قمة سالزبرغ الأوروبية تبحث الحلول لـ"البريكست" وإمكانية التنازلات

قمة سالزبرغ الأوروبية تبحث الحلول لـ"البريكست" وإمكانية التنازلات

20 سبتمبر 2018
أربعة اجتماعات مخصصة هذا العام لإتمام المفاوضات(Getty)
+ الخط -

تتفاوت الآراء الأوروبية في الاجتماعات التي تشهدها سالزبرغ النمساوية، لإيجاد حلول لـ"البريكست"، بين تليين الموقف مع لندن، والدعوة إلى موقف متجانس في وجه ما وصف بـ"الانتقائية البريطانية" في مسألة العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد إتمام صفقة الخروج منه.

وفي هذا الإطار، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، القادة الأوروبيين المجتمعين، اليوم الخميس، إلى عدم تليين موقفهم من "بريكست"، وذلك في معرض رده على الكلمة التي ألقتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وطالبت فيها الاتحاد الأوروبي بتقديم بعض التنازلات، للتقدم في المفاوضات الجارية بين الطرفين.

وطالب الرئيس الفرنسي الزعماء الأوروبيين برفض محاولات بريطانيا لانتقاء ما يناسبها من عضوية الاتحاد الأوروبي، ورفض ما لا يناسبها بعد خروجها منه.

وقال ماكرون في هذا الصدد: "طلبي الأول أن نبقى متحدين، وأن نمتلك مقاربة مشتركة، نحن الدول الـ27... أما الأمر الثاني، فهو أن نحافظ على تجانسنا. يجب أن نصل إلى حلّ. أما الأمر الثالث، فيتوجب علينا التوصل إلى خطة حقيقية بحلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".

وتأتي تصريحات ماكرون هذه بعدما طالب عددٌ من القادة الأوروبيين بضرورة منح بريطانيا بعض التنازلات، للتوصل إلى صفقةٍ حقيقية في ما يتعلق بالحدود الإيرلندية والصفقة التجارية، في وقت دافع فيه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، عن موقف بريطانيا مطالباً الاتحاد الأوروبي بعدم معاقبتها لرغبتها في الخروج من الاتحاد.

وكانت ماي قد طالبت نظراءها الأوروبيين، في كلمتها يوم أمس، بالرد بالمثل على الخطوات البريطانية، والتجاوب مع "المقترح الجدّي والعملي"، في إشارة إلى "خطة تشيكرز". وما رسالتها إلا للقول إن بريطانيا قد قدمت الكثير من التنازلات، والتي تنعكس في المواجهة بين ماي ومتشددي "بريكست" في حزبها، وأن الوقت حان ليتقدم الاتحاد الأوروبي ببعض التنازلات من طرفه.

ويجتمع القادة الأوروبيون مجدداً، اليوم، من دون ماي، لحسم أمرهم. وبالرغم من أن رئيس الوزراء الهولندي قد نفى إمكانية التوصل إلى تسوية تكسر جمود المفاوضات في الاجتماع الحالي، توجد بعض الإشارات الإيجابية التي قد تفضي إلى مثل هذا الاتفاق.

من جهة أخرى، تدفع مجموعة دول أوروبية، تضم هولندا وبلجيكا، ويدعمها رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، باتجاه إبرام صفقة مع بريطانيا. أما المفوضية الأوروبية، والتي يرأسها جان كلود يونكر، وتدعمه ألمانيا وفرنسا، فلا يبدو أنها مستعدة للتنازل للجانب البريطاني.



ويرى القادة الأوروبيون في الانتقائية البريطانية مشكلة يجب التعامل معها، إلا أن دونالد تاسك، وصف خطة ماي بأنها "تطور إيجابي" في مسار المفاوضات، وطالب بالمزيد من التفاوض على تفاصيلها لجسر الهوة بين الطرفين. من جهته، قال سيباستيان كورتز، رئيس الوزراء النمساوي، إنه "كما تعلمون، فإن المقاربات مختلفة جداً. ولكن لأقول أمراً إيجابياً... أعتقد أن الجانبين مدركان بأنهما لن يصلا إلى حلّ، إلا من خلال تقريب وجهات نظرهما"، وهو ما أكده رئيس وزراء لوكسمبورغ كزافيير بيتيل، متحدثاً عن "تنازل ضروري من الطرفين، وليس من طرف واحد".

وتتمثل المشكلة الأكبر حالياً في كيفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون أن تمتلك حدوداً معه في الجزيرة الإيرلندية. ولتجاوز هذه المعضلة، عقدت تيريزا ماي اجتماعاً جانبياً مع رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار، بهدف التوصل إلى حل. ورغم خروج الجانبين بتصريحات إيجابية عن مناقشات الاجتماع، لا يبدو أنهما توصلا إلى حلول حاسمة لمعضلة الحدود.

إلا أن صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية كانت قد أشارت نقلاً عن مسؤولين حكوميين بريطانيين، إلى استعداد بريطانيا للقبول بخطة المساندة الأوروبية، مع تقديم طروحات بريطانية خاصة، تقضي بنقل نقاط التفتيش الحدودية من الجزيرة الإيرلندية إلى البحر الإيرلندي الذي يفصلها عن بريطانيا. وكانت ماي قد أعلنت مراراً وتكراراً عن رفضها لهذه الخطة، لكونها ستؤدي إلى فصل إيرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة، إضافة إلى أن شريك ماي في البرلمان البريطاني، الحزب الاتحادي الديمقراطي، يرفضها رفضاً قاطعاً. وأشار مسؤول بريطاني للصحيفة إلى أن نقاط التفتيش هذه موجودة أساساً، حيث يتمّ تفتيش بعض المنتجات الزراعية القادمة من إيرلندا إلى بريطانيا.

وتأتي أهمية القمة المنعقدة في سالزبرغ ببساطة من نفاد الوقت أمام مفاوضات "بريكست"، والذي يبعد أقل من ستة أشهر. ولا تزال الأطراف مختلفة حول القضايا الشائكة، مثل الحدود الإيرلندية والصفقة التجارية. كما أنها الاجتماع الأول من ضمن أربعة اجتماعات ستنعقد مرة كل شهر حتى نهاية العام الحالي، بهدف إتمام المفاوضات.

كذلك، تكمن أهمية القمة باجتماع كل القادة الأوروبيين، وليست محصورة برئيس الوفد الأوروبي المفاوض ميشيل بارنييه، كما جرت العادة حتى الآن. وعلى الرغم من أن بارنييه مفوضٌ من قادة هذه الدول بالتفاوض مع بريطانيا، إلا أن أي تنازل لن يتمّ من قبله، بل من قبل القادة الأوروبيين، وهو ما تحاول ماي استغلاله، بالحديث إليهم مباشرة.

وينتظر أن تشهد القمة تحولاً في الموقف الأوروبي يدفع به رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، بحيث ينجم عنه تقدم في المفاوضات، وصولاً إلى القمة الرسمية المقبلة في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول. وبالتالي لا يتوقع أن تخرج قمة سالزبرغ بحل لـ"البريكست"، وإنما ستمهد لهذا الحل من خلال تغيير المقاربة الحالية للتفاوض. كما كان تاسك قد أكد وجود قمة أوروبية استثنائية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، والتي ينتظر منها أن تحسم المفاوضات نهائياً، قبل التوجه إلى قمة ديسمبر/كانون الأول، والتي تشكل الموعد النهائي للوصول إلى اتفاق، ليتم تحويل الصفقة إلى البرلمان البريطاني والبرلمانات الأوروبية للتصديق عليها.