أميركا تغلق مكتب "المنظمة": رابع انتقام ترامبي من الفلسطينيين

أميركا تغلق مكتب "المنظمة": رابع انتقام ترامبي من الفلسطينيين

11 سبتمبر 2018
يغادر آخر موظف مكتب المنظمة في أكتوبر(نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -
سجلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الإثنين، خطوة عملية إضافية هي الرابعة من نوعها، في إطار مشروع تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية تحت عنوان عريض هو إرغام القيادة الفلسطينية على "العودة إلى طاولة المفاوضات"، وهو العنوان الكاذب لمشروع إرغامها على التوقيع على إملاءات "صفقة القرن". فبعدما وفى ترامب بوعوده لإسرائيل عبر نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس المحتلة في مايو/أيار الماضي، وبعدما أمر الشهر الماضي بوقف التمويل الأميركي لوكالة "أونروا"، وهو ما أرفقه قبل يومين بوقف التمويل الأميركي السنوي للمستشفيات الفلسطينية في القدس، ووقف تمويل كل ما كان يصل إليه الدعم الأميركي في قطاعات التعليم والصحة، قرر أمس أن يكون الثالث عشر من سبتمبر/أيلول الحالي، أي الخميس المقبل، هو اليوم الأخير لعمل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والذي يؤدي دوراً شبيهاً بمقر البعثة الفلسطينية هناك. خطوة تأتي تنفيذاً لقرار إدارة ترامب الصادر قبل نحو عشرة أشهر والذي قضى بعدم تمديد فتح المكتب. وبموجبه، أبلغت السلطة الفلسطينية أول من أمس الأحد، رسمياً، بإغلاق مكتب المنظمة يوم 13 سبتمبر، على أن يغادر آخر موظف في الثالث من أكتوبر/ تشرين أول المقبل. بالتالي، يبدو الإغلاق نهائياً، لا مجرد تعليق عمل المكتب، الذي لم تعتبره واشنطن يوماً بمثابة سفارة لكونها لا تعترف بدولة فلسطين طبعاً. وظلت الإدارات الأميركية المتعاقبة تجدد الإذن لبعثة منظمة التحرير في واشنطن، للبقاء، كل ستة أشهر، علماً أن القرار الأميركي الجديد يتزامن مع الذكرى 25 لاتفاق أوسلو الموقع في أميركا.



ورأت السلطة، ممثلة بالحكومة وبأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، في الخطوة الجديدة، "صفعة جديدة ضد السلام والعدالة". وأمام الضربة الترامبية الجديدة، قررت السلطة "الانتقام" من خلال تسريع إجراءات الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاولة تسريع محاكمة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه.
وبحسب تقدير عريقات، فإن سبب القرار الأميركي هو "عقاب السلطة على مواصلة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم الحرب الإسرائيلية، وستقوم بإنزال علم فلسطين في واشنطن العاصمة".
من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، في حديث مع "العربي الجديد": "اليوم سوف نقدم إحالة أمام المحكمة الجنائية بخصوص قرار الاحتلال الإسرائيلي هدم الخان الأحمر، ونعتبر أنفسنا في حل من كل التفاهمات والاتفاقيات مع الإدارات الأميركية السابقة بما في ذلك التنسيق الأمني مع الإدارة الأميركية". ولفت إلى أنه "ستكون هناك خطوات سياسية للتطبيق العملي خلال الفترة القريبة المقبلة، لكن بدون شك العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية سوف تقطع بكل أشكالها". ووصف مجدلاني القرار بأنه "في منتهى الخطورة وجاء تكريساً لسلسلة القرارات الأميركية العقابية ضد الشعب والقيادة الفلسطينيَين والمساس حتى بالمنظمات الدولية التي تقدم المساعدات للشعب الفلسطيني، من خلال إلغاء حق العودة وإنهاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)". وتابع مجدلاني: "نعتقد أن الإدارة الأميركية قد استنفدت كل ما لديها من إجراءات في مواجهتها، وانتقلت إلى مرحلة جديدة وهي مرحلة تصفية القضية الفلسطينية وفي مقدمتها القيادة الفلسطينية عبر التمثيل السياسي لمنظمة التحرير".
وحول الرد الفلسطيني على الخطوة الأميركية، رأى مجدلاني أنه "ينبغي أن يكون هناك رد على مستوى الحدث، واعتبار كل التفاهمات السابقة مع الإدارة الأميركية التي سبقت ترامب بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية وبشأن الانضمام إلى المنظمات والوكالات الدولية المختلفة، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية لاغية".
يذكر أن هناك تفاهماً بين الرئيس محمود عباس والإدارة الأميركية بعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، يقضي بعدم انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية و22 منظمة دولية، لكن السلطة الفلسطينية انضمت إلى أربع من هذه المنظمات أهمها منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية و"الانتربول". واعتبر مجدلاني القرار الأميركي استباقاً لكلمة الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة في 22 من الشهر الجاري، معرباً عن اعتقاده بأن "الولايات المتحدة الأميركية تحضر لتصعيد شديد يستهدف الرئيس أبو مازن ومنظمة التحرير".
وكانت الإدارة الأميركية أرسلت رسالة خطية إلى القيادة الفلسطينية في 18 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، تفيد بعدم تمديد فتح مكتب المنظمة، لكن الأمور تدهورت بشكل لا يمكن إنقاذه، عندما وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي على قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعترافه بالمدينة المحتلة عاصمة لإسرائيل، ما أدى إلى قرار الرئيس محمود عباس بوقف التواصل السياسي مع الإدارة الأميركية بشكل كامل.
وفي نهاية شهر ديسمبر الماضي، قررت القيادة استدعاء رئيس المفوضية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية لدى الولايات المتحدة السفير حسام زملط للتشاور. ورغم ما سبق، إلا أن مكتب منظمة التحرير بقي يعمل في إطار التواصل مع الجاليات الفلسطينية في الولايات المتحدة وليس على صعيد العلاقة الثنائية مع الإدارة الأميركية.
وأوضح مجدلاني أن "المكتب لم يكن مغلقاً العام الماضي. تركوا مجالا للحوار والضغط، وتم استدعاء السفير الفلسطيني حسام زملط، أما بعد هذ القرار فسيغلق المكتب يوم 13 سبتمبر بشكل رسمي، وحتى 3 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل ستتم تصفية كل ما يتعلق بالمكتب من موظفين".
وحول ما يعنيه إغلاق المكتب، في ظل عدم وجود تواصل سياسي أصلاً بين القيادة الفلسطينية والإدارة الأميركية منذ نحو عام، قال مجدلاني: "قطع العلاقة مع القيادة الفلسطينية جاء بعد نقل السفارة إلى القدس، وجاء بعد عدم التمديد لمكتب منظمة التحرير، أما استدعاء السفير الفلسطيني في واشنطن فهذا إجراء طبيعي تقوم به أي دولة في حال تعرض مصالحها للخطر، نحن استدعينا السفير ولم نقطع العلاقة، لكن الرئيس الأميركي رد بقطع العلاقة، وهذه الخطوة تأتي عملياً في إطار التصعيد والهجوم السياسي الجديد على المنظمة والرئيس محمود عباس، وقطع العلاقات السياسية والدبلوماسية له معنى كبير، هو بمثابة إعلان حالة حرب وعداء، ونعتقد أن التوقيت له علاقة بالمأزق السياسي الداخلي الذي يتعرض له ترامب، ويحاول تصدير أزمته بالاحتماء باللوبي الصهيوني".
بدوره، قال رئيس المفوضية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية لدى الولايات المتحدة، السفير حسام زملط، في بيان صدر عن مكتبه أمس، إن "إدارة ترامب مستمرة في تنفيذ قائمة طلبات الحكومة الإسرائيلية وكان أولها إغلاق بعثة فلسطين لدى الولايات المتحدة لنسف العلاقة الثنائية بين البلدين حتى ما بعد فترة إدارة ترامب من جهة، ومن جهة أخرى هذا الإغلاق يأتي في سياق تعهد الإدارة الأميركية بحماية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة وضد الشعب الفلسطيني الأعزل".
وأكد زملط أن قرار الإدارة بإغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن "يحثنا على الضغط على المحكمة الجنائية في التسريع بمحاكمة إسرائيل وتفعيل جميع أدوات القانون الدولي والهيئات الدولية ضد جرائم إسرائيل، وبمضاعفة الجهد من أجل التواصل والتأثير في الرأي العام الأميركي بكافة الوسائل". وشدد على أن "الحقوق الفلسطينية ليست للمساومة ولا للبيع ولن نخضع لابتزاز الإدارة الأميركية وتهديداتها، وسنواصل نضالنا المشروع من أجل نيل الحرية والاستقلال وحقوقنا التاريخية".

المساهمون