تقارب الصدر و"الفتح" يقصي "الدعوة" عن رئاسة الحكومة العراقية

تقارب الصدر و"الفتح" يقصي "الدعوة" عن رئاسة الحكومة العراقية

12 سبتمبر 2018
لا تزال هناك معوقات أمام اتفاق الصدر-العامري (الأناضول)
+ الخط -

منذ ليلة أمس، الثلاثاء، باتت كرة تشكيل الكتلة العراقية الكبرى والحكومة في ملعب زعيم تحالف "الفتح" (الجناح السياسي لمليشيات الحشد الشعبي في العراق)، هادي العامري، إذ تسلّم ما يمكن اعتباره مسودة البرنامج الحكومي الذي يطالب به "التيار الصدري" وكتل أخرى متحالفة معه، ويتضمن الخطوط العريضة للحكومة العراقية الجديدة بنسختها السادسة بعد العام 2003، لتدل كل المؤشرات على أن رئاسة الحكومة تبتعد أكثر وأكثر عن حزب "الدعوة".

وكشفت مصادر قيادية صدرية وشيوعية في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن الحوار مع زعامات تحالف "الفتح" المحسوب على الجانب الإيراني، لا يهدف بالضرورة لسحبه إلى الجانب الآخر والتحالف معه، لكن سببه وجود قناعة بأن أي حكومة ستُشكّل لن تكون مستقرة وستبقى عرجاء في حال لم يتم الاتفاق مع "الخصم القوي".
وقال قيادي صدري من بغداد، معروف بقربه من زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، عبر الهاتف، لـ"العربي الجديد"، إن "خاتم الحكومة لم يعد بيد حزب الدعوة بمختلف أجنحته، سواء رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي أو سلفه نوري المالكي، وهذا ما يمكن اعتباره محل إجماع كل القوى السياسية العراقية، باستثناء حزب الدعوة الذي فشل في إدارة البلاد منذ نحو 12 عاماً وبدد ثروات هائلة وغذى المجتمع العراقي بأزمات طائفية". ووفقاً للقيادي ذاته، فإن "الإخوة في تحالف الفتح وصلت لهم مسودة برنامجنا الحكومي وأبرز ما نرغب به، ومن المؤكد أنهم لا يرفضون حكومة اختصاص".

وأضاف القيادي نفسه أن "الحكومة المطلوبة هي ببرنامج يقوم على جدول زمني لحل مشاكل الكهرباء والماء والبطالة والفقر وتوفير كل الخدمات، وتفتح ملفات الفساد وتلاحق الأموال العراقية في البنوك العالمية، وأن تخضع لتقييم أول داخل البرلمان بعد ستة أشهر من عملها، وأن يكون على رأسها رئيس وزراء لم يسبق له أن تسلّم أي منصب تنفيذي ولا يمكن اعتباره محسوباً على جهة سياسية معينة"، لافتاً إلى أن "البرنامج يشمل أيضاً ملفات أمنية وسياسية وتعديل فقرات الدستور وتحقيق المصالحة الوطنية وإعمار المدن المدمرة"، مشدداً على أن "موافقة الفتح على هذا البرنامج تعني بالضرورة أمرين، إما الدخول في تحالف سياسي واحد وبدعم كردي تعهّدت به قوى كردية عدة، أو مباركتها ودعمها للحكومة"، مؤكداً أن "مرجعية النجف تدعم طريق التوافق بين الفتح وسائرون، وتعتبره حلاً وسطاً وبداية تغيير".
وعما إذا كانت هذه المباحثات بين الطرفين ستُحسم خلال الأيام القليلة المتبقية قبيل جلسة البرلمان المقررة السبت المقبل، قال القيادي إن "جلسة البرلمان المقبلة ستكون مخصصة لانتخاب رئيس برلمان ونائبين له".

إلا أن معلومات تسربت من داخل المدينة القديمة في النجف، جنوب العراق، تؤكد أن الاتصالات بين الصدريين و"الفتح" بزعاماته الحالية ما زالت تعيقها نقاط مهمة وتحتاج إلى تقديم تنازلات من كلا الطرفين، من أبرزها مسألة تسمية مرشحي الوزارات، وإصرار الكتل السنّية المختلفة على أن يكون ذلك من خلالها وأن تقوم بتقديم ثلاثة مرشحين لكل وزارة يتم الاتفاق مسبقاً على أنها من حصة هذا المكوّن أو ذاك، ويقوم رئيس الحكومة باختيار أحدهم، وهو ما تحرص عليه الكتل السنّية والكردية على وجه الخصوص وبطبيعة الحال الكتل الشيعية، لكن على نحو أقل لاعتبارات أن رئاسة الحكومة من حصتها.

