لماذا يخافون الشعب؟

لماذا يخافون الشعب؟

19 اغسطس 2018
رفض المدافعون عن المساواة أن يبدي الشعب رأيه(ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -
يعود هذا السؤال كلما تعالت النخبة على الناس، أو قللت من احترامها لهم، واعتبرتهم قطيعاً غير مسؤول يمكن التلاعب به عبر أيّ كان. هذا ما حدث بالضبط على هامش النقاش الدائر في تونس حول تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، ودعوة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، إلى المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.

وبقطع النظر عن محتوى المقترح وأهداف كل معسكر من هذا الصراع، الذي يتجاوز المساواة وحقوق المرأة إلى مكاسب سياسية وإعادة توزيع الأوراق وترتيب التوازن الجديد، فإن ما رشح من مواقف بخصوص رأي الشعب التونسي كان مزعجاً للغاية وداعياً للاستغراب، إذ رفض المدافعون عن اللجنة والمساواة أن يبدي الشعب رأيه في القضية، وقدموا أعذاراً غريبة لإسقاط فكرة الاستفتاء، برغم أنها دستورية ونص عليها الدستور الذي يتشبثون به، من نوع أن التونسي ليس راشداً وأن الديمقراطية لم يشتد عودها بعد، وأن هناك نوعاً من الضبابية والتداخل في الخطاب، بحيث يمكن أن تؤثر في الناس وتأخذهم إلى حيث لا ينبغي‼

والغريب أنه لم يتم التوقف عند هذا التصنيف الخطير للشعب، الذي نستأمنه على اختيار قادة البلاد وبرلمانهم ورئيسهم وحكومتهم. أما إذا تعلق الأمر برأيهم في قضية كهذه فهم غير مؤهلين لإبداء الرأي. أليس هذا هو الشعب الذي ثار، وغيّر النظام وكتب الدستور وفرض التوازن في البلاد؟ أليس هو الذي أبدع ثورة سلمية وقف لها العالم، وثبت عليها يحميها وينميها ويدفع عنها المتآمرين؟ وأخيراً، أليس هو الشعب المعني بهذا المقترح في نهاية الأمر؟ فكيف نتعالى عليه بهذا الشكل ونحتقر إرادته ونقلل من قدرته على التمييز بين هذا الرأي وذاك والاختيار بين موقفين؟ الحقيقة أن أصحاب المقترح يسعون للمرور بقوة وفرض المسألة عنوة على التونسيين، مع أن دولاً أوروبية عريقة في الديمقراطية تعود في كل مرة إلى شعوبها، تسأل رأيها وتنتظر حسمها، وتنحني للإرادة الشعبية بدون أدنى تعليق. أليست الشعوب هي صاحبة السلطة الحقيقية ومالكة أمرها في نهاية المطاف أم أننا نخاف الشعب؟