عودة إرهاب داعش في العراق: قتل وسرقة دماء وأموال

عودة إرهاب داعش في العراق: قتل وسرقة دماء وأموال

بغداد

علي الحسيني

avata
علي الحسيني
الأنبار

محمد علي

avata
محمد علي
30 يوليو 2018
+ الخط -

ترصد تقارير استخبارية عراقية في بغداد تصعيداً واضحاً في العمليات الإرهابية لتنظيم "داعش" في مدن شمال وغرب البلاد، ليس على مستوى المدنيين الرافضين له أو قوات الأمن فحسب، بل إنها وصلت إلى استهداف كل أشكال البنى التحتية في المناطق المحررة، مثل محطات الماء والكهرباء وأنابيب الغاز والنفط والحقول النفطية، وحتى صهاريج نقلها، بالإضافة إلى تهديد الشركات المحلية الراغبة بالعمل في تلك المناطق.

وتتخذ عمليات "داعش" أسلوبا تصفه قيادات عراقية عسكرية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، بـ"العصاباتية"، بمعنى أنها تضرب وتهرب، وهي تتخذ من مناطق صحراوية مقرات لها، أو تتخفى خلال تنفيذ هجماتها تحت عناوين عدة وأسماء مختلفة. وعلى الرغم من التعاون الواضح والكبير بين سكان المدن المحررة وقوات الأمن للخلاص من بقايا "داعش"، إلا أن التنظيم ما زال فاعلاً بشكل واضح، إذ قام عناصر من التنظيم، الأسبوع الماضي، بقتل رجل وثلاثة من أولاده بعد اقتحامهم لمنزله في بلدة جنوب غرب كركوك، وتركوا فقط زوجته وابنته بعد سرقة ممتلكاتهم وسيارتهم، وذلك بعد يوم من هجوم مماثل على سيارة تقل عدداً من الرجال ينتمون إلى قبيلة شمر قرب الموصل، وتصفيتهم جميعاً.

ووفقاً لمسؤول عراقي بارز في وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الداخلية، تحدث لـ"العربي الجديد" من مكتبه في بغداد، فإن "إرهابيي داعش شنوا أكثر من 30 هجوماً خلال أقل من أربعة أسابيع في مدن شمال وغرب العراق، طاولت مدنيين، وغالبيتهم قبليون تم اعتبارهم كفرة ومرتدين بسبب تعاونهم مع قوات الأمن". وأضاف "جرى قتلهم وسرقة أموالهم. إن التنظيم لم يعد مجرد تنظيم إرهابي للقتل بل تحول إلى عصابة للسرقة في العراق"، لافتاً إلى أن "نحو 20 هجوماً آخر استهدف بنى تحتية في مناطق مختلفة، كما أن هناك 7 بلاغات من شركات قالت إنها تعرضت للتهديد من إرهابيين بقتلهم إذا عادوا للعمل، وآخرين قالوا إنهم تعرضوا للابتزاز، وطلب مجهولون منهم المال لقاء السماح لهم بالعمل في مناطق محررة".

وقالت حربية خالد الجبوري (59 سنة)، لـ"العربي الجديد"، إن مسلحي "داعش" قتلوا زوجها وأبناءها الثلاثة أمام عينها. وأضافت "اقتحموا المنزل ليلاً، وكانوا يرتدون ملابس الجيش العراقي ووضعوا أولادي أحمد وسعد ووليد مع والدهم عبد الله في غرفة، وأنا وابنتي في غرفة أخرى. لقد تحدثوا معهم لدقائق، فيما كنت أتوسل لهم من خلف الباب وهو يصرخون عليهم كفرة مرتدون قبل أن يخرجوهم إلى حديقة المنزل ويطلقوا النار عليهم". وأكدت "سرقتهم كل ما هو ثمين من المنزل". وتابعت "كل ذنبهم أنهم رحبوا باستعادة الحكومة السيطرة على القرية ووزعوا على الجنود الماء البارد". وفي بلدة حصيبة الغربية التابعة لقضاء القائم غرب محافظة الأنبار، وعلى مقربة من الأراضي السورية، أكد مواطنون أن "عناصر داعش يخرجون ليلاً على الطريق لقتل من يجدونه". وقال أحمد الدليمي (34 سنة)، لـ"العربي الجديد"، إن "عناصر داعش فقدوا عقلهم، وباتوا يقتلون حتى الكلاب والقطط إذا صادفتهم خلال خروجهم ليلاً قبل العودة إلى الصحراء. نعتقد أن لديهم أنفاقا كبيرة تحت الأرض يتخفون فيها".



وقال المقدم في شرطة كركوك، حميد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تنظيم داعش ما زال يمتلك جيوباً ومضافات يستغلها بين فترة وأخرى لاستهداف مناطق محددة في كركوك وديالى ضمن القاطع الشمالي للعراق"، مبيناً أنّ "التنظيم بات يستهدف البنى التحتية للمناطق المحررة انطلاقاً من تلك الجيوب". وأضاف أنّ "غالبية هجمات التنظيم الأخيرة، نفذت في جنوب غربي كركوك. ففي الأسبوعين الماضيين، حاول التنظيم استهداف مشروع ماء ناحية العباسي بقضاء الحويجة، بعدد من العبوات، تلاها تفجيرات طاولت، لثلاث مرات، أبراج نقل الطاقة الكهربائية، ما تسبب بانقطاع الكهرباء عن الحويجة ومناطق بلد وسامراء وشمال صلاح الدين". وتابع: "آخر تلك الهجمات استهداف داعش لنقطة حماية شركة محلية تعمل لصالح شركة نفط الشمال في بلدة الدبس، وقتل أربعة منهم"، مؤكداً أنّ "التنظيم يسعى من خلال هذه الهجمات إلى ضرب البنى التحتية للمناطق المحررة للانتقام من أهلها وإعادة تهجيرهم".

