مشروع "إقليم البصرة" يعود مجدداً على وقع احتجاجات الجنوب

تجدد التظاهرات في بغداد والجنوب... ومشروع "إقليم البصرة" يعود على وقع الاحتجاجات

22 يوليو 2018
انتشار أمني مكثف رافق التظاهرات (الأناضول)
+ الخط -
شهدت العاصمة بغداد وعدة مدن عراقية في جنوب البلاد، مساء اليوم الأحد، تظاهرات قرب مبان حكومية وساحات عامة على نحو أقل مما شهدته المدن نفسها في اليومين الماضيين، وسط انتشار عسكري وأمني واسع من قبل قوات عراقية، غالبيتها تم استقدامها من بغداد لمدن جنوب العراق، في الوقت الذي ذكرت فيه "إذاعة المربد"، التي تبث من البصرة، أن اجتماعًا مغلقًا لمجلس المحافظة، بحضور المحافظ أسعد العيداني، شهد طرح مشروع "إقليم البصرة" مجددًا.

وخرج العشرات من أهالي بغداد بتظاهرة حاشدة، مساء اليوم، في ساحة التحرير، وسط العاصمة، بينما طوقت القوات الأمنية المئات من متظاهري محافظة الناصرية لمنعهم من الاقتراب من مبنى المحافظة.

وقال الناشط سالم الربيعي، أحد المشاركين في تظاهرات بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العشرات من أهالي بغداد احتجوا، اليوم، في هذه التظاهرة على سوء الخدمات، وعلى عجز الحكومة عن محاسبة الفاسدين وسرّاق المال العام"، مبينًا أنّ "المتظاهرين وصلوا إلى الساحة واجتازوا العقبات والحواجز الأمنية التي وضعت في الشوارع".

وأشار إلى أنّ "المتظاهرين رددوا هتافات احتجاجية ضد تجاهل الحكومة لمطالبهم المشروعة"، مؤكدًا أنّ "القوات الأمنية تحيط بالمتظاهرين من جميع الجوانب، وتسعى لمنعهم من التقدم باتجاه المنطقة الخضراء، وقد قطعت الطرق المؤدية الى جسر الجمهورية المؤدي إلى الساحة الخضراء".


في غضون ذلك، خرج المئات من أهالي محافظة الناصرية بتظاهرات حاشدة في ساحة الحبوبي، وسط المدينة، وقال ناشط في تظاهرات المحافظة لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات الأمنية انتشرت بكثافة حول المتظاهرين، ومنعتهم من التقدم وفرضت طوقًا أمنيًا عليهم".

وأكد أنّ "المتظاهرين رفعوا مطالب بمحاسبة الفاسدين والمقصرين في مؤسسات الدولة، وإقالة محافظ الناصرية ورئيس حكومتها المحلية، وحل مجالسها البلدية"، مبينًا أنّ "القوات الأمنية في حالة تأهب، ومن المحتمل حدوث صدامات مع المتظاهرين الغاضبين".

وكانت تنسيقيات تظاهرات محافظات جنوب العراق قد اتفقت على الخروج بتظاهرات موحدة في عموم المحافظات مساء اليوم، مؤكدة عدم ثقتها بوعود رئيس الحكومة حيدر العبادي.

وفي الجنوب، تتركز التظاهرات في هذه الأثناء، وفقًا لمصادر محلية، بمحافظات ذي قار والنجف والبصرة وميسان والمثنى، وبلدات أخرى من جنوب البلاد، دون أن تشهد أي صدام مع قوات الأمن، أو احتكاك مع المتظاهرين، باستثناء اعتقال عدد من المواطنين في البصرة بعد أن رددوا شعارات اعتبرتها الشرطة "محرضة على العنف".

وقال ناشط مدني في محافظة ذي قار لـ"العربي الجديد"، إنه تم تأجيل تشييع عدد من قتلى تظاهرات الجمعة إلى يوم غد، الإثنين، بسبب إجراءات الطب العدلي، وعددهم ثلاثة، لافتًا إلى أن شيوخ عشائر سيشاركون في التشييع المتوقع يوم الإثنين.

