حفتر يخطط لعملية عسكرية في طرابلس وسط الهدنة الهشّة

حفتر يخطط لعملية عسكرية في طرابلس الليبية وسط الهدنة الهشّة

08 سبتمبر 2018
(محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
لليوم الرابع على التوالي، تشهد طرابلس وقف إطلاق نار بين الفصائل المتصارعة في جنوبها، لكن تصريحات قادة الحرب فيها قد تعكس هشاشة الاتفاق الموقّع بينها، لا سيما وأن تلك الفصائل لا تزال تحافظ على تمركزاتها ولم تعلن أي منها سحب أسلحتها ومقاتليها. يأتي ذلك، في وقت كشفت فيه مصادر، لـ"العربي الجديد"، عن مساعٍ للجنرال المتقاعد خليفة حفتر، على المستوى الدولي، لشنّ عملية عسكرية في طرابلس.

ورغم نداءات الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوفاق بضرورة رجوع الأسر النازحة إلى بيوتها، إلا أن أجزاء من الأحياء المتوترة لا تزال خالية من سكانها، حتى صباح اليوم السبت.
وأكد شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، أن أجزاء من أحياء خلة الفرجان ووادي الربيع والمشروع، لم يرجع أهلها إلى مساكنهم؛ خوفا من عودة الاشتباكات في أي لحظة. كما أن أغلب طرقات هذه الأحياء لا تزال مقفلة بسواتر ترابية، ومظاهر الحياة فيها متوقفة.
ولا تزال الهدنة التي تمكنت البعثة الأممية في البلاد من إقناع الأطراف بها تحافظ على صمودها، بعد أسبوعين من القتال الضاري راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى بين فصائل قوة الردع الخاصة، وقوة الردع والتدخل السريع، وكتائب ثوار طرابلس التابعة لحكومة الوفاق من جهة، واللواء السابع من ترهونة ولواء الصمود من مصراته من جهة أخرى.
ورغم أن تقارير إعلامية نقلت أن المليشيات "سحبت شاحناتها التي تحمل المدافع المضادة للطائرات"، لكن تهديدات يصدرها اللواء السابع ولواء الصمود بالاستعداد للحرب مجددا، ربما تؤشر إلى غير ذلك.
فخلال تصريحات تحمل في مضمونها رغبة اللواء السابع في الاستمرار في القتال، أكد المتحدث باسمه، سعيد الهمالي، في أكثر من مناسبة، أن قوات اللواء السابع ترد على مصادر النار في جنوب طرابلس بين الحين والآخر، لكنها لا تزال محافظة على شروط الهدنة، متهمة خصومها بالرغبة في خرقها.
لكن المتحدث باسم لواء الصمود، صلاح بادي، كان أكثر صراحة، حيث أكد أن "الساعات القادمة ستكون حاسمة"، وهو يؤكد سيطرته على معسكر النقلية المحاذي لمطار طرابلس القديم، خلال شريط فيديو جديد له، ليلة البارحة الجمعة.
وقال بادي "سنعطي الخونة والمندسّين من الخارج دروسا لن ينسوها"، مطمئنا أهالي المدينة بالقول "الخير جاي اطمئنوا".
وفي أول مؤشرات انهيار الاتفاق ميدانيا، سقطت قذيفة عشوائية، فجر اليوم السبت، على منطقة عرادة المحاذية لمطار امعيتيقة، بعد ساعات من إعلان عودة حركة الملاحة الجوية إليه.

