لقاء الصدر والعامري: خطوط عريضة للتحالف الحكومي

لقاء الصدر والعامري: خطوط عريضة للتحالف الحكومي

12 سبتمبر 2018
الصدر والعامري ناقشا ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة (الأناضول)
+ الخط -
على عكس الأجواء التي سبقت الجلسة الأولى للبرلمان العراقي في الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري، تبدو اللقاءات شبه متوقّفة بين الكتل السياسية المختلفة، باستثناء اتصالات هاتفية ولقاءات تجري بين تحالفي "الفتح" و"سائرون" بزعامة كل من هادي العامري ومقتدى الصدر، رغم اقتراب عقد جلسة يوم السبت المخصصة لانتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، والتي من المفترض أن تحسم أيضاً قضية من هي الكتلة الأكثر عدداً التي يحقّ لها تشكيل الحكومة العراقية. ويأتي ذلك وسط معلومات عن رفض كتل شيعية عدة اللقاء مجدداً بالمبعوث الأميركي، بريت ماكغورك، الذي يتحرّك بين الكتل العراقية في إطار المساعي الأميركية للعمل على الملف الحكومي، وهو ما رآه بعضهم نقطة جديدة تصبّ في مصلحة إيران وتحركاتها على الموضوع ذاته.

والتقى الصدر أمس الأربعاء، العامري، قبل 27 ساعة من موعد الجلسة البرلمانية التي يتوقّع أن تشهد انبثاق الكتلة التي حصلت على الأغلبية البرلمانية. وأكّد مصدر سياسي مطلع في النجف أنّ الصدر والعامري ناقشا "ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة، والانتهاء من تسمية الرئاسات الثلاث"، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ الجانبين شدّدا على ضرورة حسم الأمور ابتداءً من جلسة يوم السبت من خلال اختيار رئيس البرلمان ونائبيه.

وفي السياق، قال عضو البرلمان العراقي عن تحالف "الفتح"، عدي عواد، إنّ وجود "سائرون" بجانب تحالف "الفتح" من شأنه أن "يسرّع تشكيل الأغلبية البرلمانية"، مبيناً في تصريح صحافي أنّ هذه الأغلبية "سيتم تشكيلها قريباً من قبل الفتح وسائرون، وقوى سياسية أخرى". وأوضح عواد أنّ "أموراً كثيرة ستتبلور خلال يومين، لتشكيل حكومة قوية قادرة على حلّ المشاكل التي تواجه العراق"، مشيراً إلى أنّ هذه الحكومة "تحتاج إلى كتلة قوية تسندها داخل البرلمان".

من جهته، اعتبر عضو البرلمان العراقي السابق عن ائتلاف "دولة القانون"، عبد الهادي محمد، أنّ الحديث عن تشكيل كتلة من تحالفين أو ثلاثة للحصول على الأغلبية البرلمانية "أمر غير ممكن، في ظلّ اعتياد السياسيين العراقيين على الوجود في السلطة"، متوقعاً في حديث مع "العربي الجديد" أن يتم اللجوء في نهاية الأمر إلى تشكيل حكومة توافقية تضمّ الجميع.

في موازاة ذلك، قال مسؤول عراقي رفيع في بغداد لـ"العربي الجديد"، أمس الأربعاء، إنّ "كتلاً شيعية عدة قرّرت ألا تلتقي مجدداً مع المبعوث الأميركي، بريت ماكغورك". ويبدو أنّ هذا القرار اتخذ بتوجيه إيراني بعد يومين من ضربة أخرى تلقتها واشنطن في العراق من خلال انقلاب حلفاء رئيس الحكومة حيدر العبادي عليه، ومطالبته بالاستقالة، فضلاً عن تصريح المرجع الشيعي علي السيستاني، بعدم دعم أي شخصية سبق وأن شغلت مناصب حكومية لتسلّم رئاسة الحكومة الجديدة، وهو ما اعتبر فتوى أو موقف واضح لرفض تولّي العبادي منصب رئاسة الوزراء لولاية ثانية. ووصف المسؤول "الأوراق الأميركية بأنّها أضعف من الإيرانية حالياً".


وفي هذا الإطار، رفضت قيادات سياسية شيعية تأكيد قرار بعض الكتل السياسية، خصوصاً تلك المحسوبة على معسكر المالكي العامري، بعدم لقاء المبعوث الأميركي مجدداً. إلا أنّ عضو في تحالف الفتح قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجميع يفضّل التعامل مع السفير (الأميركي) دوغلاس سيليمان على أن يلتقي بالمبعوث الأميركي ماكغورك".

