة في هذا التصريح الذي نقلته وسيلة إعلام مقربة من حركته، وهو الذي طالب الأطراف بالاستعجال في تطبيق وعودهم قبل مواصلة الشعب الفلسطيني فعله لانتزاع كل حقوقه.

وتؤكد مصادر "العربي الجديد" أنّ ملادينوف مستمر في جهوده لتحقيق تهدئة وتخفيف الحصار المضروب على القطاع، لمنع تدهور الأوضاع إلى الأسوأ واندلاع حرب مدمرة ضد مليوني فلسطيني في القطاع الساحلي المحاصر. لكن جهود ملادينوف أيضاً، وفق المصادر، تصطدم برغبة مصر في الاستفراد بالملف الفلسطيني، وانزعاج السلطة الفلسطينية من تحركاته ورفضها استقباله أخيراً، كرسالة احتجاج على استمراره في محاولة الوصول إلى تهدئة بشروط تمنع عن غزة الحرب.

وبدأت الفصائل الفلسطينية في العودة إلى خيار تصعيد العمل السلمي على الحدود في كل جمعة، ولوحظ في الجمع الثلاث الأخيرة زيادة أعداد المتظاهرين بشكل يُذِّكر بالأيام الأولى لانطلاقة "مسيرات العودة وكسر الحصار". وعادت هذه الفصائل إلى السماح للشبان الغاضبين بإطلاق البالونات الحارقة وقص السياج الفاصل، في ما بدت محاولة لإعادة تحريك المباحثات من جديد، في ظل قلق الاحتلال الإسرائيلي من استمرار هذه المسيرات والحشود الأسبوعية التي باتت ترهقه وترهق أيضاً وسطاء التهدئة.


وعلى الرغم من أنّ مسيرات العودة تشهد احتكاكاً مباشراً مع الإسرائيليين، إلا أنها، وفق المعطيات الميدانية، لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، خصوصاً مع استمرار دفع الفلسطينيين وحدهم ثمنها من دماء المتظاهرين. واستشهد 174 فلسطينياً وأصيب 19600 بجراح مختلفة، منذ انطلاق فعاليات "مسيرات العودة وكسر الحصار" في 30 مارس/آذار الماضي، على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة، وهي المسيرات التي حركت كل هذه الجهود لإيجاد حل للأزمات والأوضاع القاسية التي تعيشها غزة.

وتعمل "حماس" حالياً، وفق مصادر "العربي الجديد"، على فعل كل شيء يمكن أن يُبعد شبح الحرب الرابعة على غزة، في ظل بروز ملامح قوية على قربها. وتسعى الحركة، عبر كل الأطراف المؤثرة، لإنجاز ما تم التعهد به لصالح غزة، كي لا يكون الذهاب إلى خيار المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي هو الحتمي. وفي رسالته الأخيرة للأطراف الساعية للهدوء في غزة، قال رئيس حركة "حماس" في القطاع، يحيى السنوار: "نحن لا نريد الحرب، لكن هذا لا يعني أننا غير جاهزين لصد أي عدوان؛ فنحن على أتم الاستعداد والجهوزية مع فصائل المقاومة". ونقل السنوار التهديد إلى أعلى المستويات، حين تحدث عن سقوط أكثر من ألف قتيل إسرائيلي في الحرب المقبلة، ليؤكد أنّ تقديرات الإسرائيليين بشأن هذا العدد قليلة مع ما أعدته المقاومة الفلسطينية لها إذا أرادت الذهاب إلى حرب رابعة.

وعلى الأرض، ووفق معلومات خاصة بـ"العربي الجديد"، فإنّ فصائل المقاومة الفلسطينية أبقت، منذ أكثر من شهر، على حالة الاستنفار في صفوفها التي أعلنتها في حينه، وعلى الرغم من تخفيضها إلى النصف، إلا أنها لم تلغِ حالة الاستنفار بشكل كامل، خشية من التطورات المفاجئة. وتبقى الحرب الرابعة، إن حدثت، معضلة كبيرة بالنسبة للفصائل الفلسطينية، في ظل غياب الغطاء العربي والإسلامي الرسمي لها، والتطبيع المتسارع من بعض الدول العربية والإسلامية مع الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي سيحرمها من الظهير العربي الشعبي أيضاً.