على الصعيد السياسي، وبينما لا تزال حكومة الوفاق تراوح مكانها في المواقف الغامضة من المليشيات التي تقاتل باسمها في مواجهات الأيام الماضية، والتي سبقت وأن شرعنتها عبر وزارتها، من دون أن تؤكد استمرار هذه التبعية من عدمها، كانت إحاطة المبعوث الأممي، غسان سلامة، أمام أعضاء مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، محل اهتمام مسؤولي البلاد.
وتوجه رئيس لجنة الحوار في مجلس النواب، عبد السلام نصية، باتهامه للحكومة بـ"العجز التام عن معالجة أوضاع العاصمة". واعتبر أن الأمم المتحدة "لا تزال متمسكة" من خلال مبعوثها بالحكومة "رغم فشلها".
وقال نصية، في تدوينة على صفحته الخاصة، إن "سلامة في كلمة أمام مجلس الأمن توجه بالنقد إلى مجلس النواب بسبب إخفاقه في إتمام مشروع الدستور، لكنه تغاضى عن فشل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في توفير أبسط الخدمات الأساسية للمواطن، بالرغم من الدعم الدولي الكبير وتوفر الأموال بعيدا عن الطرق القانونية والدستورية ومن خلال ترتيبات مالية أشرفت عليها بعض الدول الإقليمية".
وتابع "سلامة لم يُشر إلى الرغبة الكبيرة والواضحة التي كانت لدى مجموعة كبيرة من أعضاء مجلس النواب الـ134 وأعضاء المجلس الاستشاري، في إعادة هيكلة المجلس الرئاسي بعد تصدّعه وفشله في إدارة البلاد، والعودة إلى مخرجات تونس ودخول البلاد في مرحلة استقرار سياسي، تمهيدًا لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، أو على الأقل استغلال هذا التوافق الواسع بين المجلسين للاتفاق على قاعدة دستورية في حال عدم إمكانية المضي قدمًا في المسار الدستوري".
أما عضو مجلس النواب المقاطع عن مدينة مصراتة، فتحي باشاغا، فتوجه باتهامه للمجتمع الدولي الذي قال إنه "مصمم على غض الطرف وتجاهل أصوات طبول الحرب التي ترعب المدنيين من دون ذنب". وفي إشارة إلى حكومة الوفاق قال، في تدوينة على صفحته الخاصة، "وأحذر من فقدان السيطرة، ولا وجود لقيادة سياسية قادرة على استيعاب الأزمة، فما بالك بإدارتها؟".


حفتر يرغب في التوجه إلى طرابلس

من جانب آخر، كشف مصدر برلماني من طبرق عن اتصالات أجراها ممثلون عسكريون عن اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، مع مسؤولين غربيين، بهدف الحصول على ضوء أخضر لانخراطه في المواجهات المسلحة في العاصمة طرابلس.
وقال المصدر، لـ"العربي الجديد"، إن "حفتر عرض خططا عسكرية على مسؤولين من حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، الخميس الماضي، لكنها لم تحظَ بدعم بعض الدول، وعلى رأسها واشنطن"، مشيرا إلى أن الخطوة كانت بتشجيع ودعم من باريس.
وأوضح المصدر أن "حفتر على تواصل مستمر منذ اندلاع القتال في طرابلس بأغلب الفصائل في غرب البلاد وداخل طرابلس، للإعداد لعملية عسكرية في حال الموافقة على عرضه"، لافتا إلى أن من بين تلك الفصائل اللواء السابع ومليشيا هيثم التاجوري.
وتابع "حفتر كان يهدف إلى التدخل بين تلك الفصائل للاتفاق معها رغم اختلافها وتقاتلها في الانضمام لقيادته والانقلاب على حكومة الوفاق، والسماح لتلك الفصائل بأن تكون المسيطرة على العاصمة"، مبينا أن فوضى القتال لم تمكّنه من إقناعها.
وعن مضمون خططه، قال "حفتر حاول إقناع الغرب بأنه الأقدر على احتواء الفصائل في طرابلس تحت قيادته وإيقاف الحرب وإمكانية سيطرته عليها تجنبا لتجدد مواجهات بينها"، متابعا أن "واشنطن وروما متخوفتان من تواجد حفتر وحده في طرابلس من دون خضوعه لجسم سياسي مدني، لا سيما وأن علاقته بحكومة الوفاق لا تتسم بالوفاق".
لكن المصدر لفت، في الوقت ذاته، إلى أن حفتر لم "ييأس من عرض خططه الحالية، ويرغب فعليا في التوجه إلى طرابلس بمساعدة دولية، بسبب عدم امتلاكه حلفاء أقوياء في الغرب الليبي".
المصدر أدلى بهذه المعلومات تعليقا على إعلان حفتر عن جهوزيته للتوجه نحو طرابلس، خلال خطاب له أثناء لقائه بوجاهات قبلية من شرق ليبيا، الخميس الماضي.

وبحسب وسائل إعلام مقربة من حفتر، فإنه أكد أن "الأزمة في طرابلس لابد أن تنتهي في أقرب وقت، ولا يمكن أن نصمت أمام الوضع الحالي. وتحرير طرابلس، وفق خطة عسكرية مرسومة، خيار لا مناص منه". وفي إشارة إلى تقاربه مع قادة المليشيات في طرابلس، قال  "ليس لدينا لقادة المليشيات في طرابلس إلا الخروج، ومساعدتهم لاحقاً عبر السفارات والعيش خارج البلاد"، بالرغم من كونه توعدهم بالمعاقبة والمحاسبة في أكثر من مناسبة سابقة.
وفي مسعى منه للتأكيد على المشروع العسكري والإطاحة بالعملية السياسية، قال أمام قواته "ستجهض الانتخابات لو ثبت أنها نزيهة" وتابع "لكن كل الاتفاقات السياسية لا فائدة منها".

المساهمون