"شروط مستفزة" تُفشل "مفاوضات الكهرباء" بين العراق وإيران

"شروط مستفزة" تُفشل "مفاوضات الكهرباء" بين العراق وإيران

17 يوليو 2018
يزيد انقطاع الكهرباء من تفاقم الأزمة الداخلية(ديميتار ديلكوف/فرانس برس)
+ الخط -
لم تنجح المفاوضات العراقية الإيرانية على مدى أسبوع في التوصل لاتفاق بشأن إعادة طهران تزويد بغداد بالطاقة الكهربائية، فيما كشف مسؤول عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن مسؤولاً إيرانياً طرح خلال المفاوضات بين وفد هندسي عراقي من وزارة الكهرباء، والمسؤولين الإيرانيين، "شرطاً مستفزاً" هو رفع العلم الإيراني فوق محطات الكهرباء التحويلية العراقية التي تستقبل الكهرباء الإيرانية وتحوّلها للشبكة الوطنية، وكذلك على محطات الطاقة التي تستقبل الغاز الإيراني لتشغيلها، وعددها 4 محطات، وهو ما رفضه الجانب العراقي واعتبره "مسألة سيادية لا يمكن القبول بها". وترافق إعلان فشل المفاوضات، أمس، مع بيان للحكومة العراقية، قالت فيه إن رئيس الوزراء حيدر العبادي أوفد وزير الكهرباء قاسم الفهداوي إلى السعودية بشكل عاجل لتوقيع اتفاق في مجال الطاقة.

وأدى إيقاف إيران لخطوط الكهرباء التي تُصدّر يومياً من خلالها أكثر من 1300 ميغاواط للعراق، إلى نقص كبير في الطاقة الكهربائية. ويُعدّ إيقاف إيران الكهرباء المصدّرة للعراق، الثاني من نوعه خلال أقل من عامين، إذ أوقفته مطلع عام 2017 بسبب تراكم الديون على العراق والتي بلغت أكثر من مليار دولار، قام العراق فيما بعد بتسديد جزء منه. وانتقد البرلمان العراقي حينها إهدار مبالغ كبيرة على استيراد الكهرباء، في الوقت الذي من الممكن أن تبني تلك المبالغ محطات توليد كبيرة لا تستغرق أكثر من عام واحد لإنجازها.
وإضافة إلى خطوط الكهرباء، فإن حكومة نوري المالكي السابقة رهنت عدداً من محطات الكهرباء الحالية بالغاز الإيراني الذي يستورده العراق منها، على الرغم من وجود غاز البصرة وكركوك، وبدأت وزارة النفط بتصدير كميات منه إلى خارج البلاد وتحديداً إلى الأسواق الأوروبية.

وأعلن وزير الكهرباء العراقي قاسم الفهداوي، في بيان له أمس الإثنين، عن إخفاق الوفد العراقي إلى طهران في إقناع الجانب الإيراني بالاستمرار بتزويد العراق بالطاقة الكهربائية عن طريق خطوط الاستيراد. وقال الفهداوي إن الوزارة وضعت خطة بديلة عن استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، بعدما أعلن الجانب الإيراني عدم تمكنه من إعادة خطوط الاستيراد الأربعة إلى الخدمة من جديد.
في المقابل، قال مسؤول عراقي في حكومة حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن المباحثات مع الجانب الإيراني تركزت حول إعادة خطوط الكهرباء للعمل ودفع قيمتها الشهرية، فيما اشترطت إيران أن يكون الدفع بالدولار لها وليس بعملتها المحلية أو العراقية، فضلاً عن مبادرة أحد المسؤولين الإيرانيين لوضع شرط آخر وهو رفع العلم الإيراني. ولفت المسؤول العراقي إلى أن وفد بلاده اعتبر الموضوع "غير منطقي ورفضه، على الرغم من أنه خارج صلاحيته وكان عليه استشارة الحكومة أولاً كونه موضوعاً سيادياً"، قبل أن يكشف أن موقف الحكومة العراقية جاء مؤيداً لما ذهب إليه الوفد، أي رفض شرط رفع العلم الإيراني. كذلك أوضح المسؤول أن مسألة تعامل العراق مع إيران بالدولار بشكل رسمي "عليها تحفّظات أميركية كبيرة الآن".

وبالتزامن مع بيان وزير الكهرباء، أصدر مكتب العبادي بياناً قال فيه إن رئيس الحكومة "كلّف وزير الكهرباء والكادر المتقدّم بالوزارة بالتوجه فوراً إلى السعودية هذا الأسبوع لتوقيع مذكرة تعاون في مجال الطاقة". وكشفت مصادر في الحكومة العراقية لـ"العربي الجديد"، أن "قرار توجه الفهداوي إلى السعودية جاء عقب اتصال هاتفي بين شخصية سعودية بارزة ورئيس الوزراء، أعربت فيه عن استعداد الرياض للمساعدة في حل مشكلة الطاقة"، ليأتي إيفاد الوزير العراقي على هذا الأساس.


وتُعتبر محافظات ديالى والبصرة وبغداد أكثر مناطق العراق تأثراً بتوقف تلك الخطوط الكهربائية. ويواجه العراق أزمة كبيرة جداً على مستوى توفير الطاقة الكهربائية لمواطنيه، بالتزامن مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة بلغت مستويات قياسية جنوب البلاد وتجاوزت الـ56 درجة مئوية، وهو ما اعتُبر أحد الأسباب الرئيسية في اندلاع الاحتجاجات جنوبي العراق. وقال العبادي، أثناء الزيارة إلى محافظة ديالى الأسبوع الماضي، إن سبب قطع الكهرباء من إيران هو لنقص حاصل لديها. ووعد بأن تنتهي الأزمة قريباً، في ظلّ محادثات مستمرّة مع الجهة الإيرانيّة لإعادة الخطوط إلى الخدمة.

وحول ذلك، قال النائب العراقي المنتهية ولايته، عبد الكريم عبطان، إنه "لو كانت الكهرباء بلا مقابل مالي فسنضع علمين بدل واحد، لكن نحن ندفع مبالغ مالية كبيرة، ونحن نعلم أن القطع حدث بسبب تلكؤ الحكومة العراقية بدفع الأموال لإيران وليس لنقص طاقة لديها". وتابع عبطان "حتى الغاز نأخذه من أموالنا وليس منّة من إيران حتى نضع علمها، وهذا مطلب لا يمكن لعراقي أن يقبل به"، مضيفاً "أعتقد انه لو صحت هذه المعلومة فهي لن تمر ولن يوافق العراق عليها، لأن ذلك يمس سيادة البلد، فلا يجوز رفع علم غير العلم العراقي داخل العراق".

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية، خالد الجنابي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه لا يستغرب هذا الشرط الإيراني "بعدما أصبح تدخّل طهران واضحاً في العراق، فالعلم الإيراني رُفع وسط العاصمة بغداد قبل فترة من قبل مليشيات حزب الله". وأضاف أن "هذه ليست المرة الأولى التي تقطع إيران فيها إمدادات الكهرباء عن العراق، فقد حصل ذلك أوائل عام 2017 بسبب تراكم أكثر من ملياري دولار كديون مستحقّة لإيران، وقام العراق بتقسيط الديون ضمن اتفاقيّة إعادة إمدادات الكهرباء، كما أنّ تراكم الديون في يوليو/تموز 2016 أدّى إلى قطع الكهرباء عن العراق لمدة شهرين ولم تتمّ إعادة إيصالها إلا بعد قيام العراق بدفع قسم من الديون".

المساهمون