ما بعد هجوم الأهواز: تصعيد منضبط أم ردّ انفعالي؟

ما بعد هجوم الأهواز: تصعيد إيراني منضبط أم ردّ انفعالي؟

طهران

فرح الزمان شوقي

avata
فرح الزمان شوقي
24 سبتمبر 2018
+ الخط -
لم تتوان إيران عن توجيه أصابع الاتهام المباشرة لأطراف خليجية رأت أنها "ذراع للولايات المتحدة"، فحمّلتها مسؤولية الهجوم الذي وقع في الأهواز في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران، أول من أمس السبت، خلال عرض عسكري أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من مدنيين وعسكريين.
المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف، قال صراحة إن "السعودية تقف وراء هجوم (المنظمة الأحوازية)". كما اتهم من بعده المتحدث الأول باسم القوات المسلحة، أبو الفضل شكارجي، دولتين خليجيتين، بـ"دعم أفراد هذه المنظمة وتدريبهم وتمويلهم"، في إشارة إلى السعودية والإمارات. وتلاهما الرئيس حسن روحاني، الذي قال بكل وضوح إن "دولة خليجية (لم يسمّها) متورطة بما حصل"، مؤكداً أن "الجريمة لن تمر دون ردّ، فطهران تعرف هوية الفاعلين والمجموعة التي ينتمون إليها والجهات المرتبطة بها".

لحقت هذه المواقف تهديدات عسكرية واضحة بردود صارمة للغاية، فذكر رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري في برقية تعزية، أن "قوات إيران ستلاحق الإرهابيين في أي نقطة من العالم، وبأنها باتت مصرة أكثر من قبل على تجفيف الإرهاب". وأفاد باقري أن "بعض الدول الإقليمية تحمل الضغائن لبلاده ويصرّح مسؤولوها علناً بضرورة نقل التوتر إلى العمق الإيراني"، مطالباً هؤلاء بـ"تقديم اعتذار للإيرانيين ومراجعة سلوكهم". وذكر بأن "لدى القوات المسلحة الحق في رد صارم وقاس".

أما الحرس الثوري فنشر بياناً رسمياً، توعّد فيه بـ"توفير ظروف وأرضيات لمعاقبة المجرمين سواء في المنطقة أو خارجها، وبتوجيه رد انتقامي مهلك لا يمكن نسيانه". وجاء في البيان أيضاً أن "الهجوم الإرهابي الذي يحمل بصمات دول رجعية في المنطقة وقوى الغطرسة العالمية، دلّ على أن أعداء إيران وخصوصاً المثلث الشيطاني الغربي العبري العربي، فشلوا في الوصول لأهدافهم الرامية لنقل عدم الاستقرار للداخل الإيراني باستخدام أدوات عديدة ودون التواني عن قتل الأبرياء والنساء والأطفال"، على حد وصفه.

ذاك كله، طرح سؤالاً حول شكل الرد الإيراني، فالبلاد التي تبنّت موقفاً تصعيدياً ستأخذ بعين الاعتبار عوامل كثيرة، ومن المرجح ألا تتخلى طهران عن سياسة التصعيد المنضبط، وهذا سيكون باستخدام سلاح الدبلوماسية. الرئيس حسن روحاني غادر البلاد على رأس وفد من 40 شخصاً إلى نيويورك أمس الأحد، للمشاركة في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ما سيتيح فرصة يرجح أن تغتنمها إيران لتضع طهران الولايات المتحدة أمام مسؤولياتها في عنوانين، الأول يتعلق بالاتفاق النووي والثاني يرتبط بدعم الإرهاب ومحاولات قض مضجع إيران.

روحاني قبيل مغادرته إلى نيويورك حرص على القول إن "واشنطن لا تريد لإيران أن تعيش باستقرار وأمان، وتحاول خلق الظروف لتعود إليها وتفرض نفوذها فيها"، معتبراً أن "ذلك محض خيال فلن تصل أميركا إلى أهدافها". وأوضح أن "اجتماع الأمم المتحدة سيكون فرصة لتنقل طهران إدانتها انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على الإيرانيين، وللحديث عن الجرائم الأميركية وانتهاكها القوانين الدولية".



إيران، المتهمة بدعم الإرهاب، ستجد فرصة لاستغلالها أمام المجتمع الدولي لتؤكد أنها تدفع ثمن الإرهاب كذلك. وعن هذا الموضوع قال الأستاذ في جامعة طهران، عماد أبشناس، إنه "من المتوقع أن يأتي الرد الإيراني أولاً على شكل دبلوماسي، وهو ما سينعكس خلال زيارة روحاني نيويورك". وتوقع أن "يتزايد التصعيد إزاء السعودية والإمارات أيضاً، لأن الأمر وصل إلى تهديد الأمن القومي الإيراني وهو ما يعني تجاوز الخطوط الحمراء".

