وجود "داعش" شرقي سورية وفي باديتها يقترب من نهايته

وجود "داعش" شرقي سورية وفي باديتها يقترب من نهايته

23 سبتمبر 2018
تسعى "قسد" للقضاء على وجود "داعش" بمناطقها(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
يضيق الخناق على مسلحي تنظيم "داعش" في جيبه الأخير في ريف دير الزور الشرقي، شمال نهر الفرات، حيث تواصل "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، محاولاتها للقضاء على مسلحي التنظيم في هذا الريف، فيما يعاني مدنيون ما زالوا يقطنون فيه من شتى أنواع الانتهاكات، ويبدو أنهم خارج حسابات القوى المتصارعة. بالتوازي مع ذلك، يشتد الخناق على مسلحي "داعش" في منطقة وعرة في ريف السويداء، جنوب سورية، حيث باتوا محاصرين، مع محاولة قوات النظام إنهاء وجودهم فيها، ولكن محاولاتها تبوء بالفشل منذ نحو شهر.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس السبت، أن هدوءاً ساد محاور القتال ضمن الجيب الأخير لتنظيم "داعش" في القطاع الشرقي من ريف دير الزور، شمال نهر الفرات، مؤكداً غياب طائرات التحالف الدولي عن سماء المنطقة، وسط توقف الاشتباكات بين التنظيم و"قوات سورية الديمقراطية" التي تشكّل "وحدات حماية الشعب" الكردية ثقلها الرئيسي. وكانت هذه القوات قد بدأت قبل أكثر من عشرة أيام، عملية عسكرية للقضاء على ما تبقى من مقاتلي "داعش" في هذا الجيب الذي يضم بلدات عدة، إضافة إلى مدينة هجين، آخر مدينة لا تزال تحت سيطرة التنظيم في الجغرافيا السورية. وسيطرت هذه القوات على بلدة الباغوز منذ أيام تحت غطاء جوي كثيف من قبل طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ما أدى إلى تراجع عناصر التنظيم إلى بلدات السوسة، والبوخاطر، والشعفة، بعدما قُتل عدد كبير من مسلحي التنظيم، وفق مصادر محلية، بينهم قياديون. وأشارت المصادر إلى أن التنظيم يدافع بـ"ضراوة" عن معقله الأخير في منطقة شرقي الفرات، مؤكدة قيام مسلحي التنظيم بـ"تنفيذ هجمات مباغتة ونصب كمائن ومفخخات، تؤدي إلى مقتل وإصابة العشرات من مسلحي قوات سورية الديمقراطية"، لافتة إلى أن آلاف المدنيين يتخذ منهم التنظيم دروعاً بشرية ويتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات من دون اكتراث من أطراف الصراع بمصيرهم.
ويضم ريف دير الزور الشرقي، شمال نهر الفرات، أهم وأكبر آبار النفط في سورية، وهو ما يفسر الاهتمام الأميركي بالمنطقة التي أقامت فيها واشنطن قواعد عسكرية ومقرات لقواتها، وهي تريد تأمين المنطقة من خلال القضاء على مسلحي التنظيم.

في موازاة ذلك، لا تزال قوات النظام السوري ومليشيات تساندها تواجه صعوبة في إخضاع جيب لتنظيم "داعش" في ريف محافظة السويداء الشرقي، على الرغم من مرور نحو شهر من المعارك، في ظل تحصّن المئات من مسلحي التنظيم في منطقة تلول الصفا شديدة الوعورة. وقالت وكالة "سانا" التابعة للنظام، إن وحدات من قوات النظام تضيق الخناق على مسلحي "داعش" المتحصنين في المنطقة، مشيرة إلى أن هذه الوحدات تواصل تعزيز انتشارها ونقاط تثبيتها في عمق الجروف الصخرية المحيطة بتلول الصفا ذات التكوين الجيولوجي المعقد والشديد الوعورة والمليء بالمغاور والجحور والشقوق الصخرية التي يستغلها مسلحو التنظيم للتواري والاختباء. وأشارت الوكالة إلى أن سلاحي الجو والمدفعية واصلا قصف تحركات مسلحي التنظيم بين الصخور مع تدمير تحصينات ودشم ومقرات لهم والقضاء على أعداد منهم مع متابعة تشديد الطوق عليهم، لافتة إلى أن قوات النظام أفشلت محاولات تسلل وفرار من المنطقة من قبل مسلحي التنظيم.

من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المعارك المتواصلة بين التنظيم وقوات النظام أدت إلى مقتل 266 من عناصر "داعش" منذ 25 يوليو/ تموز الماضي، بينما ارتفع إلى 128 على الأقل عدد عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين له الذين قتلوا في الفترة ذاتها، من ضمنهم عناصر من "حزب الله" اللبناني، أحدهم قيادي، بالإضافة إلى ضباط برتب مختلفة من قوات النظام، أعلاهم برتبة لواء. ومن المتوقع أن يسعى الطرفان إلى إبرام تسوية تتيح لمسلحي التنظيم الانتقال إلى عمق البادية، خصوصاً أن الأخير لا يزال يحتفظ بمختطفات من قرى في ريف السويداء الشرقي، ما يسهّل عملية التفاوض بينه وبين النظام الساعي إلى احتواء استياء أهالي هذه المحافظة ذات الغالبية الدرزية من السكان.


