إعمار سورية ونظامها

إعمار سورية ونظامها

18 اغسطس 2018
ربطت دول مشاركتها بإعادة الإعمار برحيل الأسد(محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -

قبل العام 2014 كانت المواقف السياسية للدول الغربية وللدول التي من الممكن أن تساهم في إعادة إعمار سورية، في مرحلة ما بعد إنتاج الحل السياسي، واضحة وصريحة حيال نظام بشار الأسد. وكانت هذه المواقف بالعموم تقوم على الرفض القاطع لأي دور لبشار الأسد ضمن أية عملية سياسية في سورية، فيما ذهبت معظم تلك الدول إلى رفض الاعتراف بنظام الأسد ككل، معتبرة أنه نظام فقد شرعيته. وكانت كل تلك الدول تربط مشاركتها بإعادة إعمار سورية بمواقفها السياسية المعلنة، أي برحيل بشار الأسد وقيام هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، من دون أن يكون له أي دور فيها، لتكون بداية لحل سياسي شامل يترافق مع إعادة إعمار ما دمرته الحرب.

إلا أن التطورات اللاحقة في سورية، وتدخل روسيا المباشر والعمل على حسم المعركة عسكرياً لصالح النظام ترافقت مع ظهور توافق روسي أميركي بما يخص شكل الحل السياسي في سورية، يقوم على إعطاء الضوء الأخضر لموسكو برسم شكل الحل السياسي مع مراعاة المصالح الأميركية ومصالح الدول المتدخلة في الشأن السوري، وفق الرؤية الروسية الأميركية، والتي أدت بالنتيجة إلى تمكين النظام من السيطرة ميدانياً على معظم مناطق المعارضة من خلال خدعة "مناطق خفض التصعيد"، ليتم الحديث، بالتزامن مع هذا التقدم الميداني للنظام، عن الواقعية السياسية والتعامل بسياسة الأمر الواقع التي قد تستدعي القبول ببشار الأسد ضمن المرحلة الانتقالية.

إلا أن هذا التغير في المواقف السياسية لم يرافقه تغير في الموقف من المساهمة في إعادة الإعمار، سوى من الدول التي تتبع قراراتها مباشرة للقرار الأميركي. فعلى سبيل المثال، لا تزال بريطانيا متمسكة بموقفها الرافض لأية مساهمة في إعادة الإعمار بوجود نظام بشار الأسد، وهي لا تزال، على الأقل ضمن تصريحات مسؤوليها، ترى فيه مجرم حرب ومسؤولا مباشرا عن الدمار الحاصل. فيما نجد أن أولى الدول التي قدمت أول مبلغ مالي لإعادة تأهيل منطقة في سورية هي السعودية، وبأمر مباشر من أميركا، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول إعادة الإعمار في المرحلة المقبلة والمساهمين فيها، وهل سيتمكن الروس من إقناع كل الدول التي رفضت المشاركة بالعودة عن قرارها واستخدام ملف إعادة الإعمار كورقة قوة على طريق إعادة تأهيل النظام؟