وزارة الخارجية المصرية تساوم السفراء المغضوب عليهم

وزارة الخارجية المصرية تساوم السفراء المغضوب عليهم: نار الديوان أو الاستقالة

25 سبتمبر 2018
شكري قطع إجازات السفراء (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أيام من إعلان الحركة الدبلوماسية الجديدة في وزارة الخارجية المصرية، والتي تضمنت تغيير السفراء في عدد من العواصم المهمة والدفع بآخرين بناء على توصيات جهات أمنية، بدأت الوزارة إجراءات جديدة للتنكيل بالسفراء الذين كانت قد منحتهم إجازات من دون مرتب في الفترة بين عامي 2013 و2015، للتخلص منهم، على خلفية آرائهم السياسية وانتماء بعض أفراد أسرهم لتيارات معارضة للنظام الحاكم، بعد الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي.

وذكرت مصادر دبلوماسية في ديوان وزارة الخارجية، لـ"العربي الجديد"، أن "مكتب الوزير سامح شكري أصدر تعليماته لجميع السفراء المقيمين في الخارج، من دون عمل رسمي تابع لمصر، والحاصلين على إجازات من دون مرتب على ذمة استمرارهم في السلك الدبلوماسي، بقطع الإجازات والعودة للعمل في ديوان الوزارة".

وأضافت المصادر أن "الوزارة ترغب في محاصرة هؤلاء السفراء وفصلهم من الخدمة، كما ترغب في التضييق على بعضهم، بسبب تواصلهم مع شخصيات غير مرغوبة أمنياً، وتواصل البعض الآخر مع وسائل إعلام أجنبية". ونوّهت إلى أن "معظم السفراء الحاصلين على هذه الإجازات يعملون في منظمات دولية أو أكاديميات علمية، ويدفعون ضرائب سنوية لتمكينهم من الاستمرار في تلك الأعمال بعيداً عن السلك الرسمي، خصوصاً أن العودة للعمل في ديوان الوزارة تحرمهم من مزايا مالية عديدة يحصل عليها أقرانهم في الدول الأخرى".

وأوضحت المصادر أن "الوزارة أخطرت السفراء الذين امتنعوا عن الرد وتحديد موعد للعودة، بأن البديل هو الاستقالة من السلك الدبلوماسي وتسليم الجوازات الدبلوماسية. الأمر الذي يعد تصعيداً ضدهم، ويعكس أن الإجراءات لا تتم وفقاً لبرنامج إداري، بل بإيعاز من الأجهزة الأمنية، التي ادّعت في تقارير لها رصد تحركات معادية للدولة من بعض هؤلاء السفراء".



وكانت وزارة الخارجية مسرحاً لتغييرات هيكلية واسعة منذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين، في يوليو/تموز 2013، بدأها السيسي، مطلع عام 2014، بإبعاد جميع السفراء والملحقين والمستشارين الذين تم تعيينهم في عهد الإخوان، بعد نشر شائعات عن انتمائهم للجماعة أو تعاطفهم مع ثورة يناير، ثم تفاقمت الظاهرة بتولي الوزير الحالي سامح شكري منصبه، والذي قام بعملية إبعاد منظمة وتدريجية للدبلوماسيين والموظفين الإداريين المشكوك في ولائهم للنظام، اعتمدت بشكل أساسي على التحريات الأمنية.

وفي الوقت نفسه، تم توزيع السفراء المجازين من الأجهزة الأمنية على العواصم الرئيسية والمناصب المهمة في ديوان الوزارة، مقابل إعادة العشرات من السفراء المشكوك في ولائهم أو المجاهرين بانتقاد تصرفات النظام إلى أعمال مكتبية بديوان الوزارة، وهو ما يعني تخفيض امتيازاتهم المالية وتقليل فرص تدرّجهم مهنياً.

وفي العامين الأخيرين، اتبعت وزارة الخارجية نظاماً جديداً لتأهيل شباب الخريجين الذين تم اختيارهم للتعيين في السلك الدبلوماسي، سواء من خريجي كليات العلوم السياسية أو الاقتصاد أو باقي التخصصات التي يتم تأهيلها للعمل في وظائف مختلفة داخل الوزارة. ويقوم هذا النظام على إلحاق الخريجين المقبولين بدورات تأهيل في أكاديمية ناصر العسكرية، وبمعسكرات مغلقة يحاضر فيها مسؤولون من وزارة الدفاع وعدد من الأجهزة الاستخباراتية والأمنية.

ولا يقتصر الأمر على السلك الدبلوماسي، مع كشف مصادر "العربي الجديد"، منذ أشهر، عن إرسال بعض الأجهزة الرقابية، كالجهاز المركزي للمحاسبات وجهاز التنظيم والإدارة، تعميمات بعودة العديد من موظفيها الحاصلين على إجازات من دون مرتب للعمل خارج مصر. وادّعت التحريات الأمنية انتماءهم لجماعة الإخوان أو معارضتهم للنظام، بضرورة قطع إجازتهم والعودة إلى مصر أو الاستقالة والاستمرار في الخارج، وهو ما حدث في الربيع الماضي في قطاعات التعليم والصحة والبترول.