المرزوقي يدعو لمراجعة فصول في الدستور التونسي

المرزوقي يدعو لمراجعة بعض فصول الدستور التونسي

05 سبتمبر 2018
المرزوقي ينتقد الوضع السياسي (فيليب ديمازيس/ فرانس برس)
+ الخط -
دعا الرئيس التونسي السابق، منصف المرزوقي، إلى مراجعة بعض فصول الدستور التونسي، قائلا إن "التعقل عند البشر وعند الشعوب هو التعلّم من التجارب لا تجاهلها".

وأكد المرزوقي في نص مطول نشره على صفحته الرسمية "فيسبوك" أمس الثلاثاء، أنه "من البديهي أنه بقدر ما يكون هذا التغيير سريعا وسلميا لتجاوز مرحلة فرضتها موازين القوى لما بعد الثورة، بقدر ما نضمن لتونس شرطا أساسيا من شروط تواصلها وتطورها، ألا وهو نظام سياسي يكون جزءا من الحلّ لا أكبر مشكل يتوج حزمة المشاكل التي نعاني منها".

واعترف المرزوقي أنه كان من نادى بهذا النظام المزدوج وعمل على أن يدرج في الدستور رافضا توجه بعضهم إلى النظام الرئاسي والنهضة للنظام البرلماني. وشدّد على أن "الهاجس كان ولا يزال حماية التونسيين من الاستبداد أعاد عبر رئيس كما حصل في كم من دكتاتورية أو من قبل رئيس حكومة منتخبة كما حصل في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وإسبانيا في عهد فرانكو وحتى في الهند في عهد أنديرا غاندي وكما يحصل اليوم تحت أنظارنا في بولندا والمجر. أي وسيلة أخرى -نظريا على الأقل- غير توزيع السلطة التنفيذية بأن يكون الجيش تحت سلطة رئيس الجمهورية والشرطة تحت سلطة رئيس الحكومة حتى لا يستأسد أحد؟".

وقال المرزوقي إنه اكتشف سريعا بالتجربة أن هذا النظام المزدوج الذي يوزّع السلطة التنفيذية بين شخصين، وإن يحمي حقا من الاستبداد، محمّل بهشاشة لم يقدّر خطورتها إلا بممارسة السلطة، وشتان بين التنظير والتجريب.

واستشهد المرزوقي بالوضع السياسي الحالي والصراع الدائر بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، مذكرا بأن حجة بعض قيادات النهضة في الدعوة للرئيس التونسي الحالي، باجي قائد السبسي بدله في انتخابات 2014: "تتطلب مصلحة النظام السياسي والبلاد التوافق بين رأسي السلطة التنفيذية وهذا يتطلب أن يكونا من نفس الحزب".

وقال المرزوقي "أنتم أمام النتيجة التي تدحض كليا صحة الرأي، والرجلان من نفس الحزب... ونفس الطبقة.... ونفس الجهة... ونفس الأيدولوجيا... ونفس العائلة... ومع هذا تراهما آخذان بخناق بعضهما البعض بكيفية لم يسبق لها مثيل يوما إبان الترويكا عندما كان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من تيارين سياسيين وعقائديين مختلفين ومتنافسين، وعجز أحد الطرفين عن حسم المعركة وطولها وتعفنها بما يعنيه هذا من شلل الدولة وانهيار ما تبقى لها من هيبة ومصداقية.... كل هذا مرتبط بطبيعة النظام المزدوج الذي لا يسمح لرئيس الدولة بإقالة رئيس الحكومة ولا لرئيس الحكومة أن يتصرف كما لو كان الرئيس الفعلي والوحيد للجهاز التنفيذي.

واعتبر المرزوقي أن هذه الأزمة تهدد على الأمد المتوسط والبعيد استقرار النظام السياسي ومن ثمة استقرار البلد ككل.

وذكّر بأنه تعامل من 2011 إلى 2014 مع ثلاثة رؤساء حكومة، ولكن الوحيد الذي عمل معه كشريك لا كمنافس أو غريم والذي تصرف كرجل دولة، هو علي العريض.

وأكد المرزوقي أنه في ظل النظام المزدوج لا بدّ من توافق بين رأسي السلطة التنفيذية وإلا فإنه صراع لا ينتهي والضحية الدولة ومصالح الشعب، وأن هذا الشرط الضروري غير مضمون بالانتماء لنفس الحزب والعائلة، وإنما متروك للصدفة والحظ ولا يستطيع الدستور ضبط كل تفاصيله، وإذا كان الشخصان المتقاسمان للسلطة التنفيذية من مستوى وعي ومسؤولية كبيرين، تسير الأمور كما يرام، لكن يكفي أن يكون أحدهما أو الاثنان معا أقل مما تتطلبه الوضعية لكي تتعطّل شؤون الناس والدولة ويدخل النظام السياسي إما في حالة شلل مؤقت أو في حالة خلل دائم ينتهي بأزمات منها القاتلة.

وأضاف "أن الشعوب لا يمكن أن تسلم مصيرها للحظ وأن ترهن مستقبلها بمستوى نضج هذا الشخص وذاك، فإنه من الضروري إعادة النظر في نظامنا السياسي، لكي يضمن من جهة حماية التونسيين من الاستبداد ومن جهة أخرى حماية الدولة من توزع وتفتت وتصارع السلطة في أعلى هرم الدولة".