تراجع نسبي للتصعيد في الحديدة: التحشيد مستمر

تراجع نسبي للتصعيد في الحديدة: التحشيد مستمر

20 سبتمبر 2018
هدوء حذر في الحديدة (فرانس برس)
+ الخط -
بعد أكثر من أسبوعٍ على قطع المواجهات الميدانية الطريق الرئيسي الذي يربط العاصمة اليمنية صنعاء بمدينة الحديدة الحيوية، لم تحقق المعارك المتقطعة بين القوات اليمنية المدعومة من التحالف بواجهته الإماراتية، ومسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين)، جديداً يذكر.

غير أن الحشود العسكرية تتواصل باتجاه المعركة التي يراها الطرفان مصيرية، بالترافق مع عودة الجهود التي يقودها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، تحضيرا لمشاورات جديدة، على نحو لا يختلف كثيراً عن المسار الذي اتخذته تطورات الحديدة منذ يونيو/ حزيران الماضي.


وأكد سكان لـ"العربي الجديد"، أن المدنيين في الأحياء والمناطق القريبة من المدخل الشرقي للحديدة، يعيشون أجواء رعب على أصوات الانفجارات والقصف المدفعي المتبادل بصورة يومية، تشتد بين ساعة وأخرى، بمحيط منطقتي "كيلو 10" و"كيلو 16"، بعد نزوح أعدادٍ كبيرة من الأسر من مناطق المواجهات خلال الأسابيع الماضية، وبقاء أخرى بحالة من التردد في النزوح من عدمه كنتيجة لحالة من الغموض لا يمكن معها توقع حدود وحدّة المواجهات وتهديد القصف.

وتوقفت القوات اليمنية المدعومة إماراتياً في منطقة "كيلو 10"، على طريق صنعاء الحديدة، منذ الأربعاء قبل الماضي، والذي حققت فيه الأخيرة تقدماً نوعياً فرضت من خلاله سيطرتها على جزء من المدخل الرئيسي الشرقي للمدينة، إلا أنها فشلت حتى اليوم، في الوصول إلى منطقة "كيلو 16"، المحاذية، والتي تكتسب أهمية استراتيجية بالنسبة للمدينة، وتدور في محيطها المواجهات بصورة متقطعة.

وعلى الرغم من تراجع حدة المواجهات إلى حدٍ كبيرٍ، إلا أن حملات التحشيد على أشدها، فعلى جانب الحوثيين، كثفت الجماعة من حملاتها التعبوية التي تركز على أبناء مناطق الحديدة المختلفة الخاضعة لسيطرتها، بالإضافة إلى الاجتماعات مع الوجهاء والمسؤولين المحليين ذوي العلاقة، وشكل الحوثيون لجاناً للتجنيد وحشد الدعم لـ"الجبهات"، تحت مسميات مختلفة.

على الجانب الآخر، تفيد مصادر الشرعية بأن التشكيلات العسكرية، وأبرزها ستة ألوية من قوات "العمالقة"، مزودة بأحدث المعدات، تستعد لـ"عملية حاسمة"، أو لما يُمكن اعتباره موجة جديدة من محاولات التقدم باتجاه المدينة، بعدما باتت المعارك على أطرافها الجنوبية ومدخلها الشرقي. وتعمل مختلف القوات بإشراف ودعم من القوات الإماراتية، التي تتولى واجهة عمليات التحالف السعودي الإماراتي في الساحل الغربي، منذ أواخر العام الماضي، ويمثل دورها بنظر العديد من اليمنيين، أحد العوامل الرئيسية المؤثرة سلبياً في مسار المعركة ضد "الحوثيين".

وتتزامن الحالة الضبابية في الحديدة بين المواجهات المتقطعة وتراجع حدة العمليات، مع الغموض الذي يلف تفاصيل الحصيلة التي خرج بها المبعوث الأممي من اللقاءات مع قادة الحوثيين، بمن فيهم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وأعلن في ختامها عن تحقيق "تقدم" في "ما يتعلّق بسبل استئناف المشاورات وتدابير بناء الثقة، بما في ذلك إطلاق المساجين والوضع الاقتصادي وإعادة فتح مطار صنعاء"، وفقاً للبيان الصادر عن مكتبه.

وفيما لم يُشر المبعوث الأممي إلى ما يتعلق بالوضع في مدينة الحديدة، باعتباره حجر الزاوية في أي جهود سياسية في الوقت الحالي، أفاد مصدر سياسي قريب من حكومة الحوثيين في صنعاء، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، بأن هناك إشارات من الحوثيين بالموافقة المبدئية على تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة أو السماح لها بلعب دورٍ في إدارته، بناءً على العديد من الشروط، أبرزها أن تتولى المنظمة الدولية الإشراف على واردات موانئ البلاد لدفع مرتبات الموظفين الحكوميين.

لكن المصدر اعتبر أن الموقف لا يحمل أي جديد، إذ إن الحوثيين بالفعل أعلنوا، منذ أشهر، موافقتهم على السماح للأمم المتحدة بهذا الدور، ومن غير الواضح ما إذا كانت هناك محفزات أخرى جديدة حملها الموفد الدولي من صنعاء إلى الرياض، يمكن أن تؤدي إلى تجنيب المدينة المعركة مجهولة العواقب على المدنيين وعلى الوضع الإنساني في معظم المحافظات اليمنية بشكل عامٍ.


الجدير بالذكر أن الموقف العسكري في الحديدة، منذ أسبوع على الأقل، بوقف التقدم والاقتصار على المواجهات والغارات المتقطعة، يمثل حالة مكررة لما آلت إليه عمليات يونيو/حزيران الماضي، حيث تقدمت "القوات المشتركة" (المدعومة من التحالف)، إلى المنطقة المحيطة بمطار الحديدة، وحولتها إلى مناطق اشتباك متقطعة حتى اليوم، دونما تسجيل أي اختراق نوعيٍ جديدٍ، باستثناء التقدم في المدخل الشرقي (طريق صنعاء)، أخيراً، لتعود الحديدة إلى وضع الحرب الاستنزافية غير الحاسمة، جنباً إلى جنب مع الجهود الدبلوماسية الدولية التي تقودها الأمم المتحدة، دون أن تسفر هي الأخرى عن الوصول إلى اتفاق حتى اليوم.

ومن المتوقع أن تكون تطورات الأيام القادمة حاسمة، بالكشف عن نتائج جولة غريفيث أو انهيار الجهود الهشة التي يقودها، وبالتالي الهدوء الذي يسبق العاصفة ويمهد لمرحلة جديدة، وأكثر جدية من المعارك التي تقترب من المدينة.