تظاهرة أنصار باعوم في عدن: انتكاسة جديدة للإمارات

تظاهرة أنصار باعوم في عدن: انتكاسة جديدة للإمارات

23 سبتمبر 2018
ندّد المتظاهرون بـ"الاحتلال اليمني" (كريم صهيب/فرانس برس)
+ الخط -
تتسع التظاهرات في المناطق المحررة في اليمن، ولا سيما محافظات الجنوب، ضد التحالف السعودي الإماراتي، وتمثل محافظة عدن أهم هذه المحافظات التي تشهد حراكاً واسعاً، بدأته من نحو شهرين، إما دعماً للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وشرعيته أو ضد التحالف، بعد أن كانت الإمارات وحلفاؤها هم من يبسطون سيطرتهم على الشارع.


لكن أمس السبت بدا الوضع مختلفاً، إذ خرجت تظاهرة جديدة في عدن ضد التحالف والشرعية معاً، نظمها أنصار القيادي الجنوبي حسن أحمد باعوم، وهو ما زاد من خلط الأوراق في مناطق جنوب اليمن ولا سيما في عدن، في ظل تزايد أقطاب الصراع وتعدد المشاريع السياسية سواء المحلية أو الخارجية، مع توجيه الاتهامات لباعوم بأنه أحد حلفاء إيران في جنوب اليمن. وتعززت الاتهامات الموجهة لتيار باعوم نتيجة الزيارات الدورية التي قام بها نجله فادي باعوم إلى لبنان، واللقاءات التي عقدها فيه.

وتسببت تظاهرة أمس، التي شارك فيها المئات ورددوا شعارات معادية للسعودية والإمارات، بجدل داخل الشارع الجنوبي. فقد اتهمها أنصار المجلس الانتقالي بالعمالة للخارج، فيما رد عليهم البعض بأنها لا تختلف عن تظاهرات وفعاليات الانتقالي المدعوم أيضاً من الخارج، تحديداً الإمارات التي كانت وراء تأسيس المجلس. في موازاة ذلك، اعتبر آخرون أن التظاهرة، ودخول حلفاء إيران على الخط، جاء نتيجة طبيعية لفشل التحالف والشرعية والقوى الجنوبية في تلبية تطلعات الشارع، ما ولّد فراغاً جاء من يحاول الاستفادة منه.

وشكّلت التظاهرة الجديدة التي خرجت في عدن تحدياً كبيراً للتحالف والشرعية بعد أن تمكنت قوى موالية لإيران في إعادة تكوين نفسها وترتيب وضعها في مناطق جنوب اليمن، ولا سيما في أكبر محافظتي الجنوب عدن وحضرموت. واتهم الناشطون والصحافيون والعديد من السياسيين الإمارات والسعودية بالمسؤولية عما آلت إليه التطورات في المحافظات الجنوبية. وحمّل هؤلاء الإمارات الجزء الأكبر من المسؤولية، بعد الفشل في المحافظة على جبهة تحالف استعادة الشرعية من حلفاء إيران في شمال اليمن، نتيجة سعي أبوظبي لإضعاف الشرعية وعرقة عملها، ما أدى إلى ظهور حلفاء إيران من جديد في عدن، ما يعد انتكاسة جديدة.

وبعيداً عن دخول حلفاء إيران على خط الحراك الاحتجاجي في عدن، تشير التظاهرات بوضوح إلى أن محاولة الإمارات وحلفائها لفرض الصوت الواحد بدأت تتلاشى، بعد أن بالغوا في استهداف الخصوم. وبرز الكثير من الناشطين والصحافيين والسياسيين لمواجهة هذا النموذج في الحكم، خصوصاً بعد أن حاولت الإمارات استغلال القضية الجنوبية كغطاء لتحقيق مصالحها، وفرض المجلس الانتقالي مقابل محاولتها السيطرة على موارد وثروات اليمن وإهانة الشرعية اليمنية، ومنع عودة الحكومة وعرقلة أدائها خلال السنوات الثلاث الماضية. كما اعتقلت القوات الموالية للإمارات كل المخالفين وأدخلتهم السجون.



