فضائح كتاب "الخوف" تخضّ البيت الأبيض وتفاقم أزمة ترامب

فضائح كتاب "الخوف" تخضّ البيت الأبيض وتفاقم أزمة ترامب

05 سبتمبر 2018
البيت الأبيض: معلومات الكتاب "مفبركة" (شاؤول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

ما كشفه الصحافي الشهير بوب وودورد، في كتابه الجديد، عن حروب البيت الأبيض الداخلية، وعلاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الغريبة بكبار معاونيه وأركان إدارته، أقرب إلى الروايات الخيالية المثيرة.

ومع أنّ الكثير مما أكّده سبق وتسرّب إلى وسائل الإعلام التي نشرته بين الحين والآخر، إلا أنّ صدور الكتاب عن وودورد المشهور بتحقيقاته الرئاسية ومصادره الموثوقة عادة، أعطاه صدقية من شأنها مفاقمة أزمة ترامب.

يزيد الطين بلّة أنّ ما نقله الكاتب عن الرواة من غرائب، المعروف منها والمكشوف لأول مرة، يأتي في ظروف غير مؤاتية لترامب: أداؤه متراجع حسب آخر استطلاع (60% من الأميركيين ضدّه). التحقيقات الروسية يكبر شبحها. وانتخابات الكونغرس باتت على مسافة شهرين، وتشير التوقعات إلى تقدّم الديمقراطيين على الجمهوريين الموالين للرئيس، على الأقل في انتخابات مجلس النواب.

سرديات وودورد، تؤكد ما سبق وتردد مراراً، بأنّ إدارة ترامب كانت وما زالت مشتبكة مع نفسها وفي ذات الوقت مع الرئيس. ولا يشذ عن ذلك إلا لفيفه الضيق جداً المؤلف من عدة أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة؛ منهم صهره جاريد كوشنر وزوجته إيفانكا ومساعدته المقربة كيليان كونواي. الآخرون سقطوا من دائرة الرضى.

يحسب مصادره الرسمية والمطلعة مباشرة على الأمور، التي لم يكشف عنها جرياً على العادة، فإنّ وزير العدل جيف سيشنز الذي كان من أقرب المقرّبين إلى ترامب، صار "خائناً ومتخلّفاً عقلياً" وفق مصطلحات الرئيس.

الرئيس الأول لجهاز الموظفين في البيت الأبيض رينس بريبوس، لم يكن بنظر ترامب سوى "فأر صغير". وزير التجارة ويلبر روس "لا ثقة للرئيس به" مع أنّه صديق سابق له.

في جلسة مع جنرالاته في أفغانستان خاطبهم ترامب موبخاً: "ماذا تفعلون هناك؟ بإمكان الجنود إدارة دفة العمليات أفضل منكم". في ذروة التوتر مع بيونغ يانغ، طلب ترامب من رئيس الأركان الجنرال جوزف دانفورد "إعداد خطة لتوجيه ضربة استباقية لكوريا الشمالية".

نفس المصادر والشهود الذين يقول وودورد إنه استقى منها معلوماته، "بعد مئات الساعات من المقابلات"، أفادوا بأنّ معظم كبار المسؤولين إما اصطدموا بترامب، وإما أطلقوا عليه ألقاباً مهينة.

وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس "أسرّ لأحد مساعديه بأنّ قدرة ترامب على الفهم، لا تتعدى قدرة تلميذ في الخامس أو السادس ابتدائي". وتجاهل الرئيس الذي طلب منه "اغتيال بشار الأسد بعد استخدام الكيميائي".

رئيس جهاز الموظفين في البيت الأبيض الجنرال جون كيلي، قال عن ترامب في أعقاب اجتماع، إنّه "أبله"، أما مستشاره الاقتصادي السابق غاري كون فوصف ترامب بأنّه "كذاب محترف".

هذا غيض من فيض الكتاب، بحسب النبذة التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، تمهيداً لصدور كتاب وودورد بعنوان "الخوف: ترامب في البيت الأبيض" في المكتبات، في 11 سبتمبر/أيلول الحالي، والذي وصف البيت الأبيض معلوماته بأنّها "مفبركة". أما كيلي فأنكر ما نسب إليه في الكتاب، وكذلك ماتيس، لكن من دون تكذيب قاطع.


الصعوبة في تسويق دحض رواية وودورد، تنبع من شهرة الكاتب والسمعة التي اكتسبها كأحد أبرز كتاب التحقيقات الصحافية في أميركا. دوره مع زميله كارل بيرنشتاين، في كشف خبايا "فضيحة ووترغيت"، والتي أدت إلى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون، أعطاه هذه المنزلة هو وصحيفته "واشنطن بوست". ومنذ ذلك الحين تخصص في هذا المجال، وأصدر عدة كتب عن ثمانية رؤساء، بحيث صار بمثابة مرجعية في هذا الحقل، خاصة وأنّ علاقاته ومصادره وقدرته على نبش التفاصيل من منابع معلوماتية عميقة، أكسبته مصداقية واسعة.

ولهذا، أثار كتاب "الخوف" ضجة واسعة في واشنطن، تقدّمت على سائر الاهتمامات المطروحة في بداية هذا الموسم السياسي الهام الذي افتتح أمس بعد إجازة الصيف، والذي ينذر بتغييرات وازنة في واشنطن التي تسودها حالة من القلق... بل الخوف الذي ربما يكون وودورد قد استوحى منها عنوان كتابه.