وخصصت شركات الكهرباء فريقاً خاصاً للعمل على إعادة إصلاح الأضرار التي تلحق بهذا القطاع الحيوي بسبب استهدافه من قبل التنظيم. وقال المهندس في شركة الكهرباء الوطنية الشمالية، قاسم أمين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تنظيم داعش بات يركز على تفجير الخطوط الخارجية ذات الأبراج الكبيرة. وخلال هذا الشهر فجّر التنظيم الإرهابي ثلاث مرات خط كركوك ــ الحويجة، الذي ينقل الطاقة الكهربائية من محطات تازة الغازية التي تقع جنوب كركوك. لقد استخدم التنظيم متفجرات شديدة التأثير، إذ نسفت قواعد الأبراج بشكل كامل على الرغم من شدة ومتانة بناء القواعد الكونكريتية للأبراج الكهربائية". وأشار إلى أنّ "فريقاً فنياً من كهرباء الشمال يعمل على إعادة الخطوط التي يستهدفها التنظيم، وقد أعاد قبل أسبوع خط كركوك ــ الحويجة إلى العمل. كما أنه يعمل أيضاً على إعادة عمل الأبراج العملاقة الناقلة للطاقة إلى الحويجة وسامراء وبلد وأجزاء من شمال محافظة بغداد، والتي يحتاج إصلاحها إلى أيام".

ولم تستطع القوات العراقية حتى اليوم القضاء على جيوب ومخابئ "داعش" التي تمنحه القدرة على التحرك وتنفيذ هجماته. وقال محافظ كركوك، راكان الجبوري، إنّ "القوات العراقية حققت نجاحات في المحافظة، وتمكنت من طرد مسلحي داعش من العديد من المناطق"، مشيراً، في تصريحات صحافية، إلى أنّه "رغم هذه النجاحات العسكرية إلا أنّ القوات العراقية لم تصل بعد إلى العديد من المخابئ والنقاط التي يسيطر عليها التنظيم في كركوك لتطهيرها". يشار إلى أنّ المناطق المحررة في العراق لم تشهد حتى الآن استقراراً كاملا، فبين استهدافها من قبل بقايا التنظيم ونقص الخدمات يعاني أهلها الكثير. وكشف مسؤولون عسكريون عراقيون، في أحاديث متطابقة مع "العربي الجديد"، أن التنظيم يسعى لحرب استنزاف طويلة، وهو ما يمكن اعتباره تحدياً جديداً أمام العراقيين. وقال جنرال عراقي بارز في قيادة العمليات المشتركة، لـ"العربي الجديد"، إن "أعداد التنظيم حالياً في العراق، وفي أفضل الأحوال، لا تتجاوز 500 عنصر ناشط وخامل، لذا فإن وصفهم ببقايا داعش صحيح مقارنة بعددهم في العام 2015 إذ كانوا أكثر من 20 ألفاً". وأضاف "محاولة هادي العامري وقيادات أخرى بالحشد الحديث عن انهم بالآلاف غير صحيحة نهائياً، وهي مناكفة سياسية مع رئيس الوزراء حيدر العبادي". وتابع "داعش الآن يركز على الجيش العراقي بالدرجة الأولى، وأعتقد أن بقاء ورقة الحشد يعطيه غطاء طائفياً لمواصلة جرائمه في العراق"، مؤكداً "مقتل ما لا يقل عن 40 إرهابياً خلال الأسابيع الماضية بمواجهات مع القوات العراقية شمال وغرب البلاد"، معتبراً أن "استمرارية العمليات الاستباقية ضد خلايا وجيوب داعش هي الاستراتيجية الحالية الناجحة لبغداد".

وقال عضو تحالف القرار العراقي، عماد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة مسؤولة عن وضع سياسة واضحة المعالم لتحركاتها على كافة المستويات، ومنها التحركات الأمنية"، مبيناً أنّ "عدم وضوح الرؤيا بشأن مطاردة جيوب داعش والقضاء عليها يقلق العراقيين، وقد كلفهم الكثير". ودعا الحكومة إلى "تحديد سقف زمني واضح ومحدد لإنهاء هذا الملف، وعدم تركه مفتوحاً من دون خطة واضحة أو زمن محدد"، مبيناً أنّه "من غير المعقول أن تكون القوات العراقية قادرة على تحرير البلاد في وقت لا تستطيع فيه تحديد فترة زمنية للقضاء على بقايا التنظيم". وأوضح الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، اللواء المتقاعد حميد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، أن "الصفحة الحالية من عمليات داعش يمكن اعتبارها الأخيرة لعدة أسباب، بينها أن ماكينة التجنيد لدى داعش مشلولة تماماً ولم يعد خطابه يؤثر بأحد، لذا فإنه لن يكون من السهولة تعويض من يقتل من أفراده. والسبب الثاني أنهم محاصرون في مناطق ضيقة والقوات العراقية مستمرة في عمليات التمشيط اليومية. وكما أنهم يستنزفون العراقيين بشكل مستمر، فإن القوات العراقية تستنزفهم أيضاً، لذا أعتقد أن الموضوع مسألة وقت، هذا في حال توقفت الحكومة عن سياسة الإقصاء والتمييز الطائفي وكل مسببات نشوء التطرف بالعراق"، وفقاً لقوله.

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.
الصورة

سياسة

يخشى بعض المرشحين للانتخابات المحلية في العاصمة بغداد، من أن يكون تسلسل أحدهم بالرقم 56، الذي يُطلق على المحتالين والنصابين في الشارع العراقي، وقد جاء نسبة إلى مادة قانونية في القانون العراقي، تخص جرائم النصب والاحتيال