أزمة الوراق تتجدد: أهالي رأس الحكمة يرفضون التهجير

أزمة الوراق تتجدد على ساحل المتوسط: أهالي رأس الحكمة يرفضون التهجير

19 سبتمبر 2018
بدأت الحكومة إجراءات إخلاء 460 ألف متر مربع(العربي الجديد)
+ الخط -

تصاعدت في الساعات الأخيرة التحركات الميدانية لأهالي منطقة رأس الحكمة شرق مدينة مرسى مطروح شمال غربي مصر، والمعارضة لقرار الحكومة، نزع ملكية آلاف الأفدنة من ساحل البحر المتوسط، وبعمق يصل حتى 17 كيلومتراً لإقامة مشاريع سياحية وسكنية استثمارية، في ظل تداول معلومات عن حصول شركات، سعودية وإماراتية ومصرية، على حقوق استغلال هذه المساحات، ليبدأ إعمارها مباشرة بعد الانتهاء من مد المرافق لمدينة العلمين الجديدة.

وتهدف الحكومة المصرية إلى استثمار منطقة الساحل الشمالي الغربي سياحياً، والتي تقع من رأس الحكمة وحتى 37 كيلومتراً غرب مدينة مرسى مطروح، بمساحة 80 مليون متر مربع، من إجمالي مليار ونصف المليار متر مربع هي كامل مساحة المنطقة، تم تخصيص أكثر من 3 ملايين متر منها لمستثمرين مختلفين، بطاقة فندقية تتجاوز 1700 غرفة و2220 وحدة للإسكان السياحي، وذلك بقيمة 330 مليون جنيه (أكثر من 18 مليون دولار) تقريباً.

وتبلغ المساحة الإجمالية للمنطقة المستهدفة بالاستثمار السياحي بمنطقة رأس الحكمة 27 مليون متر مربع تقريباً، من إجمالي مساحة مركز رأس الحكمة الحضري البالغة 154 مليون متر مربع. وبدأت الحكومة إجراءات إخلاء 460 ألف متر مربع، يقطنها أكثر من 25 ألف نسمة ينتمون لعشرات القبائل، يعمل معظمهم في الزراعة والرعي، وتعرف المنطقة بإنتاجيتها العالية من التين والزيتون. ونظم مئات من الأهالي وقفات احتجاجية، كما أطلق عدد من شباب المنطقة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لمعارضة ما وصفوه بإخلاء الأرض وتهجير الأهالي الأصليين لرأس الحكمة، مطالبين بأن يقتصر التدخل الحكومي على الأراضي المتاخمة للمشاريع السياحية القائمة منذ تسعينيات القرن الماضي بالقرب من المنطقة، وأن تلغي الحكومة قرارات نزع الملكية التي يلوح تنفيذها في الأفق. وتضامن مع الأهالي عدد من نواب حزب النور في الإسكندرية ومطروح، وتعهدوا بتقديم طلبات إحاطة للوزراء المعنيين. لكن عجلة الإجراءات الحكومية لم تتوقف، إذ استمرت لجان تابعة للهيئة الهندسية بالجيش ووزارات السياحة والإسكان والزراعة بمسح المناطق المستهدفة لإعداد تقارير عن أعداد وطبيعة شاغليها والأنشطة القائمة عليها، تجهيزاً لتحضير العروض المالية التي ستقدم للأهالي عوضاً عن الإخلاء، كما حدث مع نحو 100 أسرة غرب مدينة العلمين في يونيو/حزيران الماضي، دفعت لهم القوات المسلحة 93 مليون جنيه نظير استيلائها على 360 فداناً لاستغلالها في مشاريع وصفت بـ"القومية".



وكشف خطاب، حصلت "العربي الجديد" عليه، يعود إلى ديسمبر/كانون الأول الماضي، ممهور بتوقيع مدير مكتب الرئيس سابقاً ومدير الاستخبارات العامة حالياً، اللواء عباس كامل، أن السيسي أمر بإنشاء مدينة عمرانية جديدة في المنطقة بتنسيق بين وزارتي الإسكان والسياحة والجيش، ستضم منشآت بارتفاعات مماثلة لمدينة العلمين الجديدة. وارتباطاً بذلك أمر السيسي  محافظة مطروح بوقف جميع إجراءات قوننة أوضاع اليد العاملة أو الاعتداد أو إشهار الملكيات في المنطقة. ووفقاً لبرنامج حكومة مصطفى مدبولي، تسعى الحكومة لتدشين مدينة رأس الحكمة باعتبارها منتجعاً متوسطياً مشابهاً لمدينة شرم الشيخ المطلة على البحر الأحمر. وبدأت بالفعل برنامجاً دعائياً لاجتذاب الخبرة العالمية والمكاتب الاستشارية الهندسية لتقديم مخطط تنموي شامل لمنتجع سياحي عملاق وتقسيم أراضيه على المستثمرين المحليين والخليجيين والغربيين، بحيث يكون جاهزاً بحلول عام 2050، علماً بأن هيئة التنمية السياحية لم تُعدّ مخططاً واضحاً للمنطقة حتى الآن، لكن الهيئة تعهدت في صيف 2017 طرح الأراضي في أسرع وقت.

وكان السيسي قد أصدر في إبريل/نيسان الماضي تعديلات واسعة على قانون تنظيم نزع ملكية الأراضي من المواطنين لصالح المنفعة العامة للدولة، تجيز، للمرة الأولى، لرئيس الجمهورية أن يفوض أحد وزرائه أو المحافظين أو أي جهة أخرى إصدار قرار نزع الملكية من المواطنين للمنفعة العامة، بعدما كان هذا الأمر مقتصراً على رئيس الجمهورية وحده، وأن يرفق الرئيس، أو من يفوضه، بقرار النزع مذكرة ببيان المشروع المطلوب تنفيذه، ورسماً بالتخطيط الإجمالي للمشروع والعقارات اللازم هدمها. ويتيح هذا التعديل سرعة إجراءات نزع ملكية الأراضي وعدم مركزيتها، فلن تحتاج الحكومة مستقبلاً انتظار صدور قرار من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء لاعتماد المشروع المخطط له ثم نزع الأراضي المطلوبة، بل سيتمتع كل مسؤول يفوضه رئيس الجمهورية بسلطة الاعتماد والنزع بصورة أقرب للامركزية. وتتبع عملية الإخلاء البادئة في رأس الحكمة عملية أوسع جرت على مدار عامين في جزيرة الوراق بالجيزة في إطار خطة حكومية لاستغلالها سياحياً وبيع الأراضي لأكثر من مستثمر بإشراف مشترك من الجيش ووزارة الإسكان، إذ بدأ الجيش، منذ أسابيع معدودة، دفع التعويضات المالية للأهالي ملاك أراضي الجزيرة مقابل 6 ملايين جنيه للفدان الواحد، وذلك بعدما وافق 15 في المائة من الأهالي، من غير مالكي الأراضي، على الانتقال إلى مساكن مدينة الأسمرات في المقطم.