الجزائر وحفتر... ألو طرابلس

الجزائر وحفتر... ألو طرابلس

11 سبتمبر 2018
كلام حفتر للجزائر رسائل من دول إقليمية(فيليب وجازير/فرانس برس)
+ الخط -
لم يكن خليفة حفتر يلقي خطاباً عسكرياً على جنوده حين أتى على ذكر الجزائر والتهديد بنقل الحرب إلى حدودها، لكنه كان يجتمع إلى أعيان القبائل، (والقبيلة في ليبيا سابقة لوجود الدولة) وبصدد إلقاء خطاب أشبه ما يكون بحملة انتخابية لمرشح يعرض مشروعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي على ناخبين من الصف الأول، فمدَّ لسانه حتى حدود الجزائر.

قد يكون ذلك سابقاً لأوانه، لكن الظاهر أن حفتر يحاول فعلياً على مدى منظور أن يستكمل صورته كحاكم فعلي لليبيا، ويسعى لتعطيل الخطة الأممية لإجراء الانتخابات، ليطرح نفسه كرئيس أو ما شابه ذلك بحسب ما تقتضيه مرحلة الفوضى وتفوّضه المليشيات والقبائل والسلفيون ودول دعم الثورات المضادة. يرى حفتر نفسه الآن في صورة أخرى غير صورة القائد العسكري الذي لم تتعبه الحرب بقدر ما أتعبه فقره في الإلمام بقواعد الحرب نفسها (جعله فُقره هذا، قبل أربعة عقود ونيف صيداً ثميناً للجيش التشادي فقضى زمناً من الأسر في صحراء تشاد). ويرغب في أن يستبدل بزته العسكرية ببدلة مدنية، مع أن البزة لا تجعل من الجنرال قائداً إلا إذا أحل السلم المدني، والبدلة لا ترفعه إلى مقام مخاطب إقليمي باسم الليبيين إلا إذا كان رجل إجماع لا إقصاء، وليحسم بالتفويض ما لم يستطع حسمه بالدبابة التي يركب ظهرها منذ سنوات، ويصبح نسخة أخرى من حالة عبدالفتاح السيسي في مصر، وسبحان الله أن يشترك حفتر والسيسي في الدبابة والراعي الرسمي، وفي تورّم يدهما من معانقة السلفيين أيضاً.

في العلاقة بالجزائر، يعتقد حفتر، أو هكذا تبدو حساباته، أنه يستطيع أن يتحوّل من فاعل عسكري محلي بالوكالة إلى لاعب سياسي إقليمي بالوكالة أيضاً. يدرك العقل السياسي الرسمي في الجزائر، أن تصريحاته تجاه الجزائر، بقدر ما هي مناورة سياسية مفخخة، فإنها في الوقت نفسه رسائل بالوكالة عن دول إقليمية تجعل من حفتر العربة والحصان في الوقت نفسه، تريد أن توخز الجزائر لتتزحزح عن مواقفها بشأن رفض خيارات الإقصاء والتقسيم في ليبيا. لم يحصل حفتر ورعاته الدوليون من الجزائر لا على صندوق بريد لاستقبال رسالته، ولا على رد صدى رسمي يعتمده كمخاطب باسم ليبيا.

لم ينجح حفتر في تأمين بنغازي نفسها ومع ذلك يتطلّع إلى نقل الحرب إلى الحدود مع الجزائر، وعندما يزعم أنه يراقب الحدود بين ليبيا والجزائر، فهو يوجّه عرضاً إلى الجزائر للتعاون في مجال أمن الحدود. وأمن الحدود هذا هاجس رئيس بالنسبة للجزائر منذ عام 2012، لكن حتى مع هذا العرض والإغراء الأمني، كان رد الجزائر سياسياً بامتياز، اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، ووزير الخارجية الليبي في حكومة المجلس الرئاسي المعترف بها دولياً، محمد الطاهر السيالة، وهذا يعني أن الجزائر الدولة تخاطب حكومة الدولة في طرابلس، وليس المليشيات في بنغازي.