الأردن: قانون انتخاب جديد وخفض عدد النواب وحل البرلمان

الأردن: قانون انتخاب جديد وخفض عدد النواب وحل البرلمان

25 سبتمبر 2018
الإشكالية الكبرى هي التوجه لإلغاء الكوتا(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

تعكف الحكومة الأردنية على إعداد قانون انتخاب جديد من المرجح أن يقدم إلى مجلس النواب في دورته العادية المقبلة، في إطار الإصلاح السياسي، الذي يسعى النظام إليه، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تنعكس بشكل مباشر على الحياة السياسية الأردنية، والتي أصبحت تشكل عبئاً على الدولة.

ووفق مصادر "العربي الجديد" فإن القانون الجديد سيخفض عدد أعضاء مجلس النواب من 130 حالياً إلى 80 نائباً، أي إلى ما كان عليه في مجلس نواب 1989، وستقسم المقاعد إلى نصفين، 40 مقعداً ستذهب إلى القوائم العامة أو الحزبية، فيما 40 مقعداً ستكون مرتبطة بنظام الانتخاب الفردي. ويلبي خفض عدد أعضاء البرلمان، المطالب الشعبية، التي ترى أن عدد النواب الحالي يشكل عبئاً مالياً على الدولة لا مبرر له، وفي الوقت ذاته فإن مجالس المحافظات، التي تشكلت وفق قانون اللامركزية، هي من يضطلع بمهمة البحث والسعي خلف المطالب الخدمية للسكان. ووفق المصادر فإن مجلس النواب سيُحلُّ بعد إقرار القانون، ومن المتوقع أن تُجرى الانتخابات خلال العام المقبل. وتوضح المصادر أن إصدار قانون انتخابات جديد يحتاج إلى قانون أحزاب جديد، فالإصلاح السياسي يحتاج إلى السير بخطين متوازيين، بين قانون الانتخاب وقانون الأحزاب، خصوصاً وأن الهدف المعلن هو تشكيل حكومة برلمانية، وهو ما يحتاج، في ظل الحديث عن إصلاح سياسي، إلى أحزاب قوية.

كل هذه التفاصيل والخطة الحكومية للإصلاح السياسي، ترتبط بشكل موضوعي بنجاح الحكومة في مواجهتها الحاسمة لتحدي الحصول على موافقة النواب على مشروع قانون الضريبة. ومن الواضح أن مجلس النواب الحالي والمجالس السابقة تحولت إلى عبء على النظام السياسي، فقد فشلت الأحزاب السياسية بمعركتها للحصول على مقاعد برلمانية لصالح الأطر الاجتماعية القائمة حالياً في الأردن المرتبطة بالعشائرية، والمناطقية، وأحياناً ببواعث إقليمية. لكن الإشكالية الكبرى التي تواجه القانون الجديد، هي التوجه إلى إلغاء الكوتا التي ترتبط بشكل عام بالأقليات، مثل المرأة والمقاعد المخصصة للمسيحيين والبدو والشركس والشيشان، ومناطق البادية. وكانت لجنة الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات في الأردن دعت، قبل أيام، إلى ضرورة اتخاذ خطوات إضافية لتمكين المرأة، ومواصلة العمل بنظام الكوتا ليكون للمرأة دور أكبر في الحياة البرلمانية والديمقراطية وخفض سن من يحق لهم الترشح للانتخابات البرلمانية من 30 إلى 25 سنة، خصوصاً وأن 70 في المائة من سكان الأردن هم من فئة الشباب، وأعمارهم أقل من 30 سنة.



ويقول النائب في البرلمان الأردني، نبيل غيشان، لـ"العربي الجديد"، نحن بحاجة إلى قانون انتخاب جديد، مشيراً إلى أن قانون الانتخاب يجب أن يكون من القوانين الثابتة، مضيفاً "للأسف في الأردن، ونحن نخوض منذ العام 1989 تقريباً كل انتخابات بقانون جديد مختلف". ويوضح أن فكرة قانون انتخاب جديد مرتبطة بالقانون الذي انتخب وفقه مجلس 1989، وهو امتلاك الناخب عدة أصوات ليكون النائب مُمثلاً بشكل أوسع للمواطنين. وحول إمكانية إلغاء الكوتا، يقول غيشان إن "هذا الأمر صعب. نحتاج إلى وقت، فهناك حاجة للكوتا لتمثيل الأقليات، كما أن الكوتا الخاصة بالمرأة ضرورية لتمثيل نصف المجتمع". ويعتبر أنه من الصعب خفض العدد إلى 80 نائباً، متوقعاً أن يستقر القانون على 100 مقعد ممثلة لجميع مناطق المملكة، موضحاً أنه كلما قل عدد النواب يكون حجم الإنجاز أفضل، مؤكداً الحاجة لدراسة التمثيل العادل للمقاعد النيابية. ويرى غيشان ضرورة تغيير أسس الترشيح، من خلال اشتراط حد أدنى للمستوى العلمي، أو ممن قاموا بتقديم الخدمات للمجتمعات المحلية من الجمعيات الخيرية، والمجالس المحلية، وغيرها من المؤسسات، مشدداً على ضرورة محاربة المال السياسي في الانتخابات. وتوقع أن يناقش المجلس قانون الانتخاب قبيل نهاية الدورة العادية المقبلة، وبشكل تقريبي في فبراير/شباط المقبل.

وتتضح الإرادة السياسية الجادة في الأردن باتجاه تغيير قانون الانتخاب الجديد من خلال تصريحات العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، خلال لقائه نقابة الصحافيين الأسبوع الماضي، والتي قال فيها "لا بد من تقييم وتطوير قانونَي الانتخاب والأحزاب لضمان مشاركة أوسع في عملية صنع القرار، وتمكين الشباب الأردني من المساهمة بشكل أكبر في التطوير والبناء". وقال رئيس الحكومة الأردنية، عمر الرزاز، في تصريحات للتلفزيون الأردني الجمعة الماضي، إن "صدر الحكومة يتسع لكل شيء، وليس هناك ما يعيب قانون 1989 إطلاقاً، ونحن مستعدون لفتح هذا الموضوع والحوار مع النواب حوله، ومع كل القوى والأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع حول النموذج الذي سيعطي المواطن الشعور بأن صوته مسموع في السلطة التشريعية". وأضاف "نسعى إلى حكومات برلمانية، وسأسعى خلال سنتين أن نقدم نموذجاً حقيقياً قابلاً للتطبيق لتشكيل حكومة برلمانية". بدوره، قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، موسى المعايطة، في تصريح صحافي، إن "الحكومة بدأت منذ أشهر بجولة حوارات مع الأحزاب سعياً للوصول إلى إصلاح تشريعي ناضج، ووفق نهج يتفق عليه الجميع، إذ تم الاستماع لكافة وجهات النظر الحزبية بشأن قوانين الانتخاب والأحزاب".

ويذكر الأردنيون في نقاشاتهم ومجالسهم السياسية محاسن مجلس نواب 1989. وكان القانون الذي انتخب على أساسه ذلك المجلس يعتمد على القوائم المفتوحة مع حق الناخب بالتنقل على كافة القوائم بالدائرة الانتخابية الواحدة، واختيار من يشاء من المرشحين فيعطيه صوته دون أن يكون ملزماً بقائمة بعينها. ومن ثم جاء نظام الصوت الواحد في الانتخابات، وتم اتباع هذا الأمر في الأردن منذ 1993 وحتى 2007. ويقوم الناخب في ظل هذا النظام بالاقتراع لصالح مرشح واحد فقط في دائرته، ويتم ذلك في دوائر متعددة التمثيل حيث يفوز أكثر من ممثل واحد عن كل دائرة انتخابية، وهم المرشحون الحاصلون على أعلى الأصوات. وكان واضحاً أن هذا التعديل قد استهدف الحد من نفوذ القوى السياسية المنظمة، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين التي حصلت على 27 في المائة من مقاعد مجلس النواب الحادي عشر (1989 - 1993). وفي 2001 أعدت الحكومة الأردنية قانوناً جديداً في فترة وجيزة، عرف بـ"قانون 2001"، إلا أنها قررت تأجيل الانتخابات التي كان يُفترض أن تُجرى أواخر 2001 مرتين، الأولى بدعوى الحاجة إلى مزيد من الوقت لتهيئة متطلبات الاقتراع الإدارية والفنية، والثانية بدعوى تحاشي تأثيرات الأوضاع الإقليمية في فلسطين والعراق على العملية الانتخابية، وصولاً إلى إقرار إجرائها في 17 يونيو/حزيران 2003.

وبمقارنة قانون الانتخاب لسنة 2001 بقانون الانتخاب السابق، نجد أن القانون الأخير قد اشتمل على جملة تطويرات مهمة، إذ تم زيادة عدد المقاعد النيابية من 80 إلى 104 مقاعد، ثم تخصيص كوتا للنساء تكفل لهن تمثيلاً بستة مقاعد كحد أدنى في مجلس النواب، إضافة إلى حقهن في المنافسة على جميع المقاعد. وبعد ذلك جاء نظام الدوائر الوهمية، وهو مصطلح أطلقه بعض السياسيين على هذا النظام لعدم وجودها على أرض الواقع. وأجريت بناء عليه الانتخابات في 2010 وأوجدت في كل دائرة مقعداً لدوائر "فرعية" أو "وهمية" ليصير عدد الدوائر 108 بعدد المقاعد، باستثناء المقاعد الإضافية الـ12 المخصصة للنساء. وبعد ذلك جاء قانون الانتخاب لسنة 2012، وبموجبه ارتفع عدد مقاعد مجلس النواب إلى 150، خصص 15 منها للكوتا النسائية و27 للقائمة الوطنية، إضافة إلى 108 مقاعد للدوائر الانتخابية المحلية في مختلف محافظات المملكة، كما تم منح كل ناخب صوتين (صوت القائمة المغلقة وصوت مرشح الدائرة). وأخيراً جاء القانون رقم 6 لسنة 2016، ووفقه أصبح عدد أعضاء البرلمان 130 عضواً، مع اعتماد الدوائر الانتخابية السابقة، واشتراط أن يتم الترشح عن طريق القائمة النسبية المفتوحة. ويكشف التغير المستمر والدائم بقوانين الانتخاب، التخوف الأمني من قبل النظام السياسي في الأردن من سيطرة حزب معين على القرار الحكومي. لكن بعد سنوات تبين أن الخسائر كانت كبيرة بسبب إضعاف الأحزاب الأردنية والتشتت السياسي، ما فتح المجال لطبقات، تنخرها الواسطة والمحسوبية والفساد، للسيطرة على القرار الحكومي. كما تم وضع الكيان السياسي والاقتصادي للدولة رهينة لدى القوى السياسية الإقليمية والعالمية، وأسيراً لمؤسسات الإقراض الدولي.