فتح الطرق الدولية في سورية: أبعد من اتفاق إدلب

فتح الطرق الدولية في سورية: أبعد من اتفاق إدلب

21 سبتمبر 2018
سيطرت المعارضة على طريق حلب-اللاذقية بشكل تام عام 2015(الأناضول)
+ الخط -
يشكل استئناف النقل عبر طريقي حلب ــ اللاذقية وحلب ــ حماة، بنداً رئيسياً يحتل الرقم 8 في اتفاق سوتشي، المعلن عنه يوم الاثنين الماضي بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان حول إدلب، إذ تقررت إعادة فتح الطريقين الدوليين قبل نهاية عام 2018، وفق البند التالي من النص الحرفي للاتفاق: ــ ستجري استعادة طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين إم 4 (حلب - اللاذقية) وإم 5 (حلب - حماة) بحلول نهاية عام 2018. وهذا يدلّ على أنّ الأمر يعتبر جزءاً أساسياً من الاتفاق وله أهمية واضحة، خصوصاً مع تعهّد الجانبين بتأمين الحماية اللازمة لهذين الطريقين.

وبحسب مصادر متقاطعة، تحدّثت لـ"العربي الجديد"، فقد تمّ اتخاذ قرار بفتح الطرق الدولية في سورية وعلى رأسها حلب - حماة - دمشق، وحلب - اللاذقية، من قبل الدول الثلاث الضامنة لعملية أستانة، روسيا وتركيا وإيران، في محادثات الجولة السادسة التي عقدت في 14 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، ووقّع عليه مفاوضو النظام والمعارضة، لكن لم يجرِ الإعلان عنه حتى تتهيّأ الظروف الموضوعية والمناسبة على الأرض. وقد تمّت إعادة التأكيد على الأمر نفسه في اجتماع أستانة التاسع الذي عقد في مايو/ أيار من العام الجاري.

وفي هذا الإطار، أوضح عضو المكتب الإعلامي لـ"الشرطة العسكرية" التابعة للمعارضة في ريف حلب، خالد الحمصي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "المعارضة تسيطر على أوتوستراد حلب اللاذقية من منطقة المنصورة، وهي تأتي بعد منطقة الراشدين في ريف حلب الغربي، والتي تعتبر منطقة اشتباك، مروراً بسراقب فأريحا ثمّ ريف جسر الشغور بريف إدلب، إلى ريف اللاذقية الشمالي عند منطقة الناجية".

وأضاف الحمصي أنّ "المسافة التي تسيطر عليها الفصائل من الطريق الدولي (حلب اللاذقية) تقدّر بنحو 136 كيلومتراً، بعدما كانت تمت السيطرة عليه بشكل تام في أواخر عام 2015. ويسيطر اليوم على الجزء العابر في ريف حلب الغربي فصيل فيلق الشام، وفي منطقة جسر الشغور يسيطر لواء صقور الجبل، أمّا في ريف إدلب، فتسيطر هيئة تحرير الشام". ولفت إلى أنّ "أهمّ نقاط المراقبة التركية المشرفة على الطريق الدولي، هي نقطة جبل الشيخ عقيل بريف حلب الغربي، ونقطة تلّ العيس بريف حلب الجنوبي، ونقطة الطوقان بريف إدلب الشرقي، ونقطة الصرمان بريف إدلب الجنوبي، ونقطة الزيتونة بريف اللاذقية الشمالي. وعلى طريق حلب - حماة الدولي هناك نقطة مورك بريف حماة الشمالي، وهي آخر مناطق سيطرة الفصائل باتجاه حماة".

من جهته، بيّن أيضاً الناشط الإعلامي هاني قطيني، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "آخر نقطة للمعارضة على طريق حلب - حماة تقع جنوب مدينة مورك على مفرق قرية لحايا تقريباً، وهي مغلقة منذ نحو شهرين، على أثر انتشار الشرطة الروسية من جانب النظام، ونشوب خلافات مع حواجز النظام وخصوصاً الفرقة الرابعة. ولكن حالياً يتم الحديث عن قرب إعادة فتح الطريق"، لافتاً إلى أنّ "نقطة المراقبة التركية الحالية تقع شرق بلدة مورك بنحو 5 كيلو مترات تقريباً".