في هذه الأثناء، أعلن المتحدث باسم الحكومة، سعد الحديثي، في تصريح صحافي، أن طلبات المتظاهرين دخلت حيز التنفيذ، بقوله إن "العديد من طلبات المتظاهرين تم تحويل تنفيذها إلى واقع ملوس ولم تعد مجرد وعود".


وأضاف الحديثي أن "التشريعات العراقية منحت الحكومة صلاحيات واسعة واستثناءات بخصوص إدارة الملف المالي". وأشار إلى أن "المطالب لا تخص الجانب التنفيذي، فقسم منها يحتاج إلى مداخلة تشريعية من مجلس النواب".

في السياق، ذكرت "إذاعة المربد" شبه الرسمية في البصرة أن 15 نائبًا في مجلس المحافظة (الحكومة المحلية) قدموا طلبًا إلى رئاسة المجلس، يحمل تواقيع على مشروع قانون تحويل البصرة إلى إقليم إداري.

ويمنح الدستور العراقي حرية للمحافظات، أو لعدة محافظات، بتقديم طلب للانتقال إلى إقليم بعد إجراء استفتاء شعبي من قبل مفوضية الانتخابات، ويجب أن يحظى بموافقة أكثر من نصف المواطنين في تلك المحافظة، ليكون الإقليم إداريًا على غرار إقليم كردستان العراق.

ووفقا للإذاعة التي أوردت الخبر، عصر السبت، فإن المشروع قد طرح خلال الاجتماع المغلق الجاري لبحث تطورات الأوضاع بالبصرة ومطالب المتظاهرين.

على الصعيد نفسه، أعلنت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، اليوم الأحد، مقتل وإصابة 742 متظاهرًا خلال صدامات مع القوات الأمنية، بينما أكد ناشطون أنّ التظاهرات ستستمر وأنّ القمع الحكومي "لا يسكت صوت الشعب".

وقالت المفوضية، في بيان لها، إنّ "عدد المتوفين منذ انطلاق التظاهرات وحتى اليوم بلغ 13 شخصًا، بينما بلغ عدد الجرحى 729، بينهم 460 عنصرًا أمنيًا".

وأضافت أنّ "القوات الأمنية اعتقلت 757 متظاهرًا، أطلق سراح أغلبهم خلال اليومين الماضيين"، مشيرة إلى "إلحاق أضرار في 91 مبنى حكوميًا وسكنًا وسيارات، خلال التظاهرات".

وما زالت التظاهرات الاحتجاجية ضدّ سوء الخدمات مستمرة في المحافظات الجنوبية، واتسعت رقعتها لتصل إلى بغداد، بينما تسعى الحكومة لاحتوائها من خلال تقديم بعض المبادرات من جانب، وتعزيز قواتها الأمنية من جانب آخر.

من جهته، عدّ عضو تنسيقية تظاهرات محافظة ذي قار، عادل اللامي، هذه الخسائر "مثلبة جديدة على الحكومة التي تسعى لقمع الشعب"، مبينًا أنّ "الحكومة بدل أن تستجيب لطلبات المتظاهرين المشروعة، راحت تقمعهم بالقوة، حتى أسقطت عشرات القتلى والجرحى".

وأكد أنّ "هذا القمع الحكومي لن يمنعنا من التظاهر، بل سيزيدنا إصرارًا على التمسك بحقوقنا المشروعة، وسنواصل التظاهرات حتى تتم الاستجابة لمطالبنا"، مشيرًا إلى أنّ "تنسيقيات المحافظات الجنوبية وبغداد، بدأت بتنسيق التظاهرات للخروج بتظاهرات موحدة في عموم البلاد، لنثبت للحكومة وللعالم أن صوت الشعب لا يقمع".

ودعا الحكومة إلى "تعويض المتضررين من المتظاهرين، من القتلى والجرحى، فضلًا عن الاستجابة للمطالب المشروعة".

وكانت الحكومة العراقية قد دفعت بتعزيزات عسكرية إضافية إلى محافظات جنوب العراق، ومنها البصرة وذي قار وميسان، في محاولة للحد من اتساع التظاهرات، في وقت تثار فيه مخاوف من تجدّد الصدامات بين المتظاهرين وتلك القوات.

المساهمون