وأكدت مصادر في النجف، لـ"العربي الجديد"، أن المرجع الديني علي السيستاني، اعتبر أن صراع الإرادتين الأميركية والإيرانية داخل العراق سيتسبّب بانهيار أمني وعدم استقرار، وبالتالي هو يدعم مبادرة جمع الأفرقاء الشيعة سواء بالتحالف السياسي أو التوافق الحكومي.


وقال عضو الحزب الشيوعي العراقي، رياض عدنان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "عام 2018 قد يكون آخر عهد لحزب الدعوة في الحكومات العراقية، على الأقل خلال العقد المقبل". وأضاف "حالياً الحزب (الدعوة) بقياداته ومنظّريه يريد أن يضمن أنه لن تفتح ملفات سابقة تتعلق بالفساد والانتهاكات، وأعتقد أن هذا الأمر أكثر ما يسعى إليه حالياً، فهناك توافق على إقصائه من المشهد في السنوات الأربع المقبلة"، مشيراً إلى أن التقارب الحالي بين الصدر والعامري في حال نضج فإن أبرز المتضررين منه سيكون تحالف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، و"دولة القانون" بزعامة نوري المالكي.

في هذه الأثناء، كشف النائب عن تحالف "البناء" (بين العامري والمالكي)، حامد الموسوي، عن اجتماعات تُعقد حالياً في بغداد والنجف وكربلاء للتوصل إلى اتفاق حول الحكومة. وقال الموسوي في تصريحات لوسائل إعلام عراقية، إن "تحالفات سياسية مختلفة تُجري حوارات واجتماعات في بغداد والنجف وكربلاء، بهدف التوصل إلى اتفاق لتشكيل كتلة كبرى تضم كل المكوّنات السياسية". وأضاف أن "كل الأسماء التي تُطرح بشأن الترشيحات للرئاسات الثلاث هي إعلامية"، موضحاً أنه "قد تكون هناك تنازلات من قِبل تحالفي الفتح بزعامة هادي العامري وسائرون بزعامة مقتدى الصدر لتشكيل كتلة كبرى تشكل الحكومة المقبلة". وأشار إلى أن "طبيعة الحوارات السياسية تغيّرت بعد أحداث البصرة الأخيرة، وهناك ضغط يمارس على تحالف الإعمار والإصلاح بقيادة سائرون لحسم أمر الرئاسات الثلاث".

في غضون ذلك، ارتفع عدد المرشحين السنّة لمنصب رئاسة البرلمان إلى تسعة أشخاص، بعد إعلان القيادي في تحالف "النصر"، وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، ترشحه للمنصب، بحسب بيان صدر عن مكتبه، أكد أن العبيدي قرر الترشح لمنصب رئيس البرلمان نتيجة مطالبات سياسية له بالقيام بهذه المهمة. وسبق للبرلمان أن أعلن، الإثنين الماضي، عن تسلم طلبات ترشح لرئاسة البرلمان من النواب: محمد تميم، وأسامة النجيفي، ورشيد العزاوي، وأحمد عبد الله الجبوري، وأحمد خلف الجبوري، وطلال الزوبعي، ومحمد الخالدي، ومحمد الحلبوسي.

وقال عضو في تحالف "القرار العراقي"، لـ"العربي الجديد"، إن "جهوداً جرت، الثلاثاء (أمس)، لعقد اجتماع للقوى السنّية بهدف تقليل عدد المرشحين لرئاسة البرلمان وحصرهم بشخصية سنّية واحدة أو اثنتين، لكنها فشلت"، مرجحاً أن "تحصل انسحابات لبعض المرشحين، لكن سيدخل خمسة أو ستة للبرلمان معلنين ترشحهم، وهذا يمثّل صورة التشرذم السياسي للعرب السنّة في البلاد"، معرباً عن أمله في نجاح جهود تبذلها أطراف عدة للمّ شمل الكتل في اليومين المقبلين من أجل الاتفاق على مرشح معين مدعوم من القوى السنّية لهذا المنصب.

المساهمون