القوة التي لا تؤسّس لحل

القوة التي لا تؤسّس لحل

07 يوليو 2018
مئات الآلاف من المدنيين هجّروا (فرانس برس)
+ الخط -
استطاع النظام من خلال روسيا فرض اتفاقية استسلام على فصائل المعارضة المسلحة في جنوب سورية، عبر استخدام القوة المفرطة على سكان تلك المنطقة من خلال الاستعانة بسلاح الجو الروسي الذي دمّر المدن وهجّر مئات الآلاف من المدنيين إلى البراري على الشريط الحدودي مع كل من الأردن والجولان المحتل. أجبر النظام المعارضة على القبول بشروط أقلّها تسليم مناطق سيطرتها للمحتل الروسي كمرحلة أولى، والقبول بانخراط عناصر تلك الفصائل ضمن الفيلق الخامس الذي هو عبارة عن تشكيل عسكري أسسته روسيا ويتبع مباشرة لقواتها في سورية. وبدأ النظام يروّج لهذه الاتفاقية التي فرضت بقوة المحتل على أنها استعادة للسيادة الوطنية على جزء من الأراضي السورية واستعادة لمواطنيها الذين كانوا "تحت سيطرة المجموعات الإرهابية" إلى حضن الوطن.

وقد سبق منطقة جنوب دمشق عدد كبير من المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، فتمت استعادتها بفرض اتفاق استسلام من خلال الاستعانة بقوة احتلال أجنبي، إما إيراني أو روسي. فبعض المناطق تم تخييرها بين الموت جوعاً أو الاستسلام والتهجير، كما حصل في داريا والمعضمية وجنوب دمشق والكثير من المناطق التي حوصرت بغرض فرض اتفاق استسلام عليها، وبعضها الآخر التي يصعب تجويعها بالحصار، تم تخييرها بين التدمير أو الاستسلام، كريف حمص الشمالي وغوطة دمشق الشرقية وتالياً جنوب سورية.

إنّ فرض اتفاقيات بالقوّة ربما يعطي انطباعاً بالانتصار لدى أنصار النظام فقط، ولكنه في حقيقة الأمر هزيمة كبرى له، لأنه لا يشكّل أرضية لتسوية أو حلّ مستدام قد يؤدي إلى صناعة حلّ سياسي حقيقي، كون القبول به قد جاء بالإكراه. وهو الأمر الذي سيبقي حالة الاحتقان الشعبي قائمة وفي حالة تصاعدية، كما سيبقي على كل المشاكل التي خلفتها الحرب من وجود ملايين اللاجئين في الخارج، والذين لا يثقون بالنظام ولا يقبلون بالعودة، بالإضافة إلى مئات المدن والبلدات المدمرة التي لا قدرة للنظام ولا لحلفائه على إعادة بنائها، فيما الدول القادرة على المساهمة في إعادة الإعمار تشترط عدم وجود نظام بشار الأسد كي تساهم فيه. ويجعل هذا الأمر من موضوع السيطرة العسكرية وفرض اتفاقيات بالقوة عبارة عن مسكّنات آنية لا ترقى إلى مستوى حلّ، كما يجعل تلك المناطق قابلة للخروج عن السيطرة في أي لحظة.