النظام السوري يتوغّل في الجنوب... والملف على طاولة نتنياهو-بوتين

النظام السوري يتوغّل في الجنوب... والملف على طاولة نتنياهو-بوتين

11 يوليو 2018
يراقب الاحتلال التطورات مقابل الجولان (جلاء مرعي/فرانس برس)
+ الخط -
تواصل قوات النظام السوري إحكام قبضتها على الجنوب السوري، متجاوزة في ذلك الاتفاق بين الروس والمعارضة السورية الذي عُقد قبل أيام وينص على عدم دخول النظام مناطق تحت سيطرة المعارضة، وعدم الاستفراد بمعبر نصيب الحدودي، وهو ما دفع المعارضة للقول إن روسيا "ليست ضامناً"، في ظل حصار على جيب للمعارضة داخل مدينة درعا. يأتي ذلك في وقت من المنتظر أن يكون مصير الجنوب السوري في صلب مباحثات يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، واستبقت تل أبيب اللقاء بتوجيه تهديد جديد لقوات النظام، دافعة بتعزيزات عسكرية إلى حدودها الشمالية، مع تصاعد القلق الإسرائيلي من اقتراب إيراني يتخفى بلباس قوات النظام من هذه الحدود.

وقالت وسائل إعلام تابعة للنظام إن قوات الأخير وسّعت نطاق سيطرتها في ريف درعا الغربي وانتشرت على كامل حدود درعا مع الأردن، مشيرة إلى أن هذه القوات وصلت للمرة الأولى منذ نحو 5 سنوات إلى تماس مع تنظيم "داعش" في منطقة حوض اليرموك. ونقلت عن مصادر في قوات النظام أن هذه القوات بسطت سيطرتها على 27 نقطة من المخافر الحدودية مع الأردن ضمن الحدود الإدارية لمدينة درعا، ابتداءً من النقطة 62 إلى النقطة 36، فيما ذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام، أن قوات النظام انتشرت في قرية زيزون وبلدة تل شهاب أقصى جنوب غربي مدينة درعا بالقرب من الحدود الأردنية.

وقال إبراهيم الجباوي، وهو قيادي في الجيش السوري الحر جنوب سورية، إن النظام "خرق كل الاتفاقيات"، مشيراً إلى أن "روسيا ليست ضامناً"، مؤكداً أنه "لا جديد" على صعيد نقل آلاف المدنيين والمقاتلين الرافضين اتفاق المعارضة مع الجانب الروسي إلى الشمال، مضيفاً: إنهم ينتظرون الفرج. وكان من المقرر نقل نحو 6 آلاف من الجنوب السوري إلى الشمال، إلا أن الروس ماطلوا بالأمر، كما أن عدداً ممن سجلوا أسماءهم للتهجير باتوا محاصرين داخل جيب لا يزال تحت سيطرة المعارضة في مدينة درعا من قِبل قوات النظام.

وفي السياق، نشرت وسائل إعلام روسية شريط فيديو يظهر كميات أسلحة كبيرة سلّمتها المعارضة السورية للروس، تشمل صواريخ مضادة للدروع، و10 قواعد لصواريخ تاو، وعدداً من الدبابات والمدرعات والآليات العسكرية، وكميات من قاذفات "آر بي جي" والرشاشات الثقيلة والمتوسطة، والمدافع، وقاذفات الهاون، ومعدات ولوازم طبية.

في غضون ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تواصل حركة النزوح من حوض اليرموك في القطاع الغربي من ريف درعا، والذي يقع تحت سيطرة "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم "داعش"، نحو مناطق أخرى من الجنوب السوري، مشيراً إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين نزحوا خلال الـ24 ساعة الماضية إلى أكثر من 10 آلاف، من مناطق سيطرة "جيش خالد" والتي تضم نحو 16 قرية وبلدة، أبرزها سحم الجولان وبيت آرة وكويا ومعربة ونافعة والشجرة وجملة وجلين وعدوان والشبرق وتسيل وعين ذكر. وأوضح المرصد أن المدنيين ينزحون نحو مناطق على الحدود مع الجولان السوري المحتل ومناطق أخرى من ريفي درعا والقنيطرة، وذلك خوفاً من بدء عملية عسكرية ضد مناطق سيطرة "جيش خالد" والتي تشمل نحو 250 كيلومتراً مربعاً بنسبة 6.6 في المائة من مساحة محافظة درعا. وأشار إلى أن النازحين يعانون من أوضاع إنسانية مأساوية، مع انعدام المساعدات الغذائية والدوائية والنقص الحاد في المأوى والسكن وحتى الخيم.