وخلال الشهرين الماضيين انتقل الصراع بين الإمارات وحلفائها من جهة، والأطراف الأخرى بما فيها الشرعية من جهة أخرى، إلى الشارع لسحب ادعاءات الانتقالي بتمثيل الشارع. وبدأت تخرج احتجاجات ضد الانتقالي وقواته وضد سياسة الإمارات. وعلى الرغم من محاولات القمع إلا أن الاحتجاجات بدأت تتسع إلى حدّ إحراق صور قادة الإمارات وصولاً إلى قادة السعودية وكتابة شعارات تتهم الإمارات بدولة الاحتلال، خصوصاً أن الانتهاكات والسجون السرية وعمليات الاخفاء القسري التي مارستها الإمارات وقوات الحزام الأمني التابعة لها ولّدت غضباً شعبياً. ما دفع الاحتجاجات إلى شمول مناطق عدة في عدن وخارجها. وبرزت أصوات العديد من القيادات والمسؤولين في اتهام الإمارات وحلفائها بمحاولة الانقلاب وتعطيل الحياة العامة فضلاً عن التنكيل بالخصوم.

كما خرجت تظاهرات حاشدة مع الرئيس اليمني وشرعيته في عدد من مناطق عدن خلال الأسبوع الماضي، بعد أن حاولت الإمارات وحلفاؤها إفشال كل محاولات التظاهر دعماً للشرعية ومحاولات المجلس الانتقالي الانقلاب على شرعية هادي، بدعم إماراتي وبقوة السلاح فضلاً عن التلاعب في الخدمات العامة وتعطيل الحياة العامة للناس لإفشال الحكومة.

وشكّلت مناطق خور مكسر ومدينة البريقة في عدن، بعضاً من أهم مناطق التصعيد ضد الإمارات وحلفائها، ودعماً لهادي وشرعيته من خلال تظاهرات متسلسلة، فيما اعتبر بداية انتفاضة ليس تأييداً للشرعية بقدر ما هو رفض للإقصاء والتخوين الذي أطلقه حلفاء الإمارات في الانتقالي ضد خصومهم السياسيين في الجنوب. وامتدت هذه الأصوات وبدأت على نفس النهج ترتفع في مدينة المنصورة أكبر مدن عدن وأكثرها ازدحاماً، وهي أول مديرية خرجت في احتجاجات في عدن وكتب على جدرانها عبارات "الاحتلال الإماراتي"، فضلاً عن تحطيم لوحات عليها صور قادة الإمارات كانت منصوبة في عدد من المباني الحكومية والخاصة.

وتسعى أطراف عدة إلى إنهاء هيمنة الإمارات وحلفائها على عدن ووقف تدخلاتهم في كل ما يتصل بالحياة في عدن ومحاولة فرض أنفسهم كحكام الجنوب وتجاوز كل القوى الجنوبية، لذلك تدفع قوى في الحراك والشرعية إلى تضييق الخناق على أنصار الإمارات في عدن بعد حضرموت، وذلك في نفس الوقت الذي تتسع فيه الفجوة بين الانتقالي وأنصاره والذين باتوا يتخوفون من استغلال الإمارات لقضيتهم كما استغلالها إيران من قبل، لذا بدأت تتراجع الأصوات الداعمة للانتقالي والإمارات وبدأت تزداد الأصوات الداعمة للشرعية والقوى الجنوبية الأخرى.

وكانت تظاهرات مماثلة قد خرجت في حضرموت وشبوة والضالع وأبين ورفعت نفس الشعارات المناهضة للإمارات مطلع الشهر الحالي ونهاية الشهر الماضي. ولا يستبعد كثر أن تتوسع هذه الاحتجاجات وتتخذ أنماطاً جديدة لتشمل كل مناطق عدن وباقي مناطق الجنوب وسط مخاوف من عودة الفوضى وتصاعدها في مناطق جنوب اليمن.