حكم اقتحام مجلس الأمة الكويتي: ضربة قانونية قاضية للمعارضة

حكم اقتحام مجلس الأمة الكويتي: ضربة قانونية قاضية للمعارضة

08 يوليو 2018
اتهم في القضية 70 شخصاً (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

فور صدور حكم سجن عشرات السياسيين والناشطين الكويتيين بقضية اقتحام مجلس الأمة الكويتي عام 2011، أجمعت ردود فعل مراقبين ومعارضين على اعتبار أن الحدث يشكل ضربة قانونية قاضية للمعارضة الكويتية عموماً.

وقضت محكمة التمييز في الكويت بحكمها النهائي في قضية دخول مجلس الأمة، التي اتهم فيها 70 شخصاً غالبهم من النشطاء السياسيين وأعضاء البرلمان السابقين والحاليين، بسجن 13 متهماً لمدة ثلاث سنوات.

كذلك قضت المحكمة بالامتناع عن النطق بعقاب أغلبيتهم، وبراءة عدد آخر من تهمة اقتحام مجلس الأمة وتخريب الممتلكات العامة إبان الاحتجاجات الشعبية ضد رئيس مجلس الوزراء عام 2011، لتطوى بذلك صفحة أكبر قضية سياسية عاشتها البلاد منذ الغزو العراقي عام 1990، لكنها فتحت أبواباً أخرى على الحكومة والحياة السياسية في الكويت. 

وحكمت المحكمة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر بحق كل من وليد الطبطبائي، خالد الطاحوس، جمعان الحربش، فيصل المسلم، مبارك الوعلان، سالم النملان، مسلم البراك وفهد الخنة، وهم نواب سابقون وحاليون، وكذلك بحق مشعل الذايدي، راشد العنزي، ناصر فراج المطيري، محمد الدوسري، عبد العزيز المنيس، من قادة المعارضة الشباب، وحبس عبد العزيز المطيري ومحمد البليهيس ونواف نهير مدة عامين مع الشغل. وقررت المحكمة الامتناع عن عقاب 31 متهماً، مع تغريمهم مبلغاً قدره ألف دينار كويتي (ما يعادل ثلاثة آلاف دولار أميركي) وبراءة 17 متهماً آخرين.

وكانت محكمة الاستئناف قد حكمت على جميع المتهمين الـ70 بالسجن مدداً تراوح بين السنة والتسع سنوات، لكن قرار محكمة التمييز ببراءة غالبية صغار السن من المتهمين، وتخفيف أحكام السجن على النواب لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر، يلغي أيّ إمكانية بالعفو، ويوضح أن السلطات ماضية في إيقاع العقوبات على المتهمين الذين أطاحوا رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح قبل سبعة أعوام.

ولم يعلق النواب الذين حكمت عليهم المحكمة بالسجن سوى بتعليقات مقتضبة، إذ قال النائب جمعان الحربش، عبر حسابه على موقع "تويتر": "الحمد لله على سلامة الشباب، يشهد الله ما أخطأنا بحق الكويت، واجتهدنا ألا يصيب رجال الأمن ولا الشباب مكروه، هذا حكم قاضي الأرض، والأهم عندنا هو حكم قاضي السماء".


من جهته، أوضح الخبير الدستوري وأستاذ القانون في جامعة الكويت إبراهيم الحمود، أن الحكم الذي جاء ضد النواب السابقين والحاليين بالسجن مدة ثلاث سنوات وستة أشهر، هو عقوبة جناية تمنع من حصل عليها من الترشح لانتخابات مجلس الأمة مستقبلاً، أي أن المستقبل السياسي لقادة المعارضة قد انتهى قانونياً.

ووفقاً للقانون، فإن الحكومة الكويتية ستعقد انتخابات تكميلية في الدائرتين الثانية والثالثة، لشغل مقعدي النائبين المحكومين بالسجن وليد الطبطبائي وجمعان الحربش، فيما سيكمل البرلمان انعقاده، وسط دعوات من قبل المعارضة لنوابها بالاستقالة.

وتبدو المعارضة الكويتية في الساعات الأولى على صدور الحكم تائهة، وهي تحاول استجماع قواها وترتيب صفوفها من جديد، لكن المعطيات الحالية، وخروج غالب الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن خارج البلاد قبل أيام من انعقاد المحكمة، تمكن القادة من التفكير بهدوء في المرحلة المقبلة التي ستكون حتماً خارج البرلمان، وستشهد عودة إلى الشارع من جديد.

وسيحاول مسلم البراك، زعيم المعارضة الذي كان قد أمضى سنتين في السجن بتهمة إهانة الأمير، والذي يعيش حالياً في تركيا، ترتيب حركته السياسية التي يسيطر عليها، "حشد"، ونقل صلاحيات قيادته إلى أعضاء أكثر شباباً، كما أنه سيحاول تشكيل لجان ضغط وتشكيلات معارضة في الخارج، برفقة عدد من الصحافيين والإعلاميين الكويتيين الذين يقيمون في تركيا وبريطانيا.

أما على صعيد النواب الإسلاميين، كالحربش، فإن الأمور تبدو أصعب بكثير، إذ على عكس البراك الذي لم يقيد بحركة سياسية ضخمة لها امتدادات خارجية وداخلية كالإخوان المسلمين، فإن الحربش أمام خيارين لا ثالث لهما، العودة للكويت وإكمال مدة الحكم، أو البقاء في الخارج والانضمام إلى البراك في معارضته مع الاستقالة من حركة "حدس"، الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت.

ولا تريد "حدس"، التي انضمت إلى الحراك الكويتي المعارض عام 2011، مزيداً من الخسائر، بعدما فقدت عدداً من الوزرات والإدارات والهيئات الحكومية عقاباً لها على المشاركة في الحراك المعارض، كما أن الحربش يعلم في قرارة نفسه أن سحب حركة كبيرة مثل "حدس" نحو خطوة يائسة، مثل تشكيل جبهة معارضة خارجية، يبدو أمراً صعباً.

واعتبر السياسي الكويتي عبد الرحمن العجمي في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن الحكومة انتصرت بضربة واحدة، وأن سيناريو الحكم لم يكن على بال أحد، حتى من المعارضة نفسها، إذ عاد الشباب الصغار في السن إلى أهاليهم بأحكام البراءة، أما المخططون الأساسيون للحراك المعارض، فتعرضوا لأحكام السجن جميعاً.

دلالات