لكنّ القيادي الكردي في التحالف الكردستاني، ماجد شنكالي، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "ماكغورك كان يوم أمس (الثلاثاء) في أربيل، والتقى مع نجيرفان البارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، وبحثا ملف تشكيل الحكومة". ووفقاً لشنكالي، فإنّ "الصورة غير واضحة حتى الآن والمبعوث ماكغورك موجود حالياً في أربيل لبحث الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة"، مضيفاً "أعتقد أنه خلال اليومين المقبلين ستكون هناك حوارات كثيفة بين مختلف الأطراف، وهناك وفود سياسية من بغداد تأتي إلى أربيل، لكن بشكل غير معلن، للأمر نفسه".

وكشف شنكالي عن وجود تقارب بين كتلتي "الفتح" و"سائرون"، لكن "لن ترقى إلى تحالف بل الهدف منها هو الاتفاق على إدارة الحكومة الجديدة ودعمها"، خاتماً بالقول "واشنطن تعمل على تحجيم النفوذ الإيراني الآن في العراق، لكن أعتقد أنّ الحكومة لن تشكّل إلا بتوافق إيراني مع الولايات المتحدة حتى لو لم يلتقِ الطرفين".

من جانبه، قال القيادي في تحالف "النصر" الذي يتزعمه العبادي، النائب صادق المحنا، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الكتلة الكبرى تحوّلت إلى أزمة حقيقة في البلاد، وفاقمتها تدخّلات الخارج ورفض الأطراف تقديم تنازلات"، مضيفاً "أعتقد أنّ تشكيلها سيستغرق وقتاً طويلاً والمفاوضات صعبة وكل طرف يريد اتجاه معيّن. أخشى أننا ذاهبون إلى حكومة طوارئ أو حكومة إنقاذ وطني، قصر الوقت أم طال شئنا أم أبينا".

على الجانب الآخر، من المؤمل أن تعقد القوى السنية اجتماعاً يضمّ زعاماتها الرئيسيين في بغداد بهدف التوصّل إلى اتفاق أو تفاهم يقلّص عدد المرشحين لشغل منصب رئاسة البرلمان البالغ عددهم حتى الآن تسعة مرشحين. ووفقاً لمصادر سياسية في الأنبار تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنه "في حال لم يتم التوصّل لاتفاق، سيدخل التسعة إلى التنافس تحت قبة البرلمان السبت المقبل، وسيفوز من يحصل على 166 صوتاً. وفي حال لم يحصل أي منهم على هذا العدد، يتم الذهاب إلى جولة ثانية وثالثة يتساقط خلالها الأقل أصواتاً منهم".

وفي الإطار ذاته، أشار النائب عن تحالف "سائرون"، غائب العميري، إلى أنّ "جلسة البرلمان المقبلة ستعقد في موعدها المحدّد، وسيتمّ فيها اختيار رئيس البرلمان ونائبيه"، موضحاً أنّ "هناك أنباء تفيد بأنّ القوى السنية ستتفقّ فيما بينها خلال هذه الأيام على اختيار شخصية واحدة تحظى بمقبولية الجميع لتشغل منصب رئاسة البرلمان".

وأضاف العميري في تصريحات لوسائل إعلام عراقية بأنّه "لغاية الآن المؤشرات تؤكّد أنّ جلسة البرلمان المقبلة ستعقد في موعدها المحدّد، وسيتم فيها اختيار رئيس البرلمان ونائبيه".

بدوره، أكّد المتحدّث باسم تحالف "الإصلاح والإعمار" (معسكر العبادي الصدر)، وجود اتفاق مع تحالف "الفتح" لإنجاح جلسة البرلمان المقبلة. وقال المتحدّث باسم ائتلاف "سائرون" المنضوي ضمن تحالف الإصلاح، أيمن الشمري "تمّ الاتفاق بين قيادات الإصلاح والفتح على إكمال نصاب جلسة البرلمان يوم السبت المقبل، وأن تكون الجلسة حاسمة ويتم فيها تسمية رئيس البرلمان ونائبيه"، مشيراً في تصريح لوسائل إعلام عراقية إلى أنّ "هناك توافقات على تسمية رئيس البرلمان وقد يكون الرئيس خارج الأسماء المرشحة حالياً". وتابع الشمري "المشاورات مع تحالف الفتح وصلت مرحلة متقدمة"، مستدركاً "نحن في تحالف الإصلاح ما زلنا الكتلة الأكثر عدداً، وإذا فشل التحالف مع الفتح فنحن من سيشكل الحكومة".

المساهمون