بدوره، قال المحلّل العسكري أحمد رحال، في حديث مع "العربي الجديد": "أتوقّع زيادة نقاط المراقبة التركية، وخصوصاً على طريق حلب - اللاذقية، وحلب - حماة، لكنّ الأمر يحتاج إلى توضيح وخارطة تركية تبيّن هذا التوزّع وعدد النقاط وغيرها من الأمور، وهي لم تصدر بعد".

واستبعد رحال أن يكون فتح الطرق الدولية "تمهيداً لفتح المعابر الحدودية مع النظام، حيث إنّ مسألة وجود علاقات بين تركيا ورئيس النظام بشار الأسد أمر مستبعد"، مضيفاً "لكن في المقابل، من الطبيعي وجود معابر بين مختلف المناطق، وقد كانت لدينا معابر مع النظام وهناك تبادل للبضائع، وحتى من تركيا إلى جنوب سورية، ضمن ضوابط محددة". ولفت إلى أنّه "بكلّ تأكيد تحتاج تركيا إلى قوات أكبر لضمان أمن الطرقات الدولية، وهي كانت تحتفظ بنحو 5 آلاف عسكري في المنطقة، واليوم هناك على الحدود نحو 30 ألف عسكري، وهي قالت إنها ستزجّ بمزيد من القوات".

وبين رحال أنّ "السوريين أمام تحدٍ لتطبيق الاتفاق، ويجب أن يكون هناك وعي لدى المجتمع بأنّه لن يكون هناك حلّ في سورية، طالما هناك رايات سوداء في السماء، وهذا يستدعي العمل على التخلّص من التنظيمات التي تتسبب بالقتل للشعب، وأن يعمل المجتمع على سحب أبنائه من هيئة تحرير الشام وجميع الفصائل الموضوعة على قوائم الإرهاب".

ويساهم فتح الطرق الدولية، حلب - حماة وحلب - اللاذقية، بتنشيط الوضع الاقتصادي، كما يخفّف من التكاليف في كل من مناطق المعارضة والنظام، حيث سيستطيع القادم من حلب إلى دمشق الاستغناء عن الطريق الصحراوي الذي يمرّ من أثريا وخناصر بطول يزيد على نحو 175 كيلومتراً عن الطريق الدولي، فضلاً عن أنّ الطريق الصحراوي غير آمن، بسبب انتشار عمليات السلب والخطف عليه.

كما ستستفيد مناطق المعارضة، جراء زيادة نشاط عمليات التبادل التجاري، التي من المرجح أن تخفّض من الأسعار، إضافة إلى تخفيف عناء السفر وتكاليفه على المدنيين الذين ينتقلون ما بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة.

ولم تستبعد المصادر أن "يكون فتح الطرقات الدولية في سورية، مرتبطاً بتوافقات دولية، تدفع اليوم إلى إعادة فتح معبر نصيب في الجنوب السوري على الحدود الأردنية، وتنشيط الخط التجاري مع لبنان، وكذلك الحال مع العراق المجاور لسورية، ما يعيد إحياء حركة الترانزيت والأشخاص، وخصوصاً أنّ لسورية موقعاً جغرافياً حوّلها إلى نقطة ربط بين الغرب والخليج العربي ومصر ودول أفريقيا"، مضيفةً أنه "اليوم فتح وحماية هذه الطرقات أصبح مطلباً دولياً بعد سنوات من إغلاقها، والذي تسبب بكثير من الخسائر الاقتصادية". ولفتت إلى أنّ "إشراف تركيا على هذه الطرقات من شأنه أن يساهم في تجفيف منابع تمويل هيئة تحرير الشام، التي تعتمد في قسم كبير من مواردها على الرسوم التي تفرضها على البضائع التي تعبر من تركيا إلى كلّ من مناطق النظام ومناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد)، وأجور المرافقة التي تتقاضاها لحماية البضائع التي تعبر مناطق سيطرتها".

المساهمون