ولا يزال تنظيم "داعش" يحتفظ بجيوب سيطرة له في البادية السورية مترامية الأطراف والتي تشكّل نحو نصف مساحة البلاد، وتتصل جغرافياً بغرب العراق، وهو ما يسهّل على مسلحي التنظيم الحركة في المنطقة. لكن الصحراء الغربية العراقية الممتدة حتى الحدود مع سورية، يبدو أنها لن تبقى مكاناً تتنقل فيه فلول "داعش" بشكل سهل، إذ أعلنت السلطات العراقية، أمس السبت، إطلاق عملية عسكرية واسعة في تلك المنطقة تستهدف التنظيم. وقال المتحدث باسم الإعلام الأمني العراقي العميد يحيى رسول، إن العملية بدأت أمس بمشاركة واسعة من القوات العراقية المتمثلة بقيادة عمليات الجزيرة والبادية، والتشكيلات التابعة لها، و"الحشد العشائري"، موضحاً في بيان، أن العملية تستهدف تفتيش الصحراء الواقعة في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار، باتجاه الحدود مع سورية.

من جهته، أوضح الضابط في قوات الجزيرة والبادية المشاركة في العملية، المقدم حسين الشويلي، لـ"العربي الجديد"، أن القوات العراقية ستطارد عناصر تنظيم "داعش" المختبئين في الصحراء. وأكد أن معظم الهجمات التي تشهدها محافظات شمال وغرب العراق يجري التخطيط لها من أوكار "داعش" في الصحراء، مرجحاً أن تستمر العملية لعدة أيام، لافتاً إلى أن العملية العسكرية ستستهدف أيضاً قطع طرق تسلل عناصر تنظيم "داعش" من سورية إلى العراق.

في غضون ذلك، لا يزال الشمال السوري يترقب بدء تطبيق اتفاق سوتشي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي نزع فتيل الحرب وجنّب محافظة إدلب عملية عسكرية من قبل قوات النظام ومليشيات تساندها، والتي تواصل خرق الهدنة المفترضة. وقصفت قوات النظام، صباح أمس، من مواقعها في تل مرق وأبو عمر، بقذائف المدفعية، أطراف بلدة التمانعة في ريف إدلب الجنوبي.

وكان عدد من الأشخاص قد أصيبوا بجروح في قصف صاروخي منتصف ليلة الجمعة - السبت على حي الحمدانية في مدينة حلب، الخاضعة لسيطرة النظام السوري، شمالي سورية. وقالت مصادر من مستشفى حلب الجامعي، إن عدداً من الجرحى سقطوا نتيجة سقوط صاروخ ثقيل، في حين جرى قصف مدفعي متبادل على محور جمعية الزهراء، غرب مدينة حلب، بين فصائل المعارضة وقوات النظام، ما أسفر عن سقوط جرحى في صفوف الأخيرة.

وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، قد أعلن أن لقاء ثلاثياً حول سورية سيجمعه مع نظيريه الروسي والإيراني، سينعقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ونقلت وكالة "الأناضول" عن جاووش أوغلو قوله إن "ما يجب القيام به في سورية هو ضمان هدنة مطلقة، والتركيز على التسوية السياسية. وسنعقد في نيويورك لقاء ثلاثياً حول سورية مع الشريكين الروسي والإيراني".

ويأتي ذلك مع دفع تركيا المزيد من قواتها إلى داخل الأراضي السورية لتعزيز نقاط المراقبة التي أقامتها في محيط محافظة إدلب. وقالت صحيفة "يني شفق" التركية إن الدفعة الجديدة من التعزيزات العسكرية، تضم عناصر من القوات الخاصة وناقلات جند مدرعة ودبابات، معززة بمدافع "أوبس" التركية بعيدة المدى.

إلى ذلك، طالب أهالي ومجالس محلية في بلدات وقرى شمال مدينة حماة، وسط سورية، تركيا بتقديم الدعم اللازم لاستعادة مناطقهم من سيطرة قوات النظام السوري. وقالت مجالس بلدات وقرى منطقة كرناز والطار، في بيان لها، إنها تعتبر أن الاتفاق الروسي - التركي حول إدلب "لا يرتقي إلى مستوى طموحات الثورة، نظراً لعدم شموليته جميع المناطق". وأشارت المجالس إلى أن المنطقة تضم أكثر من 35 بلدة وقرية ومزرعة، ويقدّر عدد سكانها بنحو 162 ألف نسمة موزعين بين تركيا وشمالي سورية.