تحذيرات أميركية للسيسي من تعديل الدستور لتمديد ولايته

تحذيرات أميركية للسيسي من تعديل الدستور لتمديد ولايته

24 اغسطس 2018
يرغب السيسي في التمديد لولاية ثالثة (إبراهيم عزت/Getty)
+ الخط -


كشفت مصادر دبلوماسية وسياسية مصرية عن تحذيرات أميركية شديدة اللهجة، تلقاها النظام المصري، بشأن مساعي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والدائرة المحيطة به لتعديل دستور 2014، بشكل يسمح للسيسي بالبقاء لفترة أطول في الحكم. وقالت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إن "مسؤولين بارزين أعادوا أخيراً فتح نقاش مع مسؤولين أميركيين، بعدد من مراكز صناعة القرار بالولايات المتحدة، حول تعديل الدستور المصري لتمديد فترة ولاية السيسي، بحيث يُسمَح له بالترشح مرة أخرى، أو زيادة الفترة الرئاسية. وهو ما قوبل بالرفض للمرة الثانية"، مشيرة إلى أن "الجولة الأولى من تلك المشاورات كانت قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وواجهها رفض أميركي شديد".

وتنص المادة 140 من الدستور المصري على أن: "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمئة وعشرين يوماً على الأقل، ويجب أن تُعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوماً على الأقل. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة".

وأوضحت المصادر أن "ما يتم الترويج له عبر برلمانيين وشخصيات سياسية محسوبة على النظام وحملات لجمع تواقيع تقودها أجهزة بالدولة لتعديل دستور مرتقب، ليس هدفه مخاطبة الشارع المصري، بقدر ما يهدف في الأساس إلى انتزاع موافقة أميركية، من خلال إظهار تقبُّل الشارع لتلك الخطوة وكونها تأتي بضغط شعبي".

وفي فبراير/ شباط الماضي، دعا النائب بالبرلمان إسماعيل نصر الدين إلى تعديل الدستور لتمديد فترة حكم الرئيس إلى ست سنوات، ولم يتقدم فعليّاً بهذا الطلب، قبل أن يعلن مجدداً تجهيز مشروع تعديل للتقدم به في بداية دور الانعقاد النيابي المقبل في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بعد انتهاء إجازة برلمانية.

وكشفت المصادر أن "استباق السيسي للفترة المحصّنة لوزير الدفاع والمقررة بـ8 سنوات وفقاً للدستور، والإطاحة به من منصبه في يونيو/ حزيران الماضي، أثناء التشكيل الحكومي الجديد برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، كان خطوة ضمن خطوات الضغط المتبادل بين السيسي والإدارة الأميركية في شأن تعديل الدستور، بالإضافة إلى مخاوفه من كون بقاء صدقي في موقعه يجعل منه بديلاً جاهزاً له أمام الإدارة الأميركية والغرب في حال انتهاء مدته".



وتنص المادة 234 من الدستور المصري على أن "يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسري أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين (8 سنوات) اعتباراً من تاريخ العمل بالدستور".

وأوضحت المصادر أن "آخر رد أميركي تلقّاه السيسي، عبر اللواء عباس كامل، من جانب مسؤولين أميركيين بارزين، أن الولايات المتحدة لن يكون بوسعها الوقوف صامتة، وعدم التعليق على أي محاولة لتعديل الدستور خلال الفترة المقبلة"، فيما لفتت المصادر إلى أن "السيسي ومساعده المقرّب مدير الاستخبارات العامة عباس كامل، يعوّلان على إنجاز اتفاق إقليمي بشأن القضية الفلسطينية، يشفع لهما لدى الولايات المتحدة، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2022".

كما تباينت الآراء الدستورية والقانونية بشأن إمكانية تمرير أية تعديلات متعلقة بولاية الرئيس، ففي الوقت الذي شدّد فيه فريق من الفقهاء الدستوريين على أن تعديل ولاية الرئيس أمر مستبعد بنص الدستور، أكد آخرون على احتمال حدوثه.

في هذا السياق، قال أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، فؤاد عبد النبي، إنه "لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية"، مشدداً على أن "نواب البرلمان أو رئيس مجلس النواب أو رئيس الجمهورية لا يملكون تعديل الدستور وفقاً للفقرة الخامسة من المادة 226 من الدستور". وتنص المادة 226 من الدستور على أنه "لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلَب تعديل مادة، أو أكثر من مواد ‫الدستور، ويجب أن يُذكر في الطلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل، وفي جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كلياً، أو جزئياً بأغلبية أعضائه، وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي، وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عُرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذاً من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين في الاستفتاء. وفي جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات".



