خشية تركية من محاولة عرقلة تطبيق اتفاق إدلب

خشية تركية من محاولة عرقلة تطبيق اتفاق إدلب

22 سبتمبر 2018
تظاهرات إدلب للأسبوع الرابع على التوالي(عمر حاج قدّور/فرانس برس)
+ الخط -
برزت المزيد من المؤشرات على وجود عقبات بشأن تطبيق الاتفاق الذي توصل إليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سوتشي يوم الاثنين الماضي، أو على الأقل مخاوف تركية من قيام طرف ما، قد يكون طرفاً ثالثاً، مثل النظام السوري أو المسلحين الأكراد أو إسرائيل أو أميركا، بضرب الاتفاق، مثلما سبق وأشارت وسائل إعلام تركية في الأيام الماضية. وجاء تصريح المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، أمس، بأن بلاده "تستخدم كل الطرق المتاحة من أجل تنفيذ الاتفاق"، مع إشارة منه إلى مطالب "غير مقبولة" (لم يحدد مصدرها) تتعلق بإخراج المعارضة من إدلب، سبق أن ترددت في وسائل إعلام روسية وسورية حكومية، ليؤكد وجود مثل هذه الخشية على الأقل في دوائر صنع القرار التركية.

وقال المتحدث كالن، أمس الجمعة، إن "خطوات إخراج الفصائل المعتدلة من إدلب غير مقبولة"، مشيراً إلى أن بلاده "تنسق مع روسيا لتنفيذ اتفاق سوتشي بخصوص إدلب". وأوضح خلال مؤتمر صحافي عقده في أنقرة، أن بلاده "تعمل مع روسيا لإقامة المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب والخالية من العناصر الإرهابية" في حلول 15 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل".

وشدّد كالن على أن "تركيا ستواصل اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز قوة نقاط المراقبة التي أنشأتها في إدلب للدفاع عن إدلب في حال تعرضها لأي هجوم" محتمل، مشيراً إلى أن "جهاز الاستخبارات والمؤسسات الأمنية التركية تنسق مع فصائل المعارضة في إدلب". وأكد المسؤول التركي أن بلاده "لن تسمح بأي شكل بعرقلة تنفيذ الاتفاق، وسنستخدم كل الطرق المتاحة من أجل تنفيذه"، لافتاً إلى أن "أنقرة اتفقت مع موسكو على نشر 12 نقطة تفتيش في إدلب بالتعاون سوياً، وحددنا 15 أكتوبر/ تشرين الأول موعداً للانتهاء من تطهير المنطقة من الأسلحة الثقيلة في إدلب".

ورغم أن النص الحرفي لاتفاق إدلب أصبح منشوراً، بصورة غير رسمية، لكن لم تتضح بعد نقاط رئيسية في آلية تنفيذ الاتفاق الروسي - التركي حول إدلب، خصوصاً لجهة هوية الطرف الذي يفترض أن يتسلم السلاح الثقيل للفصائل في المنطقة العازلة، ولناحية مصير مسلحي "الفصائل الإرهابية"، أي جبهة "النصرة" والفصائل المحسوبة على "فكر" تنظيم "القاعدة"، بينما كشفت الأمم المتحدة، أمس، عن أن "الجانبين الروسي والتركي يعكفان على وضع هذه التفاصيل". وإضافة إلى المخاوف من عقبات روسية محتملة قد تعيق تطبيق اتفاق إدلب، يخشى مراقبون من ممانعة بعض الفصائل المتطرفة لهذا الاتفاق، إذ كان بعض المتحدثين باسم تنظيمات منشقة عن "النصرة"، قد عبّروا خلال الأيام الأخيرة عن رفضهم للانسحاب من المنطقة العازلة المفترض إقامتها بموجب الاتفاق على أطراف إدلب.


بدورها، نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء عن وزير الخارجية سيرغي لافروف، قوله إن "سيطرة الولايات المتحدة على الضفة الشرقية لنهر الفرات تشكل التهديد الرئيسي على وحدة الأراضي السورية". وأضاف أن "روسيا وتركيا اتفقتا على حدود منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب، وأنه يتعين على مقاتلي جبهة النصرة الرحيل عن تلك المنطقة بحلول منتصف أكتوبر". ولفت الوزير الروسي إلى أن "الاتفاق الحاصل بين موسكو وأنقرة بشأن إدلب، يهدف إلى إزالة خطر الإرهاب بالدرجة الأولى". وأضاف لافروف أن "اتفاق سوتشي هو خطوة مرحلية لأن يتم إنشاء منطقة منزوعة السلاح، وأن الاتفاق سيزيل خطر استهداف قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية".

كما أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، عن عقد اجتماعات مع وفد روسي، جرى فيها تحديد حدود منطقة منزوعة السلاح بمحافظة إدلب. وجاء ذلك في بيان صادر عن الوزارة، توضيحاً لبنود اتفاق سوتشي. وأشار البيان إلى عقد اجتماعات مع وفد روسي بين 19 سبتمبر/ أيلول الحالي و21 منه، حول أسس اتفاق سوتشي. وأكد أنه "جرى تحديد حدود المنطقة التي سيتم تطهيرها من الأسلحة في إدلب، خلال الاجتماع (مع الوفد الروسي) مع مراعاة خصائص البنية الجغرافية والمناطق السكنية".

