حزب العمال البريطاني يبتّ في تعريف "معاداة السامية"

حزب العمال البريطاني يبتّ في تعريف "معاداة السامية"

04 سبتمبر 2018
كوربن يواجه انتقادات الاحتلال الإسرائيلي (روب ستوتار/ Getty)
+ الخط -
تجتمع اللجنة التنفيذية الوطنية لحزب العمال البريطاني، اليوم الثلاثاء، لتبت في أزمة معاداة السامية من خلال تبني تعريف "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" (منظمة غير حكومية) بأكمله ومن دون استثناءات. وتأمل قيادة الحزب بذلك أن تضع حداً للاتهامات الموجهة إليها، وخاصة إلى زعيم الحزب، جيريمي كوربن، بالتغاضي عن انتشار كراهية اليهود في صفوف الحزب.

وتتجه اللجنة التنفيذية للحزب إلى تبني الأمثلة الأحد عشر المرفقة بالتعريف كاملة، ولكن مع بعض الإيضاحات، والتي لا تزال غير واضحة المعالم. وتعد هذه الأمثلة إشكالية في صفوف جمهور العمال المؤيد للقضية الفلسطينية، وخاصة الفقرة التي توصّف إنكار "حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره، أي وصف دولة إسرائيل بأنها مسعى عنصري"، بأنه معاداة للسامية.

وينص التعريف على أن "معاداة السامية هي تصور معين لليهود، يتم التعبير عنه على شكل الكراهية لليهود. ويكون التعبير عنه لفظياً ومادياً ضد اليهود أو غير اليهود و/ أو ممتلكاتهم، ومؤسسات المجتمع اليهودي أو مؤسساته الدينية".

ويرفق بالتعريف الموجود على موقع التحالف الدولي لإحياء ذكرى "الهولوكوست" أحد عشر مثالاً لتفسير التعريف. وتوجد أمثلة تدين الصورة العنصرية التي يحملها عدد من المجتمعات ضد اليهود، مثل وصفهم بالجشع أو التلاعب بالاقتصاد العالمي. إلا أن هذه الأمثلة تصبح خلافية أكثر عندما يرتبط الأمر بانتقاد دولة الاحتلال الإسرائيلي.

فالمثال المرتبط بنفي حق إسرائيل في الوجود، يعتبر أن دعم حق الشعب الفلسطيني في المطالبة بحقه في أرضه، وخاصة اللاجئين الذين طردوا منها عام 1948، هو من أشكال معاداة السامية.

كما يوجد مثال آخر ينص على أن "تطبيق معايير مزدوجة من خلال الطلب منها التصرف بطريقة غير متوقعة أو مطلوبة من أي أمة ديمقراطية أخرى" هو أيضاً من أشكال معاداة السامية. وتكمن مشكلة هذا المثال في أن إسرائيل هي من تمتلك حق التعريف بما هو مقبول من عدمه. فعندما تعرّف إسرائيل قمعها الفلسطينيين بأنه دفاع عن أمنها، فإن انتقاد هذا القمع، وفقاً لهذا المثال، يصبح معاداة للسامية.

وتعتقد أطراف في حزب العمال أن هذه الأمثلة المرفقة مع التعريف غير واضحة وتقيّد الانتقاد المشروع لتصرفات الحكومة الإسرائيلية. ويريد الحزب أن يستطيع أعضاؤه الدفاع عن حل الدولة الديمقراطية الواحدة، على سبيل المثال، من دون اتهامهم بمعاداة السامية، على الرغم من أنها ليست سياسة الحزب الرسمية.

وتتركز الانتقادات الموجهة إلى حزب العمال على كوربن شخصياً نتيجة مواقفه المؤيدة للشعب الفلسطيني. وبينما كانت قضية معاداة السامية قد انطلقت فعلاً من وجود أفكار عنصرية ضد اليهود منتشرة في المجتمع البريطاني، تحاول تيارات سياسية داخل الحزب تصوير مواقف كوربن المدافعة عن فلسطين على أنها في الخانة ذاتها من معاداة السامية، وبالتالي إطاحته من زعامة الحزب. كما تتجه أصابع الاتهام أيضاً إلى دولة الاحتلال التي تسعى من خلال جماعات الضغط التابعة لها في بريطانيا إلى خنق الانتقادات الموجهة إليها، وقمع الدعم المتزايد لحقوق الفلسطينيين، من خلال إرهاب معارضيها بتهمة معاداة السامية.

وتبلورت الانتقادات الموجهة إلى كوربن في سلسلة من المقالات التي نشرها عدد من الصحف البريطانية اليمينية، والتي ربطت بينه وبين الحركات الفلسطينية التي تتهمها إسرائيل بالإرهاب، وهو ما يزيد عملياً من الضرر الذي ألحقته أزمة معاداة السامية بسمعة حزب العمال، وقد تؤثر في نهاية الأمر على حظوظه الانتخابية والوصول إلى رئاسة الوزراء. كما أن عدداً من الاستقالات في الصفوف الأمامية للحزب، دفعت بعضهم إلى المطالبة بتغيير قيادة الحزب، وعزل كوربن من منصبه.

وكان النائب العمال عن أبيرافون، ستيفن كينوك، قد دعا اللجنة التنفيذية إلى تبني التعريف بأكمله بقوله للمحطة الرابعة لهيئة الإذاعة البريطانية "أعتقد أن اللجنة التنفيذية الوطنية يجب أن تتبنى ببساطة تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست بأمثلته كافة. لا أعتقد شخصياً أن الوقت الحالي مناسب لإضافة المزيد من التعريفات والتوصيفات. إن مثل هذا التصريف سيصب المزيد من الزيت على النار، وهذا آخر أمر يجب علينا فعله حالياً".

أما وزير الدفاع السابق في حكومة توني بلير، إيفور كابلين، والعضو في الحركة اليهودية العمالية، فقال في تصريح لصحيفة "ذي غارديان" إن "الوضع محبط للمجتمع اليهودي، ليس لنا فحسب، وإنما أيضاً للمجتمع (البريطاني) ككل، لأنهم يريدون أن يروا حزب العمال كمعارضة فعالة لهذه الحكومة المحافظة المتهاوية، وخاصة في ما يتعلق بالبريكست والخدمات الصحية الوطنية والمدارس. أعتقد أن حزب العمال في وضع خطر جداً حالياً سيؤثر على فرصه في تشكيل الحكومة".

وعلق الناشط البريطاني الفلسطيني، عزام التميمي، على حملة التخويف هذه بقوله لموقع "ميدل إيست آي": "أحث جيريمي كوربن بألا يتراجع أمام التخويف الذي تشنه هذه المجموعة من المنافقين. وأحث الجمهور البريطاني على حماية نظامهم من اللوبي الذي يسعى لتقويض أسس هذه الديمقراطية. يحتاج أعضاء حزب العمال أيضاً لاتخاذ موقف من هذه المحاولة لتشويه صورة زعيمهم لمصلحة دولة أجنبية، أي إسرائيل".

المساهمون