هجوم نيابي أردني على السعودية: العلاقات الرسمية تزداد فتوراً

هجوم نيابي أردني على السعودية: العلاقات الرسمية تزداد فتوراً

02 سبتمبر 2018
منعت السعودية والبحرين مواطنيهما من المشاركة باحتجاجت ديسمبر(شادي نسور/الأناضول)
+ الخط -


تعرضت السعودية لثاني هجوم نيابي أردني خلال أسبوعين، فبعد أن طالب النائب الأردني طارق خوري قبل عشرة أيام بضرورة إنهاء دور السعودية في الإشراف على الحج، قال النائب خالد رمضان عواد إن "الأردن ليس للبيع مقابل أموال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحليفه محمد بن زايد".

وتمر العلاقات الأردنية السعودية حالياً بفترة برود، تعود لأسباب سياسية، أبرزها مواقف السعودية مما يُعرف بـ"صفقة القرن"، خصوصاً ملف القدس المحتلة وإدارة المقدسات. كما أن لهذا الفتور أبعاداً اقتصادية، فالسعودية ساعدت بسخاء العديد من الدول واستثنت الأردن، فيما يعتقد الأردنيون أنهم يدفعون فاتورة مواقفهم التي تميل إلى المواقف السعودية.

وبالعودة إلى التصريحات الأخيرة، فقد قال النائب في البرلمان الأردني خالد رمضان، إن "الأردن ليس للبيع مقابل أموال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحليفه بالمنطقة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد". وأضاف النائب الأردني، خلال جلسة حوارية في الجامعة الأردنية الألمانية، لأبناء الدوائر الانتخابية في عمّان ومحافظة مأدبا ومحافظة البلقاء، نظمتها الجمعية الخيرية الشيشانية للنساء ومنتدى الوحدات الثقافي الاجتماعي بالشراكة مع مركز الحياة، إن "مصير الأردن ومستقبله موضوع حالياً على الطاولة"، رافضاً ما سماه "المساومة على مصير الأردن، وللأردن أهمية خاصة، أساسها عمّان والقدس".

تصريحات رمضان تأتي وسط تسريبات عن أن الأردن تعرّض لضغوط قوية من الإمارات والسعودية للقبول بما يسمّى "صفقة القرن" التي تعدها الإدارة الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية. في وقت شدّد فيه العاهل الأردني عبدالله الثاني على أنه "لن يستجيب لأي إغراء مالي، ولا أي ضغوط من أجل التخلي عن القدس المحتلة".

تصريحات رمضان لم تكن الأولى الموجهة للسعودية، فقد قال سابقاً، رداً على تصريحات السفير السعودي الأمير خالد بن فيصل بن تركي التي حذر فيها رعاياه من الاقتراب من المسيرات الأردنية التي اجتاحت شوارع الأردن مناصرة للقدس، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي: "حطموها على قحف أصحابها". وأضاف أن "أي بوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة، حطموها على قحف أصحابها. اعتمدوا القلب، فالقلب يعرف مهما كانت الرياح الدنيئة السيئة جارفة".



وقبل رمضان كانت للنائب الأردني طارق خوري دعوة إلى "ضرورة إنهاء دور السعودية في الإشراف على الحج". وقال خوري، في بيان نشره عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "لست مع تدويل شعائر الحج إلى مكة المكرمة، ولكن يجب إعادة النظر في العملية برمتها، إذ لا يجوز للدولة السعودية أن تتحكم وتختزل هذه الركن العظيم من الإسلام لغايات تجارية وسياسية بحتة".

واعتبر خوري أن "هذا الأمر يستوجب تشكيل هيئة من علماء المسلمين على مستوى العالم للإشراف على هذه الشعيرة، ويتم وضع أسس واضحة لمنح تأشيرة الحج بما لا يخالف الأخلاق والقيم الإسلامية، وأن تراعي أوضاع المسلمين الاقتصادية وأن يخصص جزء من ريع الحج لتمكين فقراء المسلمين من أداء فريضة الحج من دون عناء التكاليف الباهظة".

وتحاول أذرع السياسة الأردنية الرسمية ضبط الإيقاع الشعبي المناهض للسعودية، خصوصاً في موقفها من الصراع العربي الإسرائيلي، الذي ينظر إليه الأردنيون كقضية أمن وطني وسيادة. وظهر الغضب من السياسات السعودية أحياناً في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن أخيراً كان النواب وشخصيات حكومية سابقة أصحاب خط الهجوم الأول على السياسة السعودية.

ولم تغير المساعدات الخليجية التي أُقرّت في يونيو/ حزيران الماضي في اجتماع مكة بوجود العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، والشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، بالإضافة إلى ملك الأردن عبد الله الثاني، موقف الأردنيين من السعودية، ووجدوا أنها تمثل عبئاً مالياً على بلدهم أكثر من كونها تمثل مساعدة نقدية له أو إنقاذاً للاقتصاد، فأغلب المساعدات عبارة عن قروض أو ضمانات قروض لمصلحة جهات تمويل خارجية، كما كانت هناك انتقادات لطريقة تقديم هذه المساعدات.



وشنّ نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق محمد الحلايقة، في إبريل/ نيسان الماضي، هجوماً على وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، على خلفية تصريحاته المتعلقة بإرسال قوات عربية إلى سورية لتحل مكان الجيش الأميركي.

كذلك شهدت نهاية العام الماضي سجالاً نيابياً مع السفير السعودي، فقد وجّه النائب في مجلس النواب الأردني حسني الشياب سؤالاً إلى السفير السعودي في العاصمة عمّان، الأمير خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، كاد يتسبّب بأزمةٍ دبلوماسيّةٍ بين الأردن والسعوديّة.

وقال النائب للسفير "ماذا يجري في المملكة العربيّة السعوديّة الشقيقة من سجن للأمراء والوزراء ورجال أعمال يا سمو الأمير؟". الأمر الذي أزعج السفير الأمير. كذلك استهجن النائب الأردني خليل عطية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي دعوة السعودية والبحرين مواطنيهما المقيمين في الأردن إلى الابتعاد عن المسيرات الرافضة للقرار الولايات المتحدة إلى القدس.

وقال عطية، في منشور له على صفحته في موقع "فيسبوك"، إن "تحذير سفارة السعودية والبحرين مواطنيهما بالابتعاد عن أماكن التظاهرات غير موفق وغير مقبول، لأن الرعايا العرب هم أبناؤنا وإخواننا ولا ينسون أنهم في بلد الهاشميين نفديهم بأرواحنا ويجب التراجع عنه".

وكان النائب مصطفى ياغي قد انتقد تحذير السفارتين السعودية والبحرينية لرعاياهما من المشاركة في التظاهرات الغاضبة ضد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي قال النائب الأردني صالح العرموطي، إن "أي تصريحات يدلي بها رجل الأعمال الأردني صبيح المصري وهو معتقل في السعودية لا يعول عليها". وهذا الموقف جاء بعد نفي رجل الأعمال الأردني الأنباء التي تحدثت عن اعتقاله في السعودية، معلناً قرب عودته إلى عمّان بعد انتهاء اجتماعات عمل سيجريها في المملكة.

وتبيّن أن الموقف من الصراع العربي الاسرائيلي هو المحرك الأساس للخلاف بين البلدين، إذ ترى عمّان أن الأولوية الكبرى هي للصراع مع إسرائيل، وعلى رأسه قضية القدس، في وقت ترى الرياض أن الأولوية الأولى قبل كل شيء الصراع مع إيران. كذلك ساهمت شائعات حول محاولات سعودية زعزعة نظام الحكم في الأردن في ظهور مواقف شعبية تغلفها الريبة من السعودية وسياستها في المنطقة.



المساهمون