ومن المتوقع أن تبدأ قوات النظام عملية عسكرية ضد تنظيم "داعش" بعد السيطرة الكاملة على ريف درعا الغربي، ومناطق في ريف القنيطرة يسيطر عليها الجيش السوري الحر، لم تدخل في الاتفاق الأخير الذي أبرمته المعارضة السورية في ريف درعا الشرقي مع الجانب الروسي. وظهر ما يُسمّى بـ"جيش خالد بن الوليد" في جنوب سورية في مايو/أيار من عام 2016، بعد اندماج فصائل متشددة في تشكيل واحد، أبرزها "لواء شهداء اليرموك". كما يضم هذا الجيش كلاً من حركة "المثنى الإسلامية"، وهي جماعة إسلامية سلفية، تشكلت عام 2012، و"جيش الجهاد" الذي ضم فصائل منشقة عن "جبهة النصرة" في جنوب سورية.


في موازاة ذلك، لا يزال القلق الإسرائيلي يتصاعد من تطورات الجنوب السوري، وهو ما سيكون الحاضر الأبرز في زيارة نتنياهو إلى العاصمة الروسية موسكو، في ظل تهديد واضح من قبل الجيش الإسرائيلي لقوات النظام في حال تجاوزها اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في عام 1974.
ومن المنتظر أن يبحث بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم الأربعاء الوضع النهائي للجنوب السوري، في ظل تهديد الجيش الإسرائيلي بدخول المنطقة الفاصلة على الحدود السورية إذا ما ازداد ضغط النازحين السوريين على الحدود السورية - الإسرائيلية. وهذه هي الزيارة الثالثة لنتنياهو إلى موسكو هذا العام، وعادة ما يكون الملف السوري في صلب المباحثات مع المسؤولين الروس.

وأطلق وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان خلال زيارته منطقة الجولان السوري المحتل، أمس الثلاثاء، تهديدات جديدة إلى قوات النظام، محذراً من أن "كل جندي سوري يوجد في المنطقة العازلة يعرض حياته للخطر". ولدى سؤاله من قبل أحد الصحافيين عما إذا كان سيأتي وقت تتم فيه إعادة فتح معبر القنيطرة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسورية وما إذا كان من الممكن أن تقيم إسرائيل وسورية "نوعاً من العلاقة" بينهما، قال ليبرمان "أعتقد أننا بعيدون كثيراً من تحقيق ذلك، لكننا لا نستبعد أي شيء".
وأكدت وسائل إعلام أن الجيش الإسرائيلي دفع بتعزيزات عسكرية كبيرة لقواته الموجودة في هضبة الجولان تحسباً لأي تطورات في المنطقة. وكان ليبرمان قال أمام نواب حزبه "سنلتزم تماماً من جانبنا باتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 وسنصر على الالتزام بحذافيرها وأي انتهاك سيقابل برد عنيف من قبل دولة إسرائيل". واتهم النظام السوري مساء الأحد إسرائيل بضرب قاعدة التيفور الجوية في محافظة حمص، ولكن إسرائيل رفضت التعليق كما هي العادة على مثل تلك العمليات.
وقال ليبرمان بعد يوم من اتهامات دمشق: "بشأن أمس قرأت عنه في الصحف اليوم وليس لدي ما أضيفه"، مضيفاً: "ربما أضيف أمراً واحداً هو أن سياستنا لم تتغير. لن نسمح بترسيخ وجود إيران في سورية ولن نسمح للأراضي السورية بأن تتحول إلى نقطة انطلاق ضد دولة إسرائيل. لم يتغير شيء. ليس هناك جديد".

ومن الواضح أن تل أبيب تحاول تجنّب خيار التدخل العسكري المباشر جنوب سورية، من خلال إبرام تفاهمات مع الروس تعيد الجنوب السوري لقوات النظام التي حافظت على حدود إسرائيل الشمالية منذ اتفاق وقف إطلاق النار في عام 1974. وتريد إسرائيل من الجانب الروسي إبعاد مليشيات إيرانية تساند النظام من حدودها الشمالية، فهي تصر على منع إيران من ترسيخ وجود عسكري على مقربة منها. وتشارك عمّان، تل أبيب نفس القلق من الوجود الإيراني في جنوب سورية، وهو ما قد يعزز الوجود الروسي على حساب إيران التي لا تزال تؤكد على لسان مسؤوليها أنها "ستبقي على وجودها العسكري في سورية بعد هزيمة داعش، لمواجهة المخططات الإسرائيلية، وأن المستشارين العسكريين الإيرانيين سيواصلون عملهم في سورية بنفس الطريقة". وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قالت الأحد إنّ عناصر من "حزب الله" والمليشيات الإيرانية شاركوا في العمليات القتالية، عبر الاندساس بين قوات النظام السوري، وبالزي العسكري لجيش النظام، لكن مجمل انتشار قوات النظام في درعا تم من دون مشاركة مليشيات إيرانية أو قوات من "حزب الله"، بحسب "هآرتس".

المساهمون