النظام المصري يتخلص من الموظفين بالمعاش المبكر بالترغيب والترهيب

النظام المصري يتخلص من الموظفين بالمعاش المبكر بالترغيب والترهيب

26 اغسطس 2018
تهدف الدولة للتخلص من مليوني موظف (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -


قالت مصادر حكومية مصرية إن الحكومة مستمرة في البحث عن إجراءات مناسبة لتنفيذ برنامجها غير المعلن، الذي وضعه الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، لتقليص أعداد العاملين في الجهاز الإداري للدولة، الذي كان قد بدأ العام الماضي لخفض أعداد الموظفين الحكوميين إلى نحو 4 ملايين بنهاية العام 2021.

وتحاول الحكومة، حالياً، الاستفادة من المادة 70 من قانون الخدمة المدنية الجديد الذي يجيز للموظف الذي بلغ سن الخمسين التقدم للمعاش المبكر، أي التقاعد قبل بلوغ سن التقاعد الأصلي بعشر سنوات. ورغم أن الحكومة نفت، نهاية يوليو/تموز الماضي، أنها ستجبر الموظفين الذين بلغوا الخمسين على "المعاش المبكر"، إلا أن المصادر أكدت، لـ"العربي الجديد"، أن مديريات الوزارات المختلفة بالمحافظات بدأت في ممارسة ضغوط مختلفة على الموظفين، من معلمين وأطباء وموظفين إداريين، لإقناعهم بالتقدم للمعاش المبكر، بحجة عدم وجود أي فرصة لزيادة الرواتب خلال السنوات المقبلة، وضرورة تقليص عدد الموظفين بوسائل مختلفة خلال العامين المقبلين، ما يهدد غير المتقدمين للحصول على معاش مبكر باتباع إجراءات أخرى ضدهم، قد لا تكون مجزية مالياً، كالتأديب أو الفصل أو الإحالة على المعاش.

والطريقة الأولى للضغط تتمثل في التهديد باتباع تلك الإجراءات حال إصرار الموظف، غير المرغوب فيه، على الاستمرار، خصوصاً في ظل التوسع في إجراء الكشوف الطبية وتحاليل المسكِرات والمخدرات، فضلاً عن التحريات الأمنية عن الموظفين وصفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وأسرهم، والتضييق عليهم بحجة الانتماء أو التعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين تارة، ومعارضة سياسات النظام تارة أخرى، خصوصاً في فترة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير والتظاهرات الشعبية المعارضة لنقل ملكيتها للسعودية. وتلقفت النيابة الإدارية تلك التحريات، فحركت آلاف الدعاوى ضد الموظفين، بتوقيع جزاءات إدارية متفاوتة عليهم، بلغت حد الإحالة للمحاكمة التأديبية وفصلهم من الخدمة، لأسباب سياسية بحتة.

أما الصورة الثانية للضغوط، فتتمثل في ترغيب الموظفين الذين بلغوا سن الخمسين ببعض المزايا المالية الإضافية حال التقدم للمعاش المبكر، كمنح الموظف أو الموظفة وزوجته أو زوجها تأشيرتين للحج، أو قيمة التأشيرتين، أو منح الأبناء أولوية لدى التقدم للوظيفة في نفس الجهة أو الهيئات التابعة لها. وستضاف هذه المزايا إلى مزايا أخرى منصوص عليها في القانون للمتقدمين للمعاش المبكر، كترقية الموظف إلى الوظيفة الأعلى قبل خروجه للمعاش بيوم وتسوية حقوقه التأمينية بعد ترقيته على أساس مدة اشتراكه في التأمين الاجتماعي، وإضافة 5 سنوات على المدة التأمينية له، في حال بلغ الموظف 55 سنة. وكانت مدة اشتراك الموظف في التأمينات الاجتماعية تزيد عن 20 سنة وقد مضى على شغله الوظيفةَ الحالية، التي ترقى إليها، سنة كاملة. أما إذا كان سن الموظف أكبر من 55 سنة ومدة اشتراك الموظف في التأمينات الاجتماعية تزيد عن 20 عاماً، فتتم تسوية معاش الموظف وفقاً لمدة الاشتراك في التأمينات الاجتماعية، يضاف لها المدة المتبقية على سن الخروج إلى المعاش (60 سنة).

وكانت "العربي الجديد" كشفت، في مارس/آذار الماضي، عن إجراء تحريات أمنية غير اعتيادية على آلاف الموظفين المحبوسين احتياطياً، والذين سافروا في إعارات أو انتدابات خارج مصر بعد أحداث صيف 2013 والإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين، للعمل بدول عربية أو خليجية، بهدف إجبارهم على تقديم استقالاتهم وإخلاء عدد كبير من الدرجات المالية والوظيفية في مختلف الجهات الحكومية. ووفقاً لاستراتيجية التنمية المستدامة (2030) التي أعلنها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، العام الماضي، فإن الحكومة تعول على اتباع آلية التقاعد المبكر المذكورة في قانون الخدمة المدنية الجديد، مع حظر التعيينات الجديدة نهائياً، إلا في صورة عقود استشارية مؤقتة، أو في الجهات ذات الطابع الاستثنائي التابعة لرئاسة الجمهورية، للتخلص من 50 في المائة على الأقل من الرقم المراد تخفيضه، وهو مليونا موظف، حتى يصل الجهاز الحكومي إلى نحو 3 ملايين و900 ألف موظف فقط بعد عامين، علماً بأن العدد الحالي للموظفين هو 5 ملايين و800 ألف موظف تقريباً، منهم 5 ملايين في الجهاز الإداري الأساسي، و800 ألف يتبعون قطاع الأعمال العام المكون من الشركات القابضة والتابعة التي تديرها الحكومة وتساهم فيها مع مستثمرين آخرين.