من جهة أخرى، نشرت وكالة "الأناضول" رسماً بيانياً يوضح انتشار من سمتهم بـ"الإرهابيين" المدعومين من إيران في محيط إدلب، مشيرة إلى أن "إيران تواصل دعمها للنظام السوري بأكثر من 120 ألف مقاتل إرهابي أجنبي، ينتمون لـ22 مجموعة قتالية، في حين تم رصد 232 نقطة تنتشر فيها المجموعات بمحيط إدلب". في غضون ذلك، تواصلت عودة المدنيين من ريف إدلب الجنوبي إلى منازلهم، بعد توقف القصف الجوي الروسي على المنطقة، بموجب الاتفاق الروسي - التركي حول المحافظة. وقالت مصادر محلية إن "عشرات العائلات عادت، أمس الجمعة، إلى منطقة التمانعة ومدينتي خان شيخون وكفرزيتا، إلى جانب بعض القرى في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي".

وتزامن ذلك، مع خروج تظاهرات جديدة في إدلب وعموم الشمال السوري دعماً للاتفاق، وللمطالبة بإسقاط النظام، في وقت تصاعد فيه القلق من الفلتان الأمني في المحافظة، الذي حصد أرواح المزيد من القتلى في الساعات الأخيرة، بموازاة عودة روسيا إلى نغمة تدفع بالبعض إلى اعتبارها تمهيداً من موسكو للانقلاب على اتفاق إدلب، من خلال كلام المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، منذ يومين، ومفاده أن "جبهة النصرة تنوي تسليم فصائل المعارضة المسلحة في إدلب أسلحة كيميائية".

وقد شارك عشرات الآلاف في تظاهرات جديدة في محافظة إدلب ومناطق الشمال السوري تحت شعار "لا دستور ولا إعمار حتى سقوط بشار"، تعبيراً عن تمسكهم باسقاط النظام كهدف ثابت للثورة السورية. ورغم حالة الاطمئنان النسبي التي تسود مناطق الشمال السوري عقب الاتفاق الروسي - التركي الأخير، إلا أن قوات النظام واصلت خرق الهدنة المفترضة في المنطقة عبر القصف المدفعي لبعض مناطق ريف إدلب الجنوبي، فيما تصاعدت حالة الفلتان الأمني والتي تجلت بحالات اغتيال وتفجير جرت في اليومين الماضيين، فيما حذر ناشطون من اندساس بعض عملاء النظام وسط التظاهرات لحرفها عن مسارها، وخلق حالة من الانقسام في مناطق المعارضة، تكون ذريعة لتدخل النظام.


وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة صادرة عن "الإدارة العامة للاستخبارات" التابعة للنظام تطلب فيها من "مندوبيها" في الشمال السوري الانخراط في التظاهرات لنشر الفوضى بين صفوف المتظاهرين. وفيما قصفت قوات النظام المتمركزة في قرية أبو عمر بقذائف المدفعية الثقيلة بلدة لخوين في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، أشارت مصادر محلية إلى أن "قوات النظام السوري تقوم بإنشاء قاعدة جوية ومهبط للطيران المروحي شمال غربي مدينة حماة، وسط سورية". وأوضحت المصادر أن "قوات النظام بدأت في إنشاء مهبط للطيران المروحي في بلدة جب الرملة بريف حماة الغربي، بعد سحب بعض الطائرات المروحية من قاعدة المجنزرات في ريف حماة الشرقي".

في غضون ذلك، وفي إطار حالة الفتان الأمني في محافظة إدلب، قُتل صباح أمس، قائد "لواء الصديق" التابع لـ"فيلق الشام"، أبو السامي بادية، بعد انفجار عبوة ناسفة بسيارته في الحي الغربي من مدينة سراقب. كما قُتل أحد المدنيين جرّاء قيام مجهولين بإطلاق النار عليه بعد مداهمة منزله في مدينة سرمين، شرق إدلب، فجر أمس. وكان سبق ذلك إقدام مسلحين يستقلان درّاجة نارية على إطلاق النار بشكل مباشر على أحد المدنيين من أبناء قرية معردبسة، جنوب إدلب، في محاولة هي الثالثة من نوعها لاغتياله، ما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة.

كما فجّر مسلحون عبوة ناسفة استهدفت قيادياً أمنياً في حركة "نور الدين الزنكي"، في بلدة الأبزمو، غرب مدينة حلب، ما تسبب بأضرار مادية، في حين عُثر على جثث 3 أشخاص، يُعتقد أنهم مقاتلون في صفوف المعارضة ومهجرون من غوطة دمشق الشرقية، على الطريق الواصل إلى منطقة حربنوش في القطاع الشمالي من ريف إدلب، حيث جرى قتلهم بعد اختطافهم. وفي بلدة دارة عزة بريف حلب الغربي، دوى انفجار عنيف ناجم عن تفجير دراجة نارية مفخخة، تسبب بأضرار مادية. وجاء التفجير بعد ساعات من عملية إعدام جماعية طاولت عناصر متهمين بالانتماء لخلايا تابعة لتنظيم "داعش" قامت بها "هيئة تحرير الشام" التي اتهمتهم بالمسؤولة عن تنفيذ الاغتيالات داخل محافظات إدلب وحلب وحماة.

المساهمون