ضوء عربي أخضر

ضوء عربي أخضر

28 يوليو 2018
اقتحمت قوات الاحتلال باحات المسجد الأقصى (مصطفى الخاروف/الأناضول)
+ الخط -
لا يمكن قراءة ردود الفعل العربية (هذا إذا سمّينا البيانات وقرارات الشجب فعلاً)، ومثلها الرد الفلسطيني على إقرار قانون القومية اليهودي، الذي يعلن القدس الكاملة والموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل، وينسف حق تقرير المصير الفلسطيني كلياً، إلا كضوء أخضر عربي وفلسطيني لحكومة الاحتلال بمواصلة غيّها في الاستيطان وفي جرائمها في غزة، من الحصار والتجويع وحتى القتل دون أن تخشى رداً عربياً واحداً.
الضوء الأخضر الممنوح للاحتلال في القطاع، هو نفسه الذي أتاح لرئيس حكومة الاحتلال، مطلع الشهر الحالي، السماح لوزراء ونواب الكنيست بالعودة لاقتحام المسجد الأقصى، ضارباً بعرض الحائط كل ما قيل عن تفاهمات أردنية إسرائيلية بشأن مكانة خاصة للأردن في المسجد الأقصى وباقي المقدسات في القدس، وكأن "المكانة الخاصة" بديل عن التحرير.
وأمس كررت قوات الاحتلال اقتحام المسجد الأقصى المبارك، من باب المغاربة، وكررت الاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى، فيما يتواصل السبات العربي والفلسطيني العاجز عن صدّ ممارسات الاحتلال، حتى بعد نسف أي أسس لعملية سلام أو تسوية سياسية بين الاحتلال وبين الشعب الفلسطيني.
هذا السبات العربي، والسكوت عن جرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية والقدس، هو نفس السبات العربي ونفس السكوت الذي تنضم إليه هنا أيضاً السلطة الفلسطينية على جرائم النظام السوري بحق الشعب السوري، ومواصلة القتل والقصف للمدنيين في جيوب المعارضة المتبقية، ولكن ليس قبل التنسيق مع دولة الاحتلال، بوساطة روسية. وهو تنسيق بات علنياً لا يخفيه حتى رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو المفاخر أخيراً بأنه "لا مشكلة لنا مع الأسد ولم تكن لنا يوما مشكلة مع نظام الأسد".
ويبدو من متابعة ما يحدث إسرائيلياً، أن الاحتلال سيستنزف قوة حماس، وبنيتها التحتية في عمليات محدودة كماً ونوعاً، بانتظار اللحظة المناسبة، وهي اللحظة التي يحددها الجيش بالانتهاء من بناء الجدار العازل الواقي من الأنفاق الهجومية لحركة حماس، والمتوقع إنهاؤه في العام المقبل.
حتى ذلك الوقت ستعيش غزة على وقع تصعيد محدود ومحاولات متكررة لتثبيت اتفاقيات وقف إطلاق نار، تتيح للاحتلال مواصلة استعداداته، ومواصلة خنق قطاع غزة والضغط على المقاومة، أملاً منه بابتزازها وإخضاعها لشروطه لأنه لا يملك حالياً خياراً، فيما لا تملك غزة والشعب الفلسطيني كله خياراً سوى المقاومة والصمود.