في مقابل ذلك، قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة المنصورة صلاح فوزي، في تصريحات صحافية، إن "الفقرة الأخيرة من المادة 226 تنص على عدم إعادة انتخاب الرئيس لفترة رئاسية ثالثة"، لافتاً إلى أن "الحظر هنا على مُدد الولاية، أما عدد سنواتها فلا يوجد أي حظر عليها".

جاء هذا في الوقت الذي رفض فيه تحالف "25 – 30" البرلماني بشكل قاطع مسألة المساس بالدستور، فقال عضو التكتل، أحمد طنطاوي، إن "المصريين لم يحققوا مكتسبات تذكر منذ ثورة 25 يناير حتى الآن سوى الدستور، وضمان مبدأ نزاهة الانتخابات، إلا أن البعض لا يرضيه ذلك".

وأضاف في تصريحات صحافية، أنه "لا بد من التشكيك في مَن وراء هذه الدعوات في التوقيت الحالي وبهذه الطريقة"، واصفاً المقترح بأنه "محاولة لمغازلة ومجاملة رئيس الجمهورية، خصوصاً في ما يتعلق بولاية الرئاسة، حتى لو كانت هناك تعديلات أخرى". ولفت إلى أن "الحديث عن تعديل الدستور صدر من رئيس مجلس النواب علي عبدالعال، وبعدها أعلن أعضاء في البرلمان تقديم تعديلات عليه، في الوقت الذى لم تطبق فيه مواد الدستور حتى نختبرها من الأساس".



وتابع القيادي في تكتل "25 ــ 30" أنه "لا يوجد نص بشري خالٍ من العيوب، لكن الدستور في مجمله جيد جداً، والمشكلة في طريقة تطبيقه، وهي طريقة غير أمينة، فهناك نصوص لا تطبق، وأخرى تطبق بانتقائية أو يتم اجتزاؤها، ثم نقول إن العيب في الدستور في حين أن العيب في القائمين على تطبيقه أو تفسيره، وفي أحيان كثيرة تقدم تفسيرات غير منطقية على الإطلاق للدستور داخل البرلمان".

وأشار الطنطاوي إلى أن "هناك استحقاقات دستورية لم تنفذ حتى الآن، منها على سبيل المثال قانون العدالة الانتقالية، مع عدم احترام التزامات دستورية أخرى، مثل النسب المخصصة للإنفاق على الصحة، والتعليم، والبحث العلمي، أو تجاهل إجراءات كفلها الدستور، مثل عدم تنفيذ حكم محكمة النقض في الفصل في صحة عضوية أعضاء".

في مقابل ذلك، قال المرشح الرئاسي السابق، رئيس حزب الغد، موسى مصطفى موسى، إنه "سيتم إطلاق وثيقة شعبية وطنية جديدة عقب إجازة عيد الأضحى، تستهدف مساندة الدولة والرئيس عبد الفتاح السيسي، وتعزيز تكاتف الشعب المصري، من دون إقصاء لأحد". وأضاف موسى، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج تلفزيوني، يوم الأحد الماضي، أن "الحزب يحاول جمع الأفكار الوطنية؛ الحزبية أو الشعبية، للتفاعل مع دور السيسي، لتحقيق التنمية والنهوض بالدولة، والتصدي للجهات التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار العام".

وتابع أنه "سيتم التعاون من أجل إخراج الآليات التنفيذية لهذه الوثيقة، بحيث لو رصدنا طرح وزارة ما لشيء ما مضاد للفكر الوطني أو الشعبي نتصدى له بالدراسات"، مؤكداً أنه "ستتم معارضة الأفكار المضادة للدولة، والعمل على تقديم حلول". وعن طبيعة عمل الوثيقة، أوضح أنها "تستهدف دعم الدولة واستكمال المشروعات التنموية والقومية التي تعمل على إنشائها"، مضيفاً أن "الرئيس الآن يقوم بدوره، ولا بد من أن تكون هناك مساندة شعبية لاستكمال ذلك الدور، الذي لا بد أن يشارك فيه الشباب".



المساهمون