وأضاف أبشناس، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "طهران ستستخدم الأمر لمصلحتها أمام المجتمع الدولي وستصعّد بانضباط، فمن المتوقع أن يعرض روحاني مستندات بلاده التي تثبت تورط أميركا وحلفائها في الإقليم بدعم جهات مصنفة إرهابية، من دون استبعاد احتمال اتخاذ قرار بردّ موجع سيتبناه الحرس الثوري".

كما ستستخدم إيران علاقاتها مع الأوروبيين الراغبين بالحفاظ على الاتفاق النووي، لاتخاذ خطوات في التعامل مع أفراد المجموعات التي تنضوي تحت لواء "المعارضة الأحوازية" ولا سيما أنهم يقطنون في دول أوروبية. وكانت الخارجية الإيرانية قد استدعت السفيرين الدنماركي والهولندي وانتقدت استقبال بلديهما لهؤلاء وطالبت بتسليمهم، كما نقلت للقائم بالأعمال البريطاني امتعاضها من بث قناة "إيران انترناشونال" الموجودة في لندن، للقاء مع المتحدث باسم "جبهة النضال لتحرير الأحواز" والذي تبنى الهجوم. 

وكما تؤكد التوقعات في هذا الإطار، فإنه لا يستبعد كثر خيار حصول تصعيد إقليمي عبر الوكلاء، ولا سيما أن الجهاز الدبلوماسي المتمثل بالخارجية الإيرانية تبنّى تصعيداً سياسياً إزاء الإمارات، فتم  استدعاء القائم بالأعمال وتسليمه مذكرة احتجاج اعتراضاً على "التصريحات السخيفة الصادرة عن مستشار سياسي إماراتي"، حسبما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي، الذي أضاف أن "إيران حذّرت الدبلوماسي الإماراتي من الدعم الواضح للخطوات الإرهابية التي يقوم بها أفراد مرتبطون بمراكز رسمية إماراتية، وهو ما يعني تحميل المسؤولية لهذه الدولة"، معتبراً أن "عدم التعامل مع ذلك لن يكون مقبولاً بالنسبة لبلاده". وكان الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، المقرّب من ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، قد اعتبر صراحة أن "ضرب العمق الإيراني سيبقى مستمراً وبأن الهجوم على الأهواز ليس إرهابياً". وردّ عليه أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، فقال إنه "سيندم أشد الندم على هذا التصريح"، معتبراً أن "عبد الله، يهدد الجمهورية الإسلامية بشكل صريح".

وتوقع المحلل السياسي، صابر غلعنبري، أن "يكون الردّ على هجوم الأهواز داخلياً وخارجياً على حد سواء، إذ ستقوم طهران بتكثيف عمليات ملاحقة أعضاء الحركات والتنظيمات المتورطة وستتعامل معهم قضائياً وأمنياً، وسيسمع الكل باعتقالات جديدة لأفراد من محافظة خوزستان، كما من المتوقع ملاحقة المرتبطين بهذه الجهات في المنطقة وفي ساحات إقليمية أيضاً".

وأوضح غلعنبري أن "المستوى الخارجي لن يشهد رداً إيرانياً يستهدف السعودية أو الإمارات بشكل مباشر، لكنه قد يكون عبر حلفاء طهران في الإقليم وفي ساحات كثيرة تشهد أساساً حروباً بالوكالة بين إيران من جهة، والسعودية وأميركا من جهة أخرى، كاليمن أو سورية". ورجح أن "يختلف الخطاب السياسي الإيراني إزاء الرياض بالذات، رغم أن طهران ستبقى ضمن إطار التصعيد المنضبط سياسياً، والمحكوم بعوامل عدة، والذي سيستند إلى توظيف الجهود ليصب ما يجري في مصلحتها أمام المجتمع الدولي، إلا أنها لن تتحدث كثيراً بعد الآن عن رغبتها في إصلاح العلاقات مع الرياض، كما صدر عن مسؤوليها أخيراً".



ذات صلة

الصورة
جماهير سعودية لـ"العربي الجديد": هذا ما نريده من منتخبي قطر والأردن

رياضة

وجهت بعض الجماهير السعودية رسائلها عبر "العربي الجديد" إلى منتخبي قطر والأردن، بعدما ضمنا الحضور في نصف نهائي بطولة كأس آسيا.

الصورة

سياسة

توعّد الحرس الثوري الإيراني، اليوم السبت، بـ"إغلاق بقية الممرات" المائية الدولية، إذا واصل الاحتلال الإسرائيلي جرائمه بحق سكان غزة.
الصورة
معين عبد الملك رئيس الحكومة اليمنية/حسين بيضون

سياسة

قال رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك في حوار مع "العربي الجديد"، إن خريطة طريق يتم بحثها للحل في اليمن قد تستمر عامين، لافتاً إلى أن الزخم الدبلوماسي المتصاعد حالياً يضع الحوثيين مجدداً أمام استحقاقات السلام.
الصورة

سياسة

تحلّ ذكرى وفاة مهسا أميني، والتي كانت أجّجت احتجاجات عارمة في إيران قبل عام، فيما لا تزال السلطة تتعامل من منطلق أمني بحت مع الحدث، الذي حرّك جدلية الحجاب الإلزامي.