إعادة فرز الأصوات العراقية في غضون أسبوع: المفاوضات متوقفة

إعادة فرز الأصوات العراقية في غضون أسبوع: المفاوضات متوقفة

08 يونيو 2018
تظاهرة للتركمان في بغداد احتجاجاً على تزوير الانتخابات (الأناضول)
+ الخط -
قرابة 10 ملايين ورقة اقتراع سيتم فحصها يدوياً واستخراج النتائج النهائية، بعيداً عن أجهزة العدّ الإلكترونية، بعد استبعاد أصوات عراقيي الخارج ونازحي الداخل، والبالغة أكثر من مليون صوت، وفقاً لمقررات البرلمان التي باتت ملزمة وباشرت فرق القضاء العراقية تنفيذها على ضوء المادة 78 من الدستور العراقي. ومن المقرّر أن تصل، صباح اليوم الجمعة، فرق قضائية أخرى لوضع يدها على مكاتب المفوضية العليا للانتخابات في جميع محافظات البلاد الثماني عشرة، بما فيها محافظات إقليم كردستان العراق، وفق ما أكّدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، لافتةً إلى أنّ مقر المفوضية الرئيس الواقع على مقربة من المنطقة الخضراء، "أصبح تحت وصاية القضاء بشكل كامل بعد طرد أعضاء المفوضية ومسؤوليها منه، بشكل فيه شيء من الإهانة، من قبل القوات التي ترافق الفريق القضائي العراقي".

وقال مسؤول عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنه من المقرر أن تبدأ عملية العدّ والفرز يدوياً لجميع صناديق الاقتراع في البلاد موزعة على أكثر من 54 ألف محطة اقتراع ضمن 18 دائرة انتخابية، "خلال أقل من أسبوع واحد من الآن"، موضحاً أنّه "تمّت تسمية تسعة قضاة كبار من قبل المجلس الأعلى للقضاء، وسيجتمعون الأحد لمناقشة خطة عملية العد والفرز".

ولفت الوزير ذاته إلى أنّ "كل صناديق وأجهزة الاقتراع باتت محمية قضائية وكل قاض منتدب بمثابة مدير عام وله صلاحيات واسعة"، كاشفاً عن أنّه "ستتم الاستعانة بموظفي ديوان الرقابة المالية وجامعة بغداد وكوادر من وزارة التربية ومحاكم البدائية بالمحافظات ونقابة المحامين، للمساعدة في عملية العدّ والفرز اليدوية، التي قد تستغرق أكثر من أسبوع".

وقال الوزير إنه "من المؤكّد أنّ عدداً من مسؤولي المفوضية وأعضاء مجلس أمنائها سينتهي بهم الحال في السجن، إمّا لدلائل ووثائق تتعلّق برشى مالية أو تحيّز لكيانات سياسية، أو بسبب الأجهزة الفاسدة التي تمّ شراؤها للتصويت الإلكتروني، وتبيّن أنها غير مناسبة وغير دقيقة، فضلاً عن أنّ سعرها الذي تمّ احتسابه على الحكومة مضاعف عن السعر الحقيقي مرات عدة".

وتمّ سحب أفراد الأمن الموجودين في المفوضية واستبدالهم بآخرين، وفقاً لإجراءات مجلس القضاء الأعلى، الذي فرض حظراً هو الآخر على اقتراب السياسيين والمسؤولين من مقرات ومكاتب المفوضية.


وفي هذا السياق، أكّد عضو في تحالف "النصر"، الذي يتزعمه رئيس الحكومة العراقية الحالي حيدر العبادي، أنّ "قرارات البرلمان الأخيرة ستغيّر الكثير من شكل البرلمان الجديد، وبعض الوجوه التي صعدت للبرلمان ستخرج منه، وبالعكس، هناك من خسر سيرجع إلى البرلمان فائزاً بمقاعد تؤهله لذلك، وأبرزهم رئيس البرلمان الحالي سليم الجبوري". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "المرحلة المقبلة ستكون خطيرة للغاية، وستواجه العراق مشاكل كثيرة بسبب الأزمات السياسية التي ستظهر عقب النتائج الجديدة، التي ستكون مختلفة عن الأصلية. وننتظر حالياً رأي القضاء العراقي بخصوص هذه المستجدات"، مشيراً إلى أنّ "كل الكتل السياسية ستتأثّر بنتيجة العدّ اليدوي، وتحالف سائرون إذا قلّت حظوظه، قد يوعز لجمهوره بالعودة إلى التظاهرات مجدداً".

ولفت عضو تحالف "النصر" إلى أنّ "هناك أسماء معروفة ستعود من جديد إلى البرلمان، مثل حنان الفتلاوي ومشعان الجبوري وعلي الشلاه وسلمان الجميلي، ووجوه يصح القول إنها عامل فتنة دينية بالعراق، كما ستسقط أخرى، مثل ظافر العاني، وتتراجع أصوات أخرى، مثل نوري المالكي"، مؤكداً أنّ "مقاطعة بعض الكتل المتصدرة بنتائج الانتخابات (الصدريون والنصر والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الكردستاني والحل)، دليل على أنهم يخشون خسارة عدد من مقاعدهم إذا ما تم الفرز والعدّ يدوياً".

من جهته، أوضح القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، سعد المطلبي، أنّ "أكثر من نصف مليون صوت ستحتسب بالمرحلة الجديدة، بعدما أهملتها مفوضية الانتخابات لاعتبارات فنية". وقال المطلبي، في حديث مع "العربي الجديد": "سعينا الذي تُوّج بالنجاح، وهو إعادة العدّ والفرز وإحالة المفوضين إلى هيئة النزاهة، هو لإعادة قدسية الانتخابات والثقة بين المواطن والعملية السياسية، وليس لتغيير النتائج. نحن لدينا 25 مقعداً ونرتّب حالياً مع الكتل الأخرى لتشكيل حكومة الأغلبية التي نسعى لتحقيقها".

وأضاف أنّ "تبدل نتائج الانتخابات لا يهمنا، وأتمنى أن يكشف العدّ والفرز اليدوي بعض عمليات التزوير في الانتخابات الأخيرة"، مشيراً إلى أنّ "العد والفرز اليدوي سيحسب نصف مليون ورقة انتخابية تمّ إهمالها بسبب الأخطاء الفنية التي عانت منها الأجهزة الإلكترونية والتي تتلخّص بموضوع جدار المربع الانتخابي وملامسته للختم".

من جانبه، أكّد عضو تحالف "سائرون"، حسين النجار، لـ"العربي الجديد"، أنّ "مرحلة العدّ والفرز اليدوي والقائمين عليها، عليهم أن يحرصوا جيّداً على أصوات الناخبين، ولكن أسأل أين كان هذا الرفض من النواب، عندما كنا نتظاهر في ساحات بغداد للمطالبة بوجوب تغيير مفوضية الانتخابات وفق نظام جديد، بالاعتماد على الاستقلالية والكفاءة؟ ولماذا لم يسمع أصواتنا مجلس النواب؟"، مشيراً إلى أنّ "الفاسدين وقفوا أمام مطالبنا بتعديل مفوضية الانتخابات، وها هم قد خسروا بالانتخابات وتوجهوا لتعديل قانون الانتخابات لينتفعوا منه بما يتناسب مع طموحاتهم". وقال إن "نتائج تحالف سائرون لن تتأثّر، وسيبقى الفائز بالأصوات الأعلى حتى بعد إعلان نتائج العدّ والفرز اليدوي".

بدوره، أوضح الخبير القانوني علي التميمي، أن "مخرجات مجلس النواب المتعلّقة بإعادة العدّ والفرز يدوياً لا غبار عليها، وهي قانونية ونافذة من تاريخ التصويت عليها في مجلس النواب"، لافتاً إلى أنّ "البرلمان استبدل مجلس المفوضين بتسعة قضاة، وسيكونون مشرفين على الانتخابات فقط، وليسوا إداريين، وفي كل محافظة سيكون هناك قاضٍ". وأضاف في حديث مع "العربي الجديد"، أن "مجلس النواب العراقي يحق له التصويت على قضايا أخرى خلال الأيام المقبلة، لأنه ما زال يعمل وفق القانون، وصلاحياته تنتهي نهاية الشهر الحالي".

 

توقّف مفاوضات الكتلة الأكبر

وفي سياق متصل، قال القيادي في التيار المدني العراقي، أحمد سلام المياحي، إنّ قرارات البرلمان "أصابت المفاوضات بين الكتل السياسية بالشلّل، إذ توقّفت خلال الساعات الماضية بشكل كامل"، مبيناً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "إلغاء أصوات الناخبين في المهجر، وكذلك أصوات النازحين، وإعادة العدّ والفرز، قد ينتج عنها صعود كتل ونزول أخرى، وهو ما قد يعيد خارطة أولويات الكتل السياسية في ما بينها".

وتابع المياحي "نتحدّث عن 15 إلى 20 نائباً سينزلون من قائمة الفائزين، فيما سيصعد آخرون كانوا خاسرين بدلاً منهم"، متسائلاً "لكن ماذا عن العدّ والفرز اليدوي، كم سيظهر تفاوت وكم سيكشف من عمليات تزوير؟". وختم بالقول "الوقت بات أطول وهناك مساحة انتظار وتفاوض كبيرة بين الكتل، فمن غير المرجح أن تنتهي عملية التشابك الحالية قبل نهاية الشهر الجاري"، وفقاً لقوله.