خارطة انتشار "أنصار الشريعة" و"القاعدة" و"داعش" في ليبيا

خارطة انتشار "أنصار الشريعة" و"القاعدة" و"داعش" في ليبيا

طرابلس
avata
أسامة علي
صحافي ليبي. مراسل العربي الجديد في ليبيا.
01 سبتمبر 2018
+ الخط -
أعادت سلطات حكومة الوفاق الليبية افتتاح بوابة كعام، الأسبوع الماضي، بعد يوم من حادث إرهابي أسفر عن مقتل 7 أفراد من حراس البوابة وإصابة آخرين. وعلى الرغم من انتشار أنباء تفيد بالتعرف إلى جثة القتيل الوحيد من بين منفذي الهجوم، إذ قيل إنه يدعى علي الذيب وانتشرت صوره في مواقع التواصل الاجتماعي، مع حديث عن إمكانية أن يكون عضواً في تنظيم "داعش" الإرهابي، فإن التنظيم لم يعلن عن تبنيه العملية بعد.

ويعيد هذا الحادث إلى الواجهة حقيقة وجود التنظيمات الإرهابية على الأراضي الليبية، حيث تمكّن "داعش" من تأسيس "ولاية" في ليبيا وجعل من سرت عاصمة لها، قبل أن تطرده قوات البنيان المرصوص منها في أواخر عام 2016، لكن حالة الانفلات الأمني التي تعيشها البلاد مكنت عدداً من التنظيمات من التموضع في مواقع عدة على التراب الليبي.

"العربي الجديد" يستعرض فيما يلي أبرز هذه الجماعات الإرهابية:

جماعة أنصار الشريعة

جماعة مسلحة تقترب في عقائدها وفكرها من تنظيم القاعدة، تمركزت في أولى أيام تأسيسها عام 2012 في بنغازي. وتمكن مؤسسها محمد الزهاوي وأنصاره من تكوين فروع للمجموعة في أكثر من مدينة، كأجدابيا شرقاً وسرت وسط البلاد. وبعد الحديث عن تورطها في حادث رفقة ثلاثة من دبلوماسيي البعثة، أعلنها مجلس الأمن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 جماعة إرهابية.

وقامت فرقة استخباراتية أميركية باعتقال أبرز قادتها وهو أحمد بوختالة في بنغازي في يونيو/حزيران من العام ذاته ونقلته إلى الولايات المتحدة حيث لا يزال يواجه تهماً بتورطه في حادث مقتل السفير الأميركي.

واعتبرت الجماعة إرهابية لكونها تستعين بمقاتلين أجانب، كما ثبت وجود أبو عياض التونسي زعيم أنصار الشريعة في تونس في بنغازي من خلال فيديوهات وصور له انتشرت عبر وسائل الإعلام، ولا يرفع تنظيم أنصار الشريعة العلم الليبي بل يستبدله بعلم القاعدة الذي ظهر خلف مؤسسه، محمد الزهاوي، في أكثر من ظهور إعلامي له.

ومنذ عام 2015 اختفت حركة أنصار الشريعة وغاب قادتها عن الظهور الإعلامي، ويعتقد أن مقاتليها انصهروا ضمن مجموعات أخرى بسبب اتفاقهم معها في وجوب قتال قوات المشير حفتر، لا سيما في بنغازي التي كان الأخير يخوض فيها حرباً ضارية تحت شعار محاربة الإرهاب.


تنظيم القاعدة

يعتبر الجنوب الليبي أبرز مناطق وجود تنظيم القاعدة، وهو الأمر الذي دلت عليه الغارات الأميركية المتلاحقة، إذ شنّت طائرات أميركية غارات في أوباري جنوب البلاد في 28 من مارس/ آذار الماضي، وأكدت القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا "أفريكوم" أن اثنين من قادة القاعدة، من بينهم موسى أبو داوود، قتلا إثر الغارة. كذلك شن الطيران الأميركي غارة أخرى في نهاية يوليو/ تموز الماضي على أوباري، وقالت "أفريكوم" إنها استهدفت قادة من التنظيم أيضاً من دون أن تسميهم.

أما محليًا، فتتواتر أنباء في أوباري عن زيارات متكررة للمدينة من قبل القيادي البارز في القاعدة إياد أغ غالي، كما أن فيديوهات تم تسريبها وتناقلها على مواقع التواصل الاجتماعي، في منتصف عام 2016، أظهرت وجود بلختار الأعور، قائد القاعدة في المغرب العربي، رفقة بعض المسلحين ممن يعتقد انتماؤهم إلى القاعدة، في إحدى المناطق الصحراوية، في جنوب أجدابيا شرق البلاد.

وعلى الرغم من تلك المؤشرات على وجود القاعدة في ليبيا، إلا أن إشكالية وجوده الحقيقي تبقى محل جدل وبحث لدى الباحثين، الذين يشيرون إلى ارتباط جماعات مسلحة ليبية بالتنظيم كـ"سرايا الدفاع عن بنغازي"، إذ ظهر أحد مؤسسيها، وهو الساعدي النوفلي، رفقة بلمختار في الفيديو ذاته الذي انتشر له على مواقع التواصل، كما أن أحمد التاجوري، وهو أحد قادة مجلس شورى بنغازي، ظهر في الفيديو ذاته أيضاً.


لكن سرايا الدفاع ومجلس الشورى في بنغازي رفضا هذا الاتهام في أكثر من مناسبة، مشددين على عدم تبعيتهما لأي تنظيم إسلامي، وعلى أن مرجعتيهما الوحيدة هي دار الإفتاء التي يترأسها الشيخ الصادق الغرياني، الذي أمر بقتال قوات المشير خليفة حفتر ورد مشروعه العسكري للانقلاب على ثورة فبراير.

ويستدل رافضو هذا الاتهام بوجود العميد مصطفى الشركسي كقائد لسرايا الدفاع عن بنغازي،  وهو المتحدث السابق باسم القوات الجوية الليبية إبان حكم المجلس الوطني الانتقالي في البلاد عامي 2011 و2012.

ويعتبر كثير من المراقبين أن مصطلح "الحرب على الإرهاب" الذي صاغه حفتر ليلبسه لكل خصومه وليشرعن حربه في بنغازي هو السبب في اتهام الجماعات المسلحة في بنغازي ودرنة بأنها إرهابية، على الرغم من مشاركة عدد كبير من الثوار المدنيين والعسكريين في عملياتها القتالية ضد حفتر.


تنظيم "داعش"

أعلن تنظيم "داعش" عن نفسه في ليبيا لأول مرة في 2014، عندما بايع تنظيم "مجلس شباب الإسلام" تنظيم "داعش". وعلى الرغم من ظهور زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، في الفترة ذاتها عبر فيديوهات أعلن خلالها إنشاءه ثلاث ولايات في ليبيا تابعة للتنظيم؛ هي برقة وطرابلس وفزان، إلا أن وجود التنظيم الحقيقي انحصر في سرت وسط البلاد، التي كانت بعيدة وقتها عن معترك السياسة بين طرابلس وطبرق، ليستثمر التنظيم حالة الصراع لتمكين وجوده بالمدينة التي أعلنها عاصمة له في منتصف عام 2016، قبل أن تداهمها قوات البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق على مدى ثمانية أشهر وتتمكن من اجتثاث التنظيم منها أواخر عام 2016، لكن الفلول الهاربة لا تزال تشكّل مصدر قلق لدى قطاع كبير من الليبيين.

كذلك نفّذ التنظيم عدداً من العمليات في مختلف المناطق الليبية، كان آخرها هجومه على مقرّ مفوضية الانتخابات في طرابلس في مايو/ أيار الماضي، وإعلانه عن تبنيه عدداً من الهجمات على بوابة الستين جنوب أجدابيا شرق البلاد، وأخيراً الهجوم على بوابة كعام شرق طرابلس.

وعلى الرغم من طرده من عاصمته في سرت، إلا أن المتحدث باسم قوات البنيان المرصوص، محمد الغصري، أكد خلال تصريحات سابقة أن التنظيم تحول إلى استراتيجية جديدة من خلال تشكيله خلايا نائمة لا يختلف أفرادها عن بقية المدنيين في الشكل واللباس، تستيقظ لتنفيذ هجمات مفاجئة.

وبالاضافة إلى وجوده كخلايا نائمة، فإن التنظيم لا يزال موجوداً في صحراء جنوب سرت، وتحديدا ًفي سلاسل الجبال الرابطة بين بني وليد (100 كلم جنوب مصراته) وصولاً إلى ترهونة (120 كلم جنوب شرق طرابلس)، وقد أشارت مصادر إلى إمكانية تمترس "داعش" في أودية صحراوية جنوب شرق بني وليد.

ويعتبر الجنوب الليبي ساحة للصراع بين هذه التنظيمات الإرهابية، فبينما توجد القاعدة في أوباري، يحاول "داعش" الاقتراب من مناطق حدودية للتواصل مع مجموعات إرهابية تقترب من فكره كتنظيم "بوكو حرام".

وإن لم تتبيّن ملامح الصراع بين التنظيمين، فإن اختلافهما الفكري والعقدي وصل إلى حد التكفير وهدر الدم، بحسب فتاوى قادة الطرفين، إلا أن كليهما بكل تأكيد استفاد بشكل كبير من الحدود الليبية الجنوبية المفتوحة وتحديداً من قطاع تجارة البشر.

وتشير تقارير غربية إلى هجرة مئات من مقاتلي "داعش" من سورية والعراق إلى ليبيا عبر حدودها المشتركة مع مصر والسودان والنيجر وتشاد، كما أنها تؤكد في الوقت ذاته استفادة القاعدة من ظاهرة تجارة البشر، عبر مشاركتها فيها أو الاستفادة من وصول مقاتلين إليها عبر قوافل المهاجرين القادمين من دول أفريقية كالنيجر تحديداً، حيث لا تزال حركة تحرير أزواد، المقربة من القاعدة، موجودة هناك، ويمكنها أن تزود التنظيم بمقاتلين جدد.​

ذات صلة

الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.
الصورة
دمر الفيضان عشرات المنازل كلياً في درنة (عبد الله بونغا/الأناضول)

مجتمع

ترك الفيضان كارثة كبيرة في مدينة درنة الليبية، كما خلف آلاف الضحايا، وقد تدوم تداعياته الإنسانية لسنوات، فالناجون تعرضوا لصدمات نفسية عميقة، وبعضهم فقد أفراداً من عائلته، أو العائلة